الرئيسية - محليات - مواطنون: منازلنا المبنية من “القش” لا تمنع عنا المطر ولا تقينا حر الشمس
مواطنون: منازلنا المبنية من “القش” لا تمنع عنا المطر ولا تقينا حر الشمس
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

الحديدة / فتحي الطعامي –

داخل أسوار ميناء الحديدة تقع أقدم قرى مدينة الحديدة وربما تهامة… قرية الجتامية أو ما يعرف بقرى جبل الناس يسكن فيها ما يقارب من ثلاثة آلاف مواطن ومواطنة هؤلاء المواطنون وبالرغم من وجودهم داخل حرم أهم مرفق حيوي في المحافظة إلا أنهم يعيشون وضعاٍ مأساوياٍ بكل ما تعنيه الكلمة من معنى … فبيوتهم من القش والكراتين وماؤهم من الآبار أو ما يعرف عندهم بالحسي المليئة بالأتربة والأوساخ ناهيك عن غياب التعليم وانعدام الصحة.

عبر البوابة الشرقية لميناء الحديدة وبعد التفتيش الدقيق من قبل رجال الأمن الموجودين في البوابة دخلنا إلى قرية الجتامية وهناك كانت الفاجعة فهذه القرية الموجودة داخل أسوار ميناء الحديدة هي أشبه بقرية تعود لزمن غير الزمن الذي نعيش فيه.. بيوت من القش والكراتين حيوانات الحمير والجمال .. لا ماء سوى ما يوجد في البئر المتسخة تستعمل لشرب الآدميين والحيوانات على السواء .. لا مدارس ولا تعليم فأغلب أو جميع من هو داخل هذه المنطقة يعيشون في أمية متفشية كما أن هذه المنطقة تعيش في ظلام دامس بالرغم من وجودها داخل أسوار أهم منشأة حيوية بالبلاد (ميناء الحديدة) فأبناء هذه المنطقة لا يعرفون عن الميناء سوى سيارات رجال الأعمال الفارهة التي تدخل من البوابة إلى الميناء بهدف متابعة بعض الشاحنات … إهمال وتهميش اقتربنا من منازل القش فإذا بالمواطنين يتجمعون حولنا وكأننا من كوكب آخر تجمع حولنا الأطفال والعجائز والنساء وبادروا بسؤالنا عن سبب دخولنا إلى منطقتهم وهل نحن من مسئولي الدولة … فأخبرناهم أننا صحفيون … احتشد الأطفال الذين لا يوجد حول أجسادهم سوى بناطيل أو سراويل داخلية والرجال بالملابس المهترئة والنساء بملابس ريفية بدائية … منظر يوحي بمقدار الإهمال والتهميش الذي يعانيه أبناء هذه المنطقة منذ عدة عقود. ويقول العديد من أبناء قرية الجتامية: إن سبب الوضع السيئ الذي يعيشونه يعود إلى منح مساحة كبيرة من أراضيهم لأرباب المال والأعمال قبل عدة سنوات لإقامة مشاريع استثمارية ومصانع دون الرجوع إلى أصحاب الحق. وهو ما اعتبره أبناء هذه القرية تعدياٍ على أملاكهم مما دفعهم إلى رفع دعاوى قضائية ضد من أقاموا مشاريع استثمارية في أراضيهم وصدرت لصالحهم أحكاما قضائية قضت بدفع مبالغ مالية كبيرة تعويضاٍ لهم عن الأرض التي أخذت منهم لإقامة مشاريع استثمارية إلا أن تلك الأحكام لم تنفذ كما يقولون. صورتان مختلفتان منذ عقد ونيف شرعت السلطات الحكومية وبحجة حماية ميناء الحديدة إلى بناء جدار يبلغ طوله 2 كيلو متر ليتم محاصرة أبناء هذه المنطقة داخل هذا السور فأصبحوا معزولين عن العالم الخارجي بشكل كامل وباتوا لا يدخلون إلى منازلهم إلا عبر بوابة الميناء الشرقية … وهنا تظهر لك صورتان مختلفتان بين ما هو خارج السور والجدار من مبانُ مصانة وعمارات شاهقة وبين قرية الجتامية التي تعيش في قرون غابرة من حيث الخدمات والرعاية والاهتمام وحتى التفكير … في خارج السور والجدار سيارات ومركبات وشاحنات نقل متطورة تقل البضائع وفي داخل السور حمير وجمال ومواشي… في خارج السور إنارات ضخمة وسفلتات للشوارع وفي هذه القرية ظلام دامس وأجواء معكرة بفعل الأدخنة المتصاعدة من الصوامع الحكومية والتجارية . فقر وقهر يقول الحاج درويش: أطفالنا اليوم لا يعرفون المدارس ونحن نسكن في بيوت من القش والكراتين لا تحمينا لا من المطر ولا من لهيب الشمس .. نشوف أرضنا التي نهبت وقد بني عليها المشاريع العملاقة والمصانع والصوامع ونحن نعاني الفقر والعجز والقهر والمرض. ويضيف: ذهبنا إلى المحكمة عدة مرات وحكمت لنا المحكمة بموجب الوثائق التي معنا لكن الجهات المختصة مصرة على إخراجنا من أرضنا وبدون مقابل وبدون أي تعويض .. أين العدالة التي يتكلمون عنها .. وحقوق الإنسان … نحن هنا في أرضنا ولا يمكن أن نخرج منها مهما حصل ولن نتنازل عنها .. وعلى الحكومة أن تعوضنا التعويض العادل ونقلنا الى منطقة أخرى توازي من حيث القيمة الأرض المملوكة لنا أو تركنا في هذا الوضع المؤلم وسيعاقب الله من كان السبب .. تعويض الجتامية مكتب أراضي الحديدة أكد أن الأرض التي يقطنها أبناء قرية الجتامية تعد ضمن المرافق العامة للدولة وأن المصلحة تكمن في إخراج المواطنين من هذه المنطقة وتعويضهم بأرضُ أخرى . وأضاف مدير الأراضي في الهيئة العامة لأراضي وعقارات الدولة بالحديدة محمود الشميري: أن هذه القضية (إخراج الجتامية من داخل حرم الميناء) قد صدر فيها حكم قضائي قضى بإخراج الجتامية من الأرض التي يقطنون فيها وتعويضهم بأرضُ وبما يوازي ما يمتلكون: ونحن سنعمل في هيئة الأراضي على إيجاد أرض تتناسب مع أعداد المواطنين الذين سيخرجون من هذه المنطقة كما أن على الدولة توفير الخدمات لهم من صحة وتعليم وكهرباء ومياه .