اليمن تشارك في المؤتمر العربي الـ 38 لرؤساء أجهزة مكافحة المخدرات في تونس نائب محافظ البنك يناقش مع القائم بأعمال السفارة الصينية مستجدات الوضع الإقتصادي والمالي اللواء الزبيدي: نعول على دعم الأشقاء والأصدقاء لإخراج اليمن من أزمته الراهنة وزارة الشباب تكرّم اللاعب حمدي اليرسي لإحرازه 3 ميداليات ذهبية في بطولة العربية للكونغ فو رئيس الوزراء يحيل قضايا فساد جديدة إلى النائب العام محافظ لحج يوجه المكاتب الحكومية بسرعة إنجاز وثائق مصفوفة المشاريع التنموية اليمن توقع على اتفاقية تنظيم نقل البضائع على الطرق البرية مع جامعة الدول العربية وزير الدفاع ومحافظ حضرموت يترأسان اجتماعًا للجنة الأمنية بالمحافظة وزير الدفاع يعقد اجتماعاً موسعاً بقيادة المنطقة الثانية ويفتتح مبنى المحكمة والنيابة العسكرية رئيس الوزراء يستقبل في عدن القائم بأعمال السفارة الصينية لدى اليمن
تأليف مايكل دينينغ ترجمة اسامة الغزولي الكتاب صادر عن عالم المعرفة – يونيو 2013 الحجم المتوسط – 359 صفحة يحاول مايكل دينينغ في كتابه الثقافة في عصر العوالم الثلاثة تقديم دراسة ثقافية عن مسار الثقافة وتاريخها وتطورها ولكن عن فترة النصف الثاني من القرن العشرين . وهو يسعى من خلال دراسته هذه لا لعمل دراسة كما سائر الدراسات لكنه يحاول تقديم فكرة جديدة وتصور جديد او ما يمكن ان نطلق عليه مجازا قانون أو نظرية جديدة حول مسار الثقافة . يتحدث الكاتب عن الثقافة خلال الفترة 1945 – 1989م في العوالم الثلاثة الرأسمالي – الشيوعي – الثالث المتخلف . وحسب قوله ان الكتاب محاولة لمعالجة الفترة الفاصلة بين مرحلتين زمنيتين وثقافيتين مرحلة العولمة الحالية ومرحلة عصر العوالم الثلاثة المنتهية عام 1989م . مبرزاٍ وجود انقلاب ثقافي ودراسات ثقافية بمعناها الواسع . مؤكدا حدوث الانقلاب الثقافي في العوالم الثلاثة على يد اليسار الجديد معتبرا أن العولمة الأميركية كان لها الفضل في ذلك الانقلاب الثقافي وان اليسار الجديد المرتبط بالعولمة أرقى مرتبة من اليسار القديم المرتبط بالماركسية السوفييتية . احتوى كتاب الثقافة في عصر العوالم الثلاثة على ثلاثة أجزاء وتم تقسيم كل جزء إلى عدد من الفصول والعناوين . كان الجزء الأول بعنوان (إعادة النظر في عصر العوالم الثلاثة) وفيه يؤكد المؤلف سقوط كلمة أممية وحلت محلها عولمة .. موضحا ان كلمة عولمة تشير إلى الانعتاق من لفظ أممي حتى وإن كان لفظ عولمة يرتبط عبر تاريخ طويل بالرأسمالية . لكنه يوضح انه لا يهتم بالعولمة إلا من باب مقدرة هذا اللفظ على إعادة توجيه العمل في النظرية النقدية حيث بدأت العولمات أو كتابات اليسار الجديد بخلق دراسات ثقافية متجاوزة القومية . عولمية تعبر الحدود الوطنية . وهو يشير هنا إلى حركة سياتل او ما سماها (معركة سياتل) بأنها دليل على ظهور حركة جديدة ويسار جديد والحركات الاجتماعية ضد منظمة التجارة العالمية وصندوق النقد الدولي . أما الجزء الثاني فجاء بعنوان (الاشتغال على الثقافة) يحاول فيه دراسة التغير الشامل في مفهوم الثقافة في عصر العوالم الثلاثة وهي ماصار يطلق عليها عند اليسار الجديد (دراسات ثقافية) كما يحاول ان يقدم دفاعا – متواضعا حسب قوله – عن الدراسات الثقافية . أما الجزء الثالث والذي جاء بعنوان (الأيديولوجية الأميركية : عصر العوالم الثلاثة باعتباره القرن الأميركي) فقد جاء مختلفا ومفاجئا حيث يحاول دينينغ تأكيد توجهه واعتقاداته بان اليسار الجديد هو نسخة مطورة من الماركسية ولكن بأفكار وتوجهات أفضل من اليسار القديم السوفيتي وان إنتاج اليسار في بريطانيا وأميركا الشمالية في الجانب الثقافي قد سبقت الموطن الأقدم للتراث الماركسي . وفي حديثه عن الثقافة خلال النصف الثاني من القرن العشرين يستخدم دينينغ مسمى العوالم الثلاثة لكنه يستخدم المعنى الغربي وليس الماوي والذي يرى ان العالم مقسم إلى ثلاثة عوالم رأسمالي وشيوعي ومتخلف . يحاول دينينغ أن يعطي تمييز ومقارنة الثقافة بين فترتين ماقبل 1950م وما بعده حيث يؤكد ان الثقافة قد تغير موقعها ومكانتها ففي الوقت الذي كانت فيه قبل 1950 تكمن خلف المشهد بحيث تأتي الدراسات الثقافية كجزء تكميلي في جانب العلوم الإنسانية والتاريخ البشري حيث يأتي السرد التاريخي للأحداث وفي الأخير يأتي فصل تكميلي عن الفنون والثقافة لكن بعد 1950 أصبحت الثقافة هي في مقدمة المشهد وان الثقافة أصبحت تخضع لقواعد الإنتاج مثلما مختلف أدوات الإنتاج الصناعي حيث أصبحت الكتل الجماهيرية لها ثقافة والثقافة بدورها أصبحت تشكل ثقلا وأصبحت تنتشر في كل مكان . مثلها مثل باقي الإنتاج الصناعي الذي ينتقل بين البلدان وأصبحت الثقافة شائعة ومنتشرة بين الجماهير ولم تعد حكرا او ملكية خاصة للمثقفين او المتأدبين وهذه العبارة لدينينغ تبرز أمامنا مشهد ثقافة الشبكة العنكبوتية للتواصل الاجتماعي بمختلف أنواعها حيث أصبح الجميع يشارك فيها ويدلي بدلوه ويكتب خواطره وأفكاره ولم تعد هذه الخواطر والأفكار المنمقة حكرا على المثقفين . ويضرب دينينغ مثلا بالأميركيين أنهم وجدوا فجأة أن كل مايقومون به او يتحدثونه من تراهات او ضجيج عبارة عن ثقافة وان هذه الثقافة ليست العادات والتقاليد او التراث القديم للشعب الأميركي ولا الفلكلور بل أصبحت جميع الأنشطة التي يقوم بها الأميركيون ثقافة . وأوضح انه وبعد أن أصبحت الثقافة منتشرة في كل مكان كان لابد أن تتزايد الدراسات الثقافية ونقد الثقافة وهو ما يمكن تسميته (الانقلاب الثقافي) الذي أصبح سمة ومظهراٍ من المظاهر الأساسية لعصر العوالم الثلاثة ويرى المؤلف أن الانقلاب الثقافي ظاهرة انفجرت في كل أنحاء العالم وإن تفاوتت مستويات تطوره للوصول إلى الثقافة العولمية إلا أنه انبثق عن النضالات الثقافية الأيديولوجية بين العوالم الثلاثة الرأسمالي – الشيوعي – العالم الثالث الكولونيالي . ويرى أنه ورغم عداء البعض للثقافة لاستجابة دينية أو أيديولوجية إلا أنهم يعتبرون جزءاٍ من هذا الانقلاب الثقافي بسبب انغماسهم لا اراديا في مكونات الانقلاب الثقافي المتمثلة في الاستهلاك والاتصال والحياة اليومية والخطاب والإيديولوجية التي يختارها حيث انه جزء من كل مقومات الانقلاب الثقافي . بل اعتبر دينينغ ان منتقدي المناهج والدراسات الثقافية رغم انتقادهم لها إلا أنهم يشكلون أيضا جزءا من هذا الانقلاب الثقافي في عصر العوالم الثلاثة . كما أوضح أن الدراسات