الرئيسية - محليات - “عاصمة تهامة”.. تاريخ منسي وقلاع تاريخية يطولها العبث والإهمال
“عاصمة تهامة”.. تاريخ منسي وقلاع تاريخية يطولها العبث والإهمال
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

الحديدة / فتحي الطعامي – بالرغم من أهميتها الجغرافية ومكانتها العلمية وامتلاكها موروثا ثقافيا وتاريخيا ونضاليا .. ما تزال العديد من المعالم التاريخية في مدينة بيت الفقيه ( عاصمة تهامة كما تعرف ) وفي مقدمتها قلعة بيت الفقيه وهي أكبر القلاع التاريخية في تهامة بناءٍ وأدقها تخطيطاٍ تعاني الإهمال وتتعرض للهدم والتهدم بفعل الزمان وعبث العابثين في ظل غياب الجهات المعنية لترميمها وإصلاح ما يمكن إصلاحه

تعد مدينة بيت الفقيه الواقعة على بعد 40 كيلوا متراٍ جنوب شرق الحديدة من أكثر المناطق التهامية حضورا تاريخيا وثقافيا ونضاليا .. فهذه المدينة والتي أسسها العلامة الزاهد أحمد بن عجيل في ثمانينيات القرن الهجري أصبحت فيما بعد قبلة لرواد والعلم والفكر والمؤرخين والرحالة العرب والعجم في القرون الماضية .. ففيها أسست قلعة عثمان أو ما يعرف بقلعة بيت الفقيه حاليا والتي تعتبر من أقدم وأكبر القلاع في تهامة لما فيها من حصون وغرف وملحقات … كما أن فيها الجامع الكبير والعديد من المعالم التاريخية والأثرية والتي لا تزال شاهدة على الحضارة التاريخية لأبناء هذه المنطقة.. تبرز أهمية مدينة بيت الفقيه بسبب موقعها الجغرافي فهي وكما وصفها المؤرخ بطرس البستاني في دائرة المعارف حيث قال ( وبيت الفقيه بلدة من بلاد العرب على بعد 40 ميل من الحديدة .. و بها جامع وحصن منيع وبيوتها مبنية من الآجر واللبن ومسقوفة بخوص النخيل ) ثم يذكر تجارتها فيقول ( تأتيها القوافل من جميع بلاد العرب وسورية وفارس ومصر حاملة بضائع هندية وانكليزية وطيوبا وسكرا فيستبدلونها بالبن والشمع وأنواع مختلفة من الصموغ ) كما تحدث عنها بسبب أهميتها الاقتصادية والعلمية العديد من المؤرخين والرحالة أمثال الريحاني صاحب كتاب ملوك العرب والمؤرخ الغربي بلايفير ي كتابه العربية السعيدة وهيدلي ريتشارد .. وجميعهم أكدوا أهمية هذه المدينة التاريخية في العديد من النواحي الاقتصادية والسياسية والعلمية وحتى النضالية والثقافية .. كل تلك العوامل وغيرها جعل بيت الفقيه مقصدا للمحققين والمصورين أمثال المصور العالمي الشهير الألماني هيرمان بورشارت والذي التقط للمدينة 3 صور عام 1901م الأولى للمدنية من الجهة الشمالية والثانية من الجهة الجنوبية والثالثة للجامع الكبير .. وهذه الأهمية تضاف إلى أهمية ما تمتلكه هذه المدينة من موروث وآثار ومعالم تاريخية مهمة يأتي في مقدمتها قلعة بيت الفقيه أو ما يطلق عليها قلعة عثمان والتي بناها الأتراك أثناء حملتهم الأولى لليمن وذلك في ما بين ( 946 – 1045 م ) وقد قام ببنائها الأمير مصطفى باشا في عام 1038هـ والقلعة تعد من أهم المعالم التاريخية في تهامة على الإطلاق لما تتمتع به من نمط معماري وهندسي فريد عكس الحضارة التركية وجسد القدرة اليمنية على الإبداع ولقد بنيت على ربوة مرتفعة بمقدار 14 متراٍ في الجهة الشرقية لمدينة بيت الفقيه وكانت في منتصف المناطق الآهلة بالسكان حيث ويبلغ مساحة قلعة بيت الفقيه 39 متراٍ عرضا و 57 متراٍ طولاٍ وهي مبنية بالآجر وملبسة بالجص (النورة البيضاء ). قلاع تاريخية والزائر إلى بيت الفقيه لا بد وأن يزور قلعتها والتي تتكون من العديد من المرافق والغرف والنوبات وفيها مسجد وقصر وإسطبل للخيول كما أنها في نوابات وقد تم بناؤها على شكل مستطيل محروسة بأربع نوابات في أركانها وهي من أجل الحراسة .. وجدران القلعة مملوءة بألم وحزن ففي جهة الشمال داخل القلعة يوجد ثكنات مبان عسكرية دفاعية وبجانب هذه الثكنات يوجد موقع المدفع الذي كان معنياٍ بالدفاع عن القلعة والمدينة كما يقول أبناء بيت الفقيه .. وفي الجانب الشرقي للثكنات يوجد حبل صغير يسمى الحجاز وهو حبل متين يستعمل لإخراج الماء من البئر وخلفها مباشرة تقع بركة كانت تستعمل للاحتفاظ بالماء والاستفادة منه في الوضوء.. كما يوجد في جنوب القلعة وغربها بناية مكونة من طابقين .. يقال أن الطابق العلوي من استحداثات الإمام أحمد والذي كان يستخدمها كاستراحة أما الطابق الأسفل فكان يستعمل كمخزن وإدارات .. كما يوجد في وسط القلعة اسطبل للخيول .. ناهيك عن العديد من الغرف والملاحق . مبادرة شبابية وفي مبادرة شبابية وقفت على وضع القلعة أكدت أن قلعة بيت الفقيه باتت تحتاج إلى تحرك سريع وعاجل من قبل الدولة مالم فإن القلعة وغيرها من الآثار ستصبح في وضع مخيف ..وطالبت المبادرة بتحويل القلعة إلى متحف أثري مالم قد ينتهي الوضع بتهدم أجزاء كثيرة من القلعة .. لكن هذه القلعة العظيمة في بنائها وتصميمها وموقعها الجرافي تبدو اليوم حزينة كئيبة بفعل ما وصل إليه حالها .. فهي تشكو الإهمال من قبل الدولة والمسئولين عن الاهتمام بها .. فبعض جدرانها تهدم وسقوفها تساقطت وزخارفها اندثرت .. ولا من يأسف على ضياع موروث تاريخ سيصبح يوماٍ ما في إطار النسيان .. كما يوجد في صرح الفقيه العديد من المعالم الأثرية التاريخية مثل الجامع الكبير في مدينة بيت الفقيه والذي يعود بناؤه إلى القرن السابع الهجري وهو نفس تاريخ إنشاء مدينة بيت الفقيه .. فالجامع الكبير والذي يقع في قرية الصليفيين يعد من المساجد العلمية التي كان ولا زال يدرس فيها العلم والفقه والتفسير .. كما أن أهم ما يميز هذا الجامع هو منارته الطويلة والتي يصل طولها إلى أكثر من 30 متراٍ .. ويوجد به الكثير من المخطوطات الأثرية .. وهو الآخر أيضاٍ يشكو الإهمال وتشقق جدرانه وما زال بانتظار إعادة ترميم بعض أجزائه.