الرئيسية - الدين والحياة - حاجتنا إلى فقه جديد
حاجتنا إلى فقه جديد
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى -ص آله وأصحابه أجمعين.. وبعد:

* فالحق إننا في حاجة إلى فقه جديد نستحق به أن يكون ممن وصفهم الله سبحانه وتعالى بأنهم قوم يفقهون ولا يقصد بالفقه هنا العلم المعروف الذي اصطلح على تسميته فقها الذي يعني معرفة الأحكام الشرعية الجزئية من أدلتها التفصيلية من كأحكام الطهارة والنجاسة والعبادات والمعاملات وغيرها. * فهذا العلم على أهميته ليس هو ما قصدته بالفقه وإنما نقصد بالفقه هنا المعرفة والبصيرة بسنن الله في الأنفس والآفاق وسنن الله في خلقه وعقوباته لمن انحرف عن صراطه. * إن القرآن الكريم ذكر مادة “ف.ق.ه” في سوره المكية قبل أن تنزل الأوامر والنواهي التشريعية التفصيلية وقبل أن تفرض الفرائض وتحدد الحدود وتفصل الأحكام ” قال تعالى في سورة الأنعام وهي مكية “قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض أنظر كيف نصرف الآيات لعلكم يفقهون”. * وفي السورة نفسها “وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة فمستقر ومستودع قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون” وفي سورة الأعراف وهي مكية قوله تعالى “في ذم قوم جعلهم حطب جهنم فكان من وصفه لهم بأنهم “لهم قلوب لا يفقهون بها” وثم قال عنهم “أولئك كالأنعام بل هم أضل”. * والفقه في لغة القرآن ليس هو الفقه الاصطلاحي بل هو فقه في آيات الله وفي سننه في الكون والحياة والمجتمع حتى التفقه في الدين الذي ورد في سورة التوبة “فلو لا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين” لا يقصد به الفقه التقليدي فإن هذا الفقه لا يثمر أنذارا يترتب عليه حذر أو خشية. الفقه الذي ننشده فقه الموازنات فقه الأولويات فقه الموازنات يقصد به عدة أمور 1- الموازنة بين المصالح بعضها وبعض من حيث حجمها ومنفعتها ومن حيث عمقها وتأثيرها ومن حيث بقائها ودوامها. 2- الموازنة بين المفاسد بعضها وبعض من تلك الحيثيات التي ذكرناها في شأن المصالح الموازنة بين المصالح والمفاسد إذا تعارضتا بحيث تعرف متى تقدم دواء المفسدة على جلب المصلحة ومتى تغتفر المفسدة من أجل المصلحة. فقه الأولويات وأما فقه الأولويات فنعني به وضع كل شيء في مرتبه فلا يؤخر ما حقه التقديم أو يقدم ما حقه التأخير ولا يصغر الأمر الكبير ولا يكبر الأمر الصغير هذا ما تقضي به قوانين الكون وبما تأمر به أحكام الشرع. غياب فقه الأولويات عن كثير من المسلمين إن آفة الأمة في عصرنا هذا غياب فقه الأولويات عنها فكثيرا ما تهتم بالفروع قبل الأصول وبالجزئيات قبل الكليات وبالمختلف فيه قبل المتفق عليه وهذا هو الحال عند عموم المسلمين. وإن من قفه الأولويات أن نعرف أي القضايا أولى بالاهتمام فنعطي من الجهد والوقت أكثر من يعطى غيرها. وعن فقه الأولويات أن نعرف واجب الوقت فنقدمه على غيرها ونعطيه حقه ولا نؤخره فتعون فرصة قد لا تعوض إلا بعذر من طويل وقد لا تعوض يوما وقد قبل لعمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه آخر عمل هذا اليوم وتم به غدا فقال لقد أعياني عمل يوم واحد فكيف إذا اجتمع على المحل يومين. نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من أهل الفكر والبصيرة وممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

عضو بعثة الأزهر الشريف