الرئيسية - اقتصاد - مشاركتي في اجتماع أصدقاء اليمن في لندن
مشاركتي في اجتماع أصدقاء اليمن في لندن
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

عدت للتو من لندن حيث شاركت في الاجتماع السابع لمجموعة أصدقاء اليمن والذي ناقش سبل مواصلة دعم المجتمع الدولي لليمن لاستكمال المرحلة الانتقالية وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني التاريخي ووضع الأسس لدولة مدنية ديمقراطية حديثة. حيث اتفق في الاجتماع على هيكلة جديدة لآلية مجموعة أصدقاء اليمن لجعلها أكثر فعالية وتنسيقاٍ و استجابةٍ لاحتياجات الشعب اليمني. وتضمنت الهيكلة الجديدة تشكيل 3 مجموعات عمل في مجالات السياسة والأمن والاقتصاد. وسوف تبدأ هذه المجموعات في رصد مستوى التقدم في إيصال تعهدات المانحين وتنفيذ الإصلاحات التي التزمت بها الحكومة. كما أن مجموعات العمل والتي تقودها الحكومة سوف تقترح أيضا على الاجتماع الوزاري لأصدقاء اليمن عدداٍ من الإجراءات المحددة لمعالجة التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية والمالية ودعم تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني . وباختتام مؤتمر الحوار الوطني التاريخي فان لدى اليمن فرصة لتغيير اتجاه البلاد. رغم ان هناك تحديات جمة سياسية أمنية واقتصادية. ولا يوجد هناك أدنى شك حول التقدم الإيجابي المحرز على الصعيد السياسي بانتهاء مؤتمر الحوار الوطني بنجاح والخطوة التالية تتمثل في صياغة الدستور وإصدار القوانين الرئيسية قبل إجراء الانتخابات العامة. أن الموافقة والإجماع غير المسبوق على مخرجات الحوار الوطني تؤكد عزيمة الشعب اليمني لاستكمال عملية الانتقال السلمي. على الصعيد الأمني لا تزال هناك أعمال التخريب المتكررة لأنابيب النفط والغاز والتي بدورها تؤدي إلى انخفاض الإيرادات الحكومية حيث تعتمد الحكومة على ما يقرب من 70% من الموازنة على الإيرادات المتأتية من النفط و الغاز. كما أن تواتر الأحداث الأمنية أدى أيضا إلى توقف الإيرادات بشكل كامل تقريبا من قطاع السياحة. إضافة إلى أن تخريب إمدادات الكهرباء واستمرار انعدام الأمن يجعل من الصعب جدا على القطاع الخاص التوسع في أعماله التجارية أو الشروع في مشاريع واستثمارات جديدة. وعلى الصعيد الاقتصادي فإن الصورة ليست جيدة فعلى الرغم من التحسن النسبي على مستوى الاقتصادي الكلي في عام 2012م وذلك بفضل المنح النفطية من دول مجلس التعاون الخليجي بدأ الاقتصاد في الضعف في عام 2013م والأشهر الأولى من عام 2014م. ومع التفجيرات المتكررة لخطوط أنابيب النفط والغاز خسرت الحكومة إيرادات قيمة نتج عنها ضغط جدي على ميزانية الحكومة. وبالتالي زادت صعوبة تحقيق التوازن في الموازنة العامة. وربما هذا هو السبب في أننا نرى اليوم طوابير طويلة على محطات الوقود في جميع أنحاء البلاد. وقد كان وزير المالية صريحا عندما استعراض الوضع المالي المثير للقلق والخيارات المتاحة للحكومة عندما خاطب مجلس النواب الشهر الماضي. تعتبر خيارات الحكومة في الواقع صعبة. ولتحقيق التوازن في الميزانية تحتاج الحكومة الى حزمة من الإصلاحات تشمل زيادة الإيرادات و خفض النفقات. وتستطيع الحكومة زيادة الإيرادات من خلال حماية أنابيب النفط والغاز وزيادة تحصيل الوعاء الضريبي ( دون زيادة نسبة الضريبة). ويمكن أن يتم خفض النفقات من خلال القضاء على الأسماء الوهمية في كشوفات الرواتب الحكومية وكذا الازدواج الوظيفي وترشيد الإنفاق الحكومي و خفض النفقات الضخمة لكبار المسؤولين في الحكومة وإصلاح الدعم غير الهادف للديزل والبنزين. بالإضافة إلى ذلك تحتاج الحكومة إلى أن تكون جادة في محاربة الفساد. وعلى الرغم من أن إصلاح دعم أسعار الديزل البنزين هو أحد مجالات الإصلاحات إلا أن ذلك لا ينبغي أن يتم بحد ذاته وبمعزل عن الإصلاحات الأخرى. يجب أن يتم ذلك كجزء من حزمة متكاملة تشمل الإصلاحات الأخرى. كما يجب على الحكومة أيضا أن تضع آلية لتعويض الفقراء الذين سيتأثرون من إصلاح دعم أسعار المشتقات النفطية وخاصة الأشد فقرا الذين يستفيدون من صندوق الرعاية الاجتماعية. اسمحوا لي بالقول أن البنك الدولي لا يشترط دعمه لليمن والمنح التي يقدمها بإصلاحات سعرية. وفي الواقع فان موقفنا كان دائماٍ واضحاٍ. ومسألة رفع الدعم هو خيار متروك تماما للحكومة والحكومة وحدها فقط وسيواصل البنك الدولي دعمه للشعب اليمني بصورة مستقلة عن ذلك. ففي حين أن مواجهة الحكومة للضغوط المالية على المدى القصير يعتبر أمرا هاما إلا أن الحكومة بحاجة إلى إجراء إصلاحات جادة لتحسين الخدمات وخلق النمو الذي سوف يؤدي إلى خلق فرص عمل جيدة. إن الترتيبات الخاصة بهذه الإصلاحات معروفة جيدا لكنها تحتاج إلى قيادة قوية و التزام ووضع مصلحة الشعب فوق أي اعتبار وقد حققت دول أخرى ذلك و أجزم كلية بأن اليمن تستطيع أن تفعل ذلك. وعلى الرغم من أن أصدقاء اليمن سوف يدعمون اليمن في السنوات المقبلة للتغلب على التحديات الهائلة إلا أن الحكومة اليمنية بحاجة إلى تولي زمام القيادة. فاليمنيون وحدهم هم فقط من يقدر على قيادة السفينة .. والآخرون لن يقوموا سوى بالدفع بها إلى الأمام.

المدير القطري للبنك الدولي في صنعاء