اليمن تشارك في المؤتمر العربي الـ 38 لرؤساء أجهزة مكافحة المخدرات في تونس نائب محافظ البنك يناقش مع القائم بأعمال السفارة الصينية مستجدات الوضع الإقتصادي والمالي اللواء الزبيدي: نعول على دعم الأشقاء والأصدقاء لإخراج اليمن من أزمته الراهنة وزارة الشباب تكرّم اللاعب حمدي اليرسي لإحرازه 3 ميداليات ذهبية في بطولة العربية للكونغ فو رئيس الوزراء يحيل قضايا فساد جديدة إلى النائب العام محافظ لحج يوجه المكاتب الحكومية بسرعة إنجاز وثائق مصفوفة المشاريع التنموية اليمن توقع على اتفاقية تنظيم نقل البضائع على الطرق البرية مع جامعة الدول العربية وزير الدفاع ومحافظ حضرموت يترأسان اجتماعًا للجنة الأمنية بالمحافظة وزير الدفاع يعقد اجتماعاً موسعاً بقيادة المنطقة الثانية ويفتتح مبنى المحكمة والنيابة العسكرية رئيس الوزراء يستقبل في عدن القائم بأعمال السفارة الصينية لدى اليمن
تصور الروائية في مقاطعها الأولى ارتباط الإنسان بالأرض (الصحراء) وهو المكان الروائي الذي اختاره الكاتب إذ يصور الحميمية الناشئة بين إنسان الصحراء وطبيعتها القاسية حتى أضحت سمة سلوكية ينتعلها ذلك الأب وتمهيدا لرحلات الصيد فقد بدأ الكاتب ـ في صفحات الرواية الأولي ـ الحديث عن خلو معدته من الطعام واشتياقه له والحالة التي تنتابه حين يكون جائعاٍ فالصيد ومعرفة مواسمة وأوقاته بحسب نوع الطريدة هو مهوى قلبة وخبيئة فؤاده : (ربما نسي نفسه من حبه للصيد إلا أنه يتراجع في اللحظة الأخيرة ولا يصيد إلا في أوقات خشية إيذائها ونفورها من الأماكن التي يزورها إذ أن الطيور لها أوقات والأرانب لها أوقات مختلفة ويحرص أبي على اصطياد ( القطا ) في موسمها الخريفي كل عام )1 . في المقطع السابق يلاحظ القارئ المدقق كيف نقل الكاتب حياة الصحراء بصورة جمالية منسابة إلى الذهن كأنه يتحدث عن دوحة ماء يترقرق من بين أصابع الكاتب إذ يضعك مع الفعل الروائي وجهاٍ لوجه في صورة استاتيكية مبهرة يطرِزها الكاتب بأبيات شعرية على لسان الراوي ( الأب ) ومن هذه الابيات قول الشاعر : ( نعد الليالي والليالي تعدنا : العمر ينقص والليالي بزايد قولوا لبيت الفقر لا يأمن الغنا : وبيت الغنا لا يأمن الفقر عايد )2 يعالج الكاتب في صفحات من الرواية مشكلة التطرف الديني المتمثل بالمذاهب من خلال سرد قصة حب أفضت إلى زواج بين رجل سني وامرأة بدوية شيعية في صحراء شمال الجزيرة العربية وكيف كانت حياتهما ملئوها السعاة والمحبة وكيف كانت شركة ( أرامكو ) مئال كل العاملين فيها على أختلاف جنسياتهم موذاهبهم وهي الشركة التي يعمل فيها بطل العمل وينتقد الكاتب الممارسات الدينية الخاطئة لمتطرفي الشيعة من خلال عرض بعض أعمالهم التي تسئ للدين مثل جلد أنفسهم وتقديس الأشخاص وغيرها من الممارسات الخاطئة التي يمارسونها في ذات الوقت الذي ينتقد فيه أتباع المذهب الشيعي يشن هجوماٍ لاذعاٍ على هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في السعودية من خلال حديثه عن ولع ( الراوي العليم ) بالفن التشكيلي والنحت { وهو فن عالمي لا يختلف عليه اثنان ممن وصلا إلى مرحلة من الوعي والثقافة } وتحريم الهيئة لهذه الفنون حتى لو كانت اللوحة تصور بطولة طفل من أطفال الحجارة وهو يقف بوجه مجموعة من الصهاينة اليهود3 جسد ذلك من خلال نقده للمعلم الذي جاء إلى مدينتهم ووقف يتفرج على لوحاته وهو يقول : ” ماهذا ¿ ألا تعرف أن ما تقوم به حرام ! “4 هذا الاستخدام المدجج للدين استطاع الكاتب أن يميط عنه قناع الزهد ليظهر الوجه الآخر الذي يشوِه الدين ويخدم الانظمة . خالد اليوسف : يجمع جمعاٍ حميمياٍ بين المتضادات في وصف شيق وممتع في صـ48 º يصف لحظة لقاء حبيبين تحت زخات قطرات