الرئيسية - الدين والحياة - الحفاظ على مؤسسات النفع العام واجب ديني وأخلاقي
الحفاظ على مؤسسات النفع العام واجب ديني وأخلاقي
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

■ الموظف العام هو خادم للجميع وسلطته تكليف لا تشريف

■ علينا محاربة (الوساطة) و(المحسوبية) لكونها عوامل هدم للدولة ومؤسساتها

أكد الشيخ الدكتور عقيل محمد المقطري أن مؤسسات النفع العام يجب الحفاظ عليها كونها ملكاٍ للشعب بأكمله ودعا في لقاء مع “Š” إلى إشاعة ثقافة الحفاظ على مؤسسات النفع العام والرقابة على أدائها وثقافة ترك السلبية والعمل المستمر والدؤوب من أجل تيسير وسائل وسبل الحصول على النفع العام والارتقاء بمؤسساتنا إلى مصاف المؤسسات العالمية بل أفضل بحيث يستطيع الفرد الحصول على المنفعة وهو جالس أمام حاسوبه في منزله فإلى نص اللقاء:

* ما مفهوم نفع الآخرين في الإسلام¿ المعنى اللغوي لكلمة نفع: يقال نفِع غيرِه ونفِعه بكذا : أفادِه صنِع له خيراٍ وعكسه ضرِ قال الله تعالى :(يِدúعْو لِمِنú ضِرْهْ أِقúرِبْ منú نِفúعه) (وِأِمِا مِا يِنúفِعْ النِاسِ فِيِمúكْثْ في الأِرúض). ومفهوم نفع الآخرين: يعني تقديم المنافع العامة المتعدية للآخرين وإشباع الحاجات العامة للأفراد المحتاجين لذلك النفع دون تمييز ولا استثناء وهذا الأمر داخل تحت قول الله جل شأنه: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) وتحت قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل) وفي الغالب يكون ذلك عبر المؤسسات الطوعية أو المرافق العامة التي تتبناها الدولة. فأما المؤسسات الخيرية الطوعية التي يقيمها مجموعة من النشطاء في هذا المجال فتقدم خدمات ذات نفع عام كحلقات القرآن الكريم أو كفالات الأسر المتعففة أو الأيتام أو بناء المساجد ومدارس التحفيظ أو بناء المستوصفات وحفر آبار مياه الشرب أو توزيع الزكوات والإعانات الغذائية والنقدية أو إغاثة المنكوبين والمهجرين وغير ذلك لكن لا تكون هذه المؤسسات بقوة مؤسسات الدولة التي هي أكبر قوة وأكثر نفعاٍ فإذا كانت المؤسسات الطوعية تقدم النفع للآلاف فمؤسسات الدولة تقدم خدماتها للملايين كالتعليم والصحة والأمن والخدمات الإعلامية والاقتصادية والبنى التحتية للبلد واستخراج الثروات من باطن الأرض والخدمات الضرورية الأخرى والهدف في كل من المؤسسات الطوعية ومؤسسات الدولة يظل واحداٍ وهو تحقيق النفع العام أو (المصلحة العامة). * وما انعكاسات هذا المفهوم على المجتمع المسلم¿ انعكاسات هذا المفهوم على المجتمع وفهمه فهما صحيحا يجعله يفرق بين مؤسسات النفع العام التي له حق فيها والتي يجب على الدولة أن توصل له ذلك النفع وتلك الخدمات سواء بمقابل كلي أو جزئي أو بدون مقابل وبين مؤسسات النفع الخاص ويعلم أن مؤسسات النفع العام ملك عام لجميع أفراد الشعب وهو منهم وليس لