الرئيسية - اقتصاد - صناديق جمع التبرعات.. رحلة مجهولة للأموال
صناديق جمع التبرعات.. رحلة مجهولة للأموال
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

لا يكاد يخلو مركز تجاري أو مجمع خدمي من صندوق لجمع التبرعات وبمسميات متعددة ظاهرة تطرح تساؤلات عن مدى وصول هذه الأموال إلى الجهات التي تجمع باسمها وهل تخضع للرقابة من قبل الدولة¿ أم أن القائمين عليها هم فوق الشبهات¿!

شرف الحمزي أحد موظفي أمانة العاصمة يقول في حائطه على الفيس بوك «انتشار هذه الصناديق ملحوظ بكل المحال التجارية والبنوك بعدة مسميات وكلها لأعمال الخير جهد يستحق الشكر.. والتساؤل هل هناك لوائح وشروط ورقابة عليها¿ أم هي اجتهادية لا تخضع لأي اشتراطات»¿!. كانت هذه الحالة هي بداية الخيط لعمل هذا التحقيق الذي نحاول من خلاله معرفة ما إذا كان أصحاب المحال التجارية يعلمون من أصحاب هذه الصناديق وأين تذهب عائداتها وكذلك رأي الجهات المعنية والمواطن العادي الذي يضع نقوده في مثل هذه الصناديق.. فكانت الحصيلة التالية: البداية كانت مع الدكتور أحمد مذكور عميد كلية التربية بباجل جامعة الحديدة الذي قال لم أتبرع عبر تلك الصناديق قط.. من باب الحرص أن تصل صدقتي إلى مستحقيها.. وأنا حقيقة لا أحبذ انتشار تلك الصناديق بسبب ضعف الرقابة من الجهات المختصة.. وهنا لا أقصد التشكيك في مصداقية الجهات المشرفة على تلك الصناديق بقدر ما أحرص على عدم اختلاط الصحيح والهادف بالخاطئ والزائف. غير مقبولة أما الباحث التربوي عبده القادري الذي يرى أن الصناديق ظاهرة غير مقبولة من وجهة نظري لأنها أسلوب آخر من أساليب التسول الموجود في الشوارع والجوامع.. وأخذ المال عبر هذه الصناديق لا يختلف عن من يأخذه بشكل مباشر, وأنا حقيقة لا أميل إلى التبرع عبر الصناديق وذلك لعدم معرفتي من وجود تراخيص لتلك المؤسسة أم لا و نظراٍ لما نراه من تزايد عدد الصناديق لمؤسسات مختلفة ولم نجد ما يثبت لنا مصداقية وصولها إلى المقصد أم لا وما نراه من تزايد عدد المتسولين في الوقت الذي تتزايد فيه عدد المؤسسات والجمعيات التي تدعي أنها تحد من حالات الفقر. وأضاف القادري: كما أني لا أحبذ انتشارها بالشكل العشوائي وفي بقالات ومحلات غير مشهورة مما يجعل هناك تخوفات من الاستنفاع من تلك الصناديق من قبل ضعفاء النفوس, كما أن انتشار الصناديق لا تعكس أي جانب تراحمي لأن ما يوضع فيها ربما لا يكفي العاملين عليها من حيث التنقلات والمواصلات والموظفين التي من مهمتهم متابعة ذلك. كما أني لا أهتم بهذه الصناديق ولا أعلم أية جهة أو مؤسسة تتبع ولم أسأل عن ذلك لأنه لا يهمني.. ولو أراد الإنسان أن يقوم بمساعدة الآخرين هناك مقرات معينة لمؤسسات وجمعيات يجب أن يذهب الشخص إلى هناك فيأخذ سند وصل بذلك حتى تكون الأمور واضحة وشفافة أكثر منها عفوية وداعية للتطفل من قبل أشخاص. ويقول القادري هناك من لا يسألون الناس إلحافا من الفقراء من لا يعرفون جمعيات ولا شوارع ولا جوامع في مأكلهم أو ملبسهم فيجب على الجميع متابعة هذا الصنف وإعطائهم فهنا يكون الإنسان بذل جهداٍ طيباٍ لموقع صدقته ومكان حقيقي لصدقاته فيجب علينا التحري في ذلك حتى تصل يد العون إلى البطون الخاوية وتموت جوعاٍ لكن عزتها وكرامتها لم تجعلها تخرج كما يخرج الآخرون. فعلى العاملين في هذا الجانب ألا ينتظروا من يأتيهم ليرصد اسمه لديهم أو يسجله, بل عليهم التحري في ذلك بعيداٍ عن الاختلافات السياسية والعقائدية والمناطقية.. لأن الإنسانية لا تتجزأ ولا تصنف فالإنسان هو الركيزة الأساسية التي في هذه الحياة فيحب الاعتماد عليها للإنسان لا لشيء آخر. كرامة الإنسان وعظمته أكبر من أن يهان أو يساق إلى أماكن للتسول أو التردد على أبواب الجمعيات التي لا يهمها سوى العوائد من المشاريع الاستثمارية, فتحولت إلى جمعيات ربحية لا خيرية للأسف بل يتجه الكثير من رجال الأعمال إلى تأسيس جمعيات خيرية أو مؤسسات مماثلة لتكن ستارة مغلقة لفتح مشاريع متعددة باسمها تهرباٍ من الجمارك والضرائب التي ممكن