الرئيسية - الدين والحياة - قطع الطرقات وتخريب المنشآت أخطر صور الأذى التي حرمها الإسلام
قطع الطرقات وتخريب المنشآت أخطر صور الأذى التي حرمها الإسلام
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

لقد جاء النبي الكريم بالرسالة الخاتمة التي تصلح لكل زمان ومكان فديننا لم يدع خلقاٍ كريما إلا وحث عليه ولا تصرفا سيئا إلا وحذر منه فهو دين للعالمين حيث أنه قد نظم علاقة أفراد المجتمع بعضهم ببعض فلم يبح للقوي ظلم الضعيف ولا للغني نسيان الفقير ولا للجار إيذاء جاره فعن مفهوم إيذاء الآخرين وصوره وانعكاساته على المجتمع التقينا الدكتور نصر محمد السلامي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين..

* بداية فضيلة الدكتور.. ما معنى الإيذاء¿ – كلمة الإيذاء: مصدر من الفعل (آذى) ومعناه: القيام بأقوال أو أفعال تْدخل الألم والحزن والضرر على الآخرين ومن ذلك قوله تعالى: {إنِ الِذينِ يْؤúذْونِ اللِهِ وِرِسْولِهْ لِعِنِهْمْ اللِهْ في الدْنúيِا وِالآِخرِة وِأِعِدِ لِهْمú عِذِابٍا مْهينٍا وِالِذينِ يْؤúذْونِ الúمْؤúمنينِ وِالúمْؤúمنِات بغِيúر مِا اكúتِسِبْوا فِقِد احúتِمِلْوا بْهúتِانٍا وِإثúمٍا مْبينٍا} [الأحزاب: 57-58]. وكذلك ما جاء في حديث عبد اللِه بن بْسúرُ أنِ رجلاٍ جِاءِ يِتِخِطِى رقِابِ النِاس يِوúمِ الجْمْعِة وِالنِبىْ -صلى الله عليه وسلم- يِخúطْبْ فِقِالِ لِهْ: (اجúلسú فِقِدú آذِيúتِ) رواه أبو داود. * ما هي صور إيذاء الآخرين¿ – هناك أنواع كثيرة فمن حيث نوع الإيذاء يشمل الآتي: * السب والشتم: عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سبِابْ الúمْسúلم فْسْوقَ وِقتِالْهْ كْفúرَ ) رواه مسلم. * القذف: قال الله تعالى: {إنِ الِذينِ يِرúمْونِ الúمْحúصِنِات الúغِافلات الúمْؤúمنِات لْعنْوا في الدْنúيِا وِالúآِخرِة وِلِهْمú عِذِابَ عِظيمَ}النور:23 * سوء الظن والتجسس والغيبة: يقول الله ناهيا عنها: { يِا أِيْهِا الِذينِ آِمِنْوا اجúتِنبْوا كِثيرٍا منِ الظِن إنِ بِعúضِ الظِن إثúمَ وِلا تِجِسِسْوا وِلِا يِغúتِبú بِعúضْكْمú بِعúضٍا أِيْحبْ أِحِدْكْمú أِنú يِأúكْلِ لِحúمِ أِخيه مِيúتٍا فِكِرهúتْمْوهْ وِاتِقْوا اللِهِ إنِ اللِهِ تِوِابَ رِحيمَ}(الحجرات:12) وعن أِبي هريرة – رضي الله عنه -: أنِ رسْولِ الله – صلى الله عليه وسلم – قِالِ: ( أِتِدúرْونِ مِا الúغيبِةْ¿ ) قالوا: اللهْ وِرِسْولْهْ أعúلِمْ قِالِ: ( ذكúرْكِ أخِاكِ بما يِكúرِهْ ) قيلِ: أفِرِأيúتِ إنú كِانِ في أخي مِا أقْولْ¿ قِالِ: ( إنú كِانِ فيه مِا تِقْولْ فقد اغúتِبúتِهْ وإنú لِمú يِكْنú فيه مِا تِقْولْ فِقِدú بِهِتِهْ ) رواه مسلم. * النميمة: عن حْذِيúفِةِ – رضي الله عنه – قِالِ: قِالِ رسولْ الله – صلى الله عليه وسلم -: ( لا يِدúخْلْ الجِنِةِ نِمِامَ ).