بادئ ذي بدء لا يمكن للمرء أن يجزم بسلبية الصورة الذهنية أو إيجابيتها لأي بلد أو شعب دون الاعتماد على دراسات وبحوث مسحية وتحليلية دقيقة وبالتالي فإن ما سيتم طرحه حول صورة اليمن في الخارج يبقى مسألة نسبية تستند على مشاهدات أو قراءات وتحليلات أو معايشات سواء في الواقع أو على وسائل الإعلام الخارجية ووكالات الأنباء .وفي كلا الحالات فإن الموضوع يحمل من الأهمية ما يستدعي طرحه ومناقشته واقتراح المعالجات . تعرف الصورة الذهنية Image بأنها : صورة عقلية ونفسية لشخص أو لشيء (غائب) ويتم التعبير عنها بطرق مختلفة (الفنون التشكيلية أو التصوير أو من خلال الأفلام) و تعرف بأنها صورة عقلية يشترك في حملها أفراد جماعة ما وتمثل رأياٍ متشابهاٍ إلى حد الإفراط المشوه أو موقفاٍ عاطفياٍ من شخص أو قضية أو حدث. كما تعرف الصورة النمطية Stereotype بأنها: صورة تقدم دائماٍ بنفس الشكل أو هي تكرار ثابت ونمطي لمواقف أو لكلمات أو لتصرفات (أشخاص أو جماعات أو شعوب). * أي صورة نمطية تقدمها وسائل الإعلام الخارجية عن اليمن ¿ وأي صورة ذهنية تم تكوينها عن اليمن في أذهان الخارج ¿ – يمكن القول إنه من خلال الملاحظة العلمية والمشاهدة والتحليل الأولي للخطاب الإعلامي للكثير من وسائل الإعلام العربية والأجنبية وتقارير وكالات الأنباء يجد أن صورة اليمن في الخارج يغلب عليها السلبية . * كيف تكونت هذه الصورة ¿ وما هي أسبابها ¿ – أن الاتصال الشخصي من خلال هجرة اليمنيين وسفرهم إلى الخارج أو من خلال زيارات الآخرين من عرب أو أجانب إلى اليمن والاتصال الجماهيري من خلال وسائل الإعلام ووكالات الأنباء تعد من أهم مصادر المعلومات لدى العالم الخارجي عن اليمن . وإن من أبرز العوامل المؤثرة في تكوين صورة سلبية عن اليمن في الخارج تتمثل فيما يلي: 1- فشل الأنظمة السياسية في تقديم تجربة حكم ديمقراطية ناجحة تستند على قوة القانون والمواطنة المتساوية وقواعد الحكم الرشيد. 2- الفساد وتعثر التنمية في اليمن. 3- الإرهاب وممارسات تنظيم القاعدة ومن تحالف معه . 4- الأمية وضعف مستوى التعليم. 5- ممارسات القبيلة السلبية ودورها المعيق لعملية التحول الديمقراطي من أبرزها (ظاهرة الاختطاف الاعتداءات على خطوط الكهرباء وأنابيب النفط التقطعات في الطرق). 6- التصرفات الخاطئة للكثير من اليمنيين أثناء سفرهم إلى الخارج . 7- عدم قدرة اليمنيين على فهم القضية والأسلوب الصحيح لتقديم صورة صحيحة عن أنفسهم وبمعنى أدق ضعف قدراتهم على تسويق أنفسهم لدى العالم الخارجي. 8- الممارسات غير المهنية لبعض وسائل الإعلام اليمنية التي تتعمد تشويه الحقائق والتهويل والمبالغة والإثارة وبما يخدم مصالح أطراف داخلية أو خارجية ساهم في تقديم صورة سلبية عن اليمن واليمنيين . 9- ضعف دور الإعلام اليمني الخارجي. إن سوء الأنظمة الحاكمة وعدم ديمقراطيتها وانتهاكها لحقوق الإنسان فضلاٍ عن ذلك نزعات التشدد والغلو والارتباط بحركات العنف الديني والسياسي وما تقدمه من أيديولوجية متعصبة وممارسة في العنف لدى بعض الأطراف السياسية والاجتماعية في اليمن . كل ذلك كرس الصورة المشوهة لليمن واليمنيين في ظل الغياب شبه الكامل للعمل الثقافي والإعلامي اليمني في الخارج. ولتحسين هذه الصورة فإننا بحاجة إلى تبني مجموعة من الأنشطة من خلال آليات تنفيذية تقوم بها عدة جهات وبشكل متكامل مؤسسة الرئاسة والحكومة والدبلوماسية الرسمية والشعبية ووسائل الإعلام وحملات علاقات عامة وعلى النحو الآتي : 1- إرادة سياسية قوية للإصلاح السياسي والاقتصادي والأمني داخل اليمن بدءاٍ من مؤسسة الرئاسة والحكومة ومختلف المكونات السياسية تنعكس على ارض الواقع من خلال إجراءات ملموسة تسهم في تقديم صورة إيجابية عن اليمن في الخارج في معالجة أزماتهم (يمكن القول إن مخرجات مؤتمر الحوار الوطني تشكل جزءاٍ من ذلك لكنها ليست كافية إذا لم تجد طريقها للتنفيذ). 2- تطوير العمل الدبلوماسي وتفعيل عمل السفارات اليمنية وفق خطط ورؤى استراتيجية مناسبة وحديثة. 3- اختيار العناصر الأفضل وذوي الكفاءة للعمل في السلك الدبلوماسي. 4- تفعيل عمل وزارة المغتربين ومتابعتها لقضايا المغتربين وحل مشاكلهم وتوظيف الجاليات اليمنية في تقديم صورة إيجابية عن اليمن. 5- تفعيل عمل الملحقيات الثقافية والإعلامية والمراكز الثقافية والإعلامية اليمنية في الخارج وتوسيع دائرة أنشطتها والقيام بأسابيع ثقافية وإعلامية مشتركة . 6- تنفيذ حملات توعوية للمسافرين اليمنيين (عمال ومرضى وطلاب) إلى الخارج. 7- تطوير أداء وسائل الإعلام اليمنية من خلال ميثاق شرف مهني يقوم أداءها وعملها الإعلامي والصحفي . 8- تفعيل الإعلام الخارجي اليمني من خلال صياغة استراتيجية إعلامية تتبناها وسائل الإعلام اليمنية بمختلف وسائلها وتوجهاتهاتركز على تقديم وبث الجوانب الإيجابية في اليمن.