الثقافية أصبحت متعددة التخصصات ويرجع السبب في تمايز الدراسات الثقافية في عصر العوالم الثلاثة كان نتيجة لظهور جانب الصناعات الثقافية ممثلة في الإعلام الجماهيري والاتصال الجماهيري (الميديا) والتي وان كانت جزءاٍ من الدولة إلا أنها كانت فضاء جديدا ومساويا للدولة والاقتصاد والسوق . تمثل الانقلاب الثقافي حسب رؤية دينينغ عند اليسار الجديد في الإعلام الجماهيري وعلى هذا كانت الثقافة بالنسبة لهم هي وجود التكنولوجيات الجديدة تمثل الانقلاب الثقافي حسب رؤية دينينغ عند اليسار الجديد في الإعلام الجماهيري وعلى هذا كانت الثقافة بالنسبة لهم هي وجود التكنولوجيات الجديدة للمعلومات والاتصال الجماهيري لكنه في الوقت نفسه كان اليسار الجديد يعمل على إعادة تشكيل النضالات اليومية للطبقات والشعوب عبر تلك الأشكال الجديدة من الثقافة اعتبر مايكل دينينغ ان الانقلاب الثقافي إنما جاء تكونه نتيجة تأثير عولمة التجربة الشيوعية اللينينية المعادية للفاشية والمناهضة للكولونيالية وغذت أشكال التضامن المناهضة للامبريالية . إلا أنها دخلت في جمود بسبب ولائها للسوفييت الماركسية وسبب ذلك الجمود النزعة الاقتصادية البحتة لدى الشيوعية الماركسية التي أغفلت الخصوصيات الوطنية والإقليمية وأسقطت الثقافة باعتبارها بنية فوقية . لكن مجموعة من مثقفي اليسار الجديد بدأوا في التحول نحو الخصوصيات الإقليمية والوطنية وهذا بدوره قام برد الاعتبار للثقافة في زمن العوالم الثلاثة وكان هذا تحولا في الاتجاه نحو البنى الفوقية بدلا من تهميشها وإزالتها كبنية فوقية لدى الماركسية الأممية . اعتبر دينينغ ان اليسار مر بثلاث لحظات الأولى قيام ماركس الشاب الإنساني . والثانية موجة الانتفاضات والتمردات الكونية عام 1968م واكتساب التحول الثقافي طابعا شعبيا عبر تنديده بثقافة أجهزة الدولة . والثالثة اندثار الحركات الاجتماعية لليسار الجديد وقمعها . حينها كان يندر ان يتم الربط بين المشروعات الثقافية الإقليمية والوطنية كونه يفكر في العالم باعتباره واحد وذلك بسبب الشعور عند اليسار بوجود قطيعة بين العوالم الثلاث ولم يتيسر للثقافات القومية الظهور الى السطح الا عندما ذابت الثلاثة عوالم في عالم واحد . ومن خلال تاييد دينينغ لزمن العولمة . فإنه يعطي انطباعا ان دينينغ يعتبر العولمة الثقافية في ظل العالم الواحد تعطي مجالا لليسار الجديد للعمل والانتشار وهي محاولة لربط اليسار الجديد بالعولمة والتبرير لوجود الهيمنة الأميركية وكونه أميركيا فقد أصبح يرى ان اليسار الأميركي هو اليسار الأمثل مقارنة باليسار السوفيتي الماركسي . كما يعطي انطباعا بان جميع وسائل الثقافة وتفرعات المجتمع المدني قد حققت تقدما من خلال ارتباطها بالتوجه الذي يسير عليه اليسار الأميركي من خلال إيمانه بالعولمة الأميركية وتخليه عن الأممية السوفيتية . أخيرا يمكن القول ان الكتاب وان كان يقدم صورة ايجابية ومشرقة عن العولمة الأمريكية وهو مما قد يعطي انطباعا غير ايجابي إلا انه كتاب حري بالقراءة فهو يقدم وجهة نظر جديدة عن تحول مسار الثقافة حشد فيه المؤلف خلاصة ثقافته وقدمها بسرد تاريخي وتوثيق محكم ككاتب متمكن من تقديم وطرح فكرته .