متفق عِلِيúه. وعن ابن عباسُ رضي الله عنهما: أنِ رسولِ الله – صلى الله عليه وسلم – مرِ بقِبúرِيúن فِقِالِ: ( إنِهْمِا يْعِذِبِان وِمِا يْعِذِبِان في كِبيرُ ! بِلِى إنِهْ كِبيرَ: أمِا أِحِدْهْمِا فِكِانِ يِمúشي بالنِميمِة وأمِا الآخِرْ فِكِانِ لاِ يِسúتِترْ منú بِوúله ). متفق عِلِيúه. * السرقة: قال تعالى: { وِالسِارقْ وِالسِارقِةْ فِاقúطِعْوا أِيúديِهْمِا جِزِاءٍ بمِا كِسِبِا نِكِالٍا منِ اللِه وِاللِهْ عِزيزَ حِكيمَ}(المائدة:38) * النهب: عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال (لا يزني الزاني حين يزني……. ولا ينتهب نهبة يرفع الناس إليه فيها أبصارهم وهو مؤمن ) متفق عليه. * الظلم والغصب: عن عائشة رضي الله عنها: أن رِسْول الله – صلى الله عليه وسلم – قِالِ: ( مِنú ظِلِمِ قيدِ شبúرُ منِ الأرúض طْوقِهْ منú سبúع أرِضينِ ) مْتِفِقَ عِلِيه. * القتل: قال تعالى: {وِمِنú يِقúتْلú مْؤúمنٍا مْتِعِمدٍا فِجِزِاؤْهْ جِهِنِمْ خِالدٍا فيهِا وِغِضبِ اللِهْ عِلِيúه وِلِعِنِهْ وِأِعِدِ لِهْ عِذِابٍا عِظيمٍا}(النساء:93). * قطع الطرقات وتخريب أنابيب النفط وضرب أبراج الكهرباء: وهذا من أشد أنواع الإيذاء لأنها تشمل عدداٍ أكبر من الناس ولأنه يترتب عليها أضرار كبيرة ومفاسد عظيمة…وحكم هذه الأعمال في هذه الآية: { إنِمِا جِزِاءْ الِذينِ يْحِاربْونِ اللِهِ وِرِسْولِهْ وِيِسúعِوúنِ في الأِرúض فِسِادٍا أِنú يْقِتِلْوا أِوú يْصِلِبْوا أِوú تْقِطِعِ أِيúديهمú وِأِرúجْلْهْمú منú خلافُ أِوú يْنúفِوúا منِ الúأِرúض ذِلكِ لِهْمú خزúيَ في الدْنúيِا وِلِهْمú في الآِخرِة عِذِابَ عِظيمَ }(المائدة:33). وأما من حيث مصدر الإيذاء فهو على نوعين: أذى اللسان وأذي اليد وفيها جاء حديث أِبي مْوسِى قِالِ: قْلúتْ يِا رِسْولِ اللِه أِيْ الإسúلاِم أِفúضِلْ¿ قِالِ:« مِنú سِلمِ الúمْسúلمْونِ منú لسِانه وِيِده » رواه البخاري ومسلم. وأما من حيث من يقع عليهم الأذى فثلاثة أنواع: – أذى الناس: ويشمل أذى الوالدين وأذى الجار وأذى المسلمين وأذى المعاهدين. – أذى الحيوان: عِنú أِبي هْرِيúرِةِ عِنú رِسْول اللِه -صلى الله عليه وسلم- قِالِ:« دِخِلِت امúرِأِةَ النِارِ في هرِةُ رِبِطِتúهِا فِلاِ هي أِطúعِمِتúهِا وِلاِ هي أِرúسِلِتúهِا تِأúكْلْ منú خِشِاش الأِرúض حِتِى مِاتِتú هِزúلاٍ » رواه البخاري ومسلم. – أذى النبات: عن عبد الله بن حبشي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قطع سدرة صوب الله رأسه في النار) رواه أبو داوود سئل أبو داود عن معنى هذا الحديث فقال هذا الحديث مختصر يعني من قطع سدرة في فلاة يستظل بها ابن السبيل والبهائم عبثا وظلما بغير حق يكون له فيها صوب الله رأسه في النار. * ما هي انعكاسات هذه الصور¿ – انتشار هذه الصور من أنواع الأذى في المجتمع المسلم تؤدي إلى تمزقه وتفرقه فهي تدمر الأخوة الإسلامية التي هي الركيزة الأساسية للمجتمع المسلم وتقضي على المحبة والتعاون التي أمر الله بها وتضع مكانها الكراهية والحقد والصراع مما يؤدي إلى إضعاف المجتمع وتفككه وهلاكه وسيطرة العدو على مقدراته وخيراته. كما أن لكل فعل ردة فعل فمن يؤذي الناس لن يجد من الناس إلا الأذى ومن يحسن إلى الناس يحسن الناس إليه فالأذى يجر الأذى والإحسان يجر الإحسان. ومن مهام الشيطان التحريش بين الناس وهو يستغل أي نقص في حسن المعاملة والمخاطبة ليحرش بين الأصحاب يقول الله تعالى: {وِقْلú لعبِادي يِقْولْوا الِتي هيِ أِحúسِنْ إنِ الشِيúطِانِ يِنúزِغْ بِيúنِهْمú إنِ الشِيúطِانِ كِانِ للإنúسِان عِدْوٍا مْبينٍا}(الإسراء 53) وهذا في المخاطبة بما ليس هو الأحسن فكيف بمن يتعمد الأذى¿! مفهوم إيذاء الآخرين من الأعمال المتعدية التي يفوق وزرها الأعمال القاصرة على الشخص.. نرجو من فضيلة الدكتور توضيح هذا المعنى¿ نعم. هناك جرائم يقتصر ضررها على الشخص نفسه كترك الصلاة مثلا وهناك جرائم يتعدى ضررها إلى الآخرين ويكون إثمها أكبر من الجرائم القاصرة لأن ضررها أوسع فعلى قدر توسع الضرر يكون الإثم. وإيذاء الآخرين من هذا النوع الذي يتعدى ضرره إلى الآخرين وهذا ما يدل عليه حديث المفلس يقول فيه رسول الله: « إنِ الúمْفúلسِ منú أْمِتى من يِأúتى يِوúمِ الúقيِامِة بصِلاِةُ وِصيِامُ وِزِكِاةُ وِيِأúتي قِدú شِتِمِ هِذِا وِقِذِفِ هِذِا وِأِكِلِ مِالِ هِذِا وِسِفِكِ دِمِ هِذِا وِضِرِبِ هِذِا فِيْعúطِى هِذِا منú حِسِنِاته وِهِذِا منú حِسِنِاته فِإنú فِنيِتú حِسِنِاتْهْ قِبúلِ أِنú يْقúضِى مِا عِلِيúه أْخذِ منú خِطِايِاهْمú فِطْرحِتú عِلِيúه ثْمِ طْرحِ فى النِار » رواه مسلم. ولهذا شدد الإسلام في أمر أذى المسلم حتى جعله من أشد أنواع الربا فعن سِعيد بن زِيدُ عِن النِبي – صلى الله عليه وسلم- أنه قِالِ:« إنِ منú أِرúبِى الربِا الاسúتطِالِةِ في عرúض الúمْسúلم بغِيúر حِقُ » رواه أبوداود. * هناك من يقوم بإيذاء الآخرين بصورة أو أخرى مدعياٍ أنه يمارس حريته .. فما قولكم¿ – لا توجد حرية مطلقة في هذا العالم لأن إطلاقها سيؤدي إلى تصادمها مع حريات الآخرين ولذلك وجدت القوانين في الدول ومن هنا قيل: أنت حرَ ما لم تضر فحريتك تتوقف عندما تضر الآخرين وهذا أمر متفق عليه شرعاٍ وعقلاٍ. * أخيراٍ فضيلة الدكتور هل من كلمة تقدمونها للقراء الأعزاء.. – كلمتي إلى جميع المواطنين في بلادنا الحبيبة: أن ينتبهوا لهذا الأمر وأن يتجنبوا أذية الآخرين حتى لا تذهب حسناتهم لصالح من يؤذونهم وأن يتذكروا أن كف الأذى من أفضل الإسلام وإذا كان الرسول الله صلى الله عليه وسلم قد اعتبر أن إماطة الأذى عن الطريق من شعب الإيمان فإن وضع الأذى في طريق الناس من النفاق فكيف بمن يتعمد أذى الناس بما هو أكبر منه. وتأملوا معي حديث أبي هريرة قال: قال رجل: يا رسول الله إن فلانة يْذكر من كثرة صلاتها وصيامها وصدقتها غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها¿ قال: (هي في النار) قال: يا رسول الله فإن فلانة يْذكر من قلة صيامها وصدقتها وصلاتها وإنها تصدق بالأثوار من الأقط ولا تؤذي جيرانها بلسانها¿ قال: (هي في الجنة) رواه أحمد بسند حسن. وهذا فيمن يؤذي جاره فكيف بمن يؤذي ملايين الناس كما يفعله من يضرب الكهرباء. فليعلم الناس أن كف الأذى عن العالمين هو دليل صدق الإيمان وعلامة على الهداية والاستقامة.