الماء البارد في هجير الصحراء كعصفورين طال فراقهما وصدفة التقيا في لحظة تهيأت ظروفها للتماهي ببعضهما وفي صـ51 يصف حالة الوجد الإلهي الذي ينتابه حين يقرأ القرآن وكيف تدمع عيناه خشية ورهبة . هذة القدرة لدى الكاتب على معايشة وتقمص الحالة لحظة الكتابة إنما تدل على روح شفافة تتفاعل مع الحدث وتذوب فيه وتعنى أيضاٍ أن هذه الروح غير مؤدلجة ومنمطة وكأنها جناحي طائرُ يحلق في فضاء الكون الواسع . جمع الكاتب ببراعة كل التفاصيل اليومية ( لوحشة النهار ) فقد نقل للقارئ الكريم صورة عن أخبار الصحف اليومية إذ سرد إحصائيات لعدد المصابين بمرض انفلونزا الخنازير في بلدة ( السعودية ) أغسطس 2009م وفتوى مشايخ الحاكم التي تبرر تقصير الحكومة عن وقاية المواطن من الأمراض الفتاكة بأن من يموت بالانفلونزا المذكورة فهو شهيد هذا الاستقطاب المعرفي للرواية توحي لك قارئاٍ أن ثمة جهداٍ تدوينياٍ واعياٍ بما يريد الكاتب لتوظيفه في العمل الروائي منذ زمن مبكر . يحث الكاتب الناشئة والعامة على التثقف والقراءة والتعلم في مراحل العمر المختلفة من خلال تصوير لمكانة من دأب على ذلك في مجتمعة والمجتمعات الأخرى من خلال عرضه لشخصية ذلك الشاب الذي يأوي دوماٍ إلى الكتب والمكتبات والقراءة º ومكانته بين أهله وصحبة حين كان يتصدر المجلس إلى جوار أبيه وهو لما يتجاوز للسنة الثانية من المرحلة الثانوية حيث غدا مصرب أمثال أهل مدينته فيصف حاله حينئذُ : “شعرت بالمسئولية التي قربتني إلى صدر المجلس مع أبي وأصدقائه وضيوفه وشعرت أني رجل بثوب شاب صغير وأن عمري أكبر منهم للأهمية التي أوليت إياها منهم جميعاٍ “5 وليس في محيطه ومجتمعه بل قد يتجاوز ذلك إلى العالمية جسد ذلك من خلال حواره مع بعض الجنود الأمريكان في حرب الخليج الثانية الذين بدأوا حوارهم بينهم بالسخرية من هذا الشاب ومن معه إنهم يرضون بالقليل مما تضج به بلادهم من خيرات وأنهم يبدو لا يفقهون من أمور الحياة شيئاٍ لكن الشاب فاجأهم برده على من قال ذلك بلغته وهو يقول welcome to our country ثم دار بينهما حوار طويل أفضى إلى اقناع الأمريكان بما طرحه جعل الآخر يطرح السؤال التالي : where are you from ? وكان رد الشاب العربي بلغته أنه ينتمي إلى هذه الأرض التي فضل عدم تحديدها ويقصد الوطن العربي والأرض العربية حين رد عليه بلغته : I am from this land am a citizen now in فيما تناوله الكاتب في حديثه مع الأمريكان إنما يريد أن يوصل ـ للآخرـ رسالة مفادها أن الإنسان العربي ليس غبياٍ كما تصوره هو وإنما العربي لديه من القيم ما تغنيه عن تلك المادة التي باتت ـ في الغرب ـ معبوداٍ من دون الله . لعل الرواية لا تخلو من شي من السيرة الذاتية فهي تصور تفاصيل الحياة اليومية لشخصية جسورة يزاور مضارب الصحراء ويهفو إلى رائحتها ووجهها الواسع . وتجاوزاٍ لعدد من مقاطع الرواية في العرض نصل بالقارئ الكريم إلى آخر مقاطعها (26) لنجده يعيدنا إلى حديث المقطع الأول عن حالة الفرد في لحظة اشتهائه وإحساسه بالجوع وما يترتب على ذلك من تصرفات داخل بيته وكأنه يعيد لذاكرة القارئ المقطع الأول من الرواية فقادني ذلك إلى القصيدة المنسوبة لزيد بن معاوية الذي يقول في نهايتها : وآخر قولي مثل ما قلت أولاٍ : أراك تروبا ولهنك المتيم : تطوف بأكناف السقاف المخيم أصابك سهم أم بليت بنظرة : فما هذه إلا سجية مغرم . تحية لخالد أحمد اليوسف º وتحية لإبداعه الذي يجسد القيم والتفاؤل ويدعو إلى لملمة شتات البيت العربي والوحدة العربية من خلال خطابه الروائي. *وكيل الهيئة العامة للكتاب ——————————- 1 ـ وحشة النهار خالد أحمد اليوسف مؤسسة الانتشار العربي 2013م ص19 2 ـ ص21 3 4 ـ ص59 55 ـ ص74