الرئيسية - الأخبار - الخيول وفائق حسن
الخيول وفائق حسن
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

صفوان الشويطر –

عادة كان يجلس في مرسمه ببغداد, يدخن الغليون ويتأمل لوحاته بصمت وزوجته الفرنسية سوزان بجواره تحيطه باهتمامها. يبدو هذا المشهد مألوفا لدى بعض متابعي الفن التشكيلي العربي والمشهد ذاته يذكرنا بصور دالي مع زوجته وملهمته جالا . ذلك هو فائق حسن (1914-1992) أحد رواد الفن التشكيلي العراقي الحديث واسم كبير في حركة التشكيل العربي عامة بما يكفي لعرض إحدى لوحاته في متحف اللوفر جنبا إلى جنب مع أعمال الفنانين العظام. تميزت أعماله باستيعاب مختلف المدارس والاتجاهات الفنية الحديثة مع تركيزه على واقعية جديدة وممارسة التجريب المستمر في آن واحد , كما ظهر لدى فائق اهتمام واضح بثيمات مألوفة من البيئة المحلية كان من أبرزها الخيل العربي التيكان يرى فيها رمزا لقيم أصيلة متوارثة ومتجذرة في الوجدان الجمعي . لوحات فائق التي صورت الخيل تتوازى فيها حيوية اللون وأثر ضربات الفرشاة مع مشهدية حركية ودرامية للخيل وتمكن بارع في إظهار السمات التشريحية لجسم الحصان ومعالم عضلاته بحسب الحركة وزاوية النظر كما يبدو ذلك في لوحته الشهيرة ” الخيول ” , ويتنوع التناول الفني والمنظوري للخيل من لوحة لأخرى لكن أعمال فائق التي تناولت الخيل تشترك جميعها في تخصيص مساحات داخل العمل الفني تعكس الفضاء المكاني الذي تحتاجه الخيل وهي تعدو أو تخب إلى جانب إتقان التدرج اللوني بحسب مسقط الضوء وتوزع الظل خاصة أن الخيل العربي مرتبطة غالبا بالصحراء والحياة البدوية حيث ضوء الشمس الغامر والذي يحتاج تجسيده في اللوحة إلى تكثيف لوني متناغم ومحسوب بدقة. يميل فائق إلى الصخب والخشونة داخل اللوحة بما لا يتعارض مع تقديم جمالية ” غنائية ” تتجلى في مركزية لون معين وطغيانه على بقية الألوان أو التركيز على ألوان بذاتها تعكس للمتلقي إيحاء نفسيا قويا كاللون الأحمر مثلا. هكذا تصبح الخيل إفصاحا إبداعيا لمكنونات العلاقة بين الفنان وعناصر الطبيعة من حوله التي تبوح به الألوان في نسق إدراكي جديد ومغاير.