أن تأخذها الدولة وأصبح الجميع يتاجر باسم الإنسان تحت اسم الإنسان للأسف, هكذا هو واقعنا المزري, وحقيقة شعب تم تجهيله ليكن لقمة سائغة لأصحاب النفوذ في البلد. فعل عاطفي أما الأخ يحيى نشوان -مدير عام العلاقات العامة والإعلام بالمؤسسة العامة للمياه- فيقول: لا أعتقد أنني تبرعت كثيرا لمثل هذه الصناديق لكن وبلا شك أننا نتبرع في مثل هذه الظروف نتيجة رد فعل عاطفي خصوصا أن أغلبها تتعلق بالجانب الإنساني مثل المصابين بمرض السرطان على سبيل المثال والعامل الآخر حسن الظن بمن وراء هذه المشاريع خصوصا أن بعض المتاجر أو المؤسسات التي تتولى حشد المال لهذه القضايا غالبا مؤسسات اسمها صورة وسمعتها جيدة.. ولا أنكر أن هناك كثيرا من الشكوك تساورنا لكن العاقبة للمتقين لأن الله سيحاسب كلاٍ منا على نيته حيث المتصدق مأجور والمحتال إن وجد محاسب وعند الله لا يظلم احد وبلا شك أن كثيراٍ من هذه التصرفات أفقدت الناس الثقة بحقيقتها حينما لم تبرز نتائجها ملموسة على أرض الواقع خصوصا وهنالك من شوه المشاريع بسوء استغلال عواطف الناس بهدف المشاريع الخيرية والصناديق الخاصة بها كما حدث في المساجد غالبا بصور متكررة وشاع الأمر أن جماعات حزبية استغلت هذا الأمر لأغراض شخصية وحزبية. وأضاف نشوان: يظل الأمر شائكا والجهات الرقابية مخولة بفعل شيء وهي المطالبة بالقيام بواجبها نحو المجتمع وحمايته من الاستغلال السيئ الذي جعله عرضة للابتزاز بأكثر من صورة وبلا شك أن الانعكاسات السلبية لذلك تؤثر على ثقة المجتمع بمن حوله وتضر بالمتضررين وتقلل من حجم التفاعل معهم.. والواحد منا يسأل كثيرا ويسمع الكثير أيضا ولكن ليس كل ما يشاع حقيقة وليس كل ما يحصل إيجابيا في مثل هذا النوع من حشد التبرعات أعتقد أن منها ما هو حقيقي ونابع من الإحساس بالمسؤولية الإنسانية ويريد الأجر وعمل الخير وهناك غير ذلك والمسألة باعتقادي نسبية بكل الأحوال وإذا تمت معاقبة المحتالين وتوعية المجتمع بالتحري بهذا الشأن فإن الأمور ستجري نحو الأفضل. مواصلة التبرع الناشط الحقوقي عبدالسلام الدروبي بدوره يقول أنه تبرع عدة مرات عبر هذه الصناديق.. ويؤكد أنه سيواصل التبرع بسبب الثقة التي تتمتع بها تلك الصناديق تتبع جهات لها مصداقية بغض النظر عن ما ندر في غايات سيئة لجمع المال. وأضاف الدروبي: الطابع العام هو أن الصناديق تساهم في عمل الخير.. ومن وجهة نظري أؤيد انتشارها ولكن لبعض الجهات التي وجدنا مصداقيتها وأعمالها الملموسة.. وقد زرت بنفسي جهة من الجهات بعينها رغم أني لم أسمع عن وجود تراخيص للجمعيات الخيرية ويبادر إلى ذهني بأنهم لم يهتموا بالتراخيص لأنه عمل خيري وليس إلزامياٍ فلم يعطوه الرقابة رغم أن الرقابة ضرورية وأؤيد فكرة التراخيص لمتابعة أعمال تلك الجهات. مندوبون خلال نزولنا الميداني وجدنا هذه الصناديق متواجدة بكثرة في مقار شركات الاتصالات وعند سؤالنا لأحد الموظفين عن سبب وجود هذه الصناديق أجاب بأنها تابعة لمؤسسات خيرية يأتي مندوبها نهاية كل شهر لأخذ ما تحتويه هذه الصناديق ووضع سند بما أخذه.. في حين هذا الموظف لا يعلم ما إذا كانت هذه الصناديق مرخصة أم لا.. وكذلك لا يعلم ما إذا كان هناك اتفاق بين الشركة وهذه الجمعيات ولا يعلم كذلك أين تذهب هذه الأموال.. إلا أنه يؤكد أنها لأعمال خير. الحاج عبدالله وائل الوصابي –صاحب بقالة في شارع هائل يقول أن مندوب إحدى الجمعيات جاء وأخبره بأن عائد هذه الصناديق يعود على فئة تستهدفها المؤسسة وأن الأموال التي تجمع تذهب لصالح هذه الفئة.. والخير لا يحتاج إلى رقابة فالرقيب هو الله سبحانه وتعالى. لا أنظمة مدير مكتب الشؤون الاجتماعية والعمل مجيب الفاتش قال أنه لا توجد أنظمة أو لوائح تنظم عمل هذه الصناديق.. وعمل المكتب هو إصدار التراخيص للمؤسسات والجمعيات الخيرية وهذه الصناديق تعتبر أحد أنشطة هذه الجمعيات.. ويكتفي المكتب بمراقبة أداء الجمعيات. وأضاف الفاتش: لم تصلنا أي شكوى حول هذا الموضوع –صناديق الخير- فلو وجدت شكوى نحاول معالجتها في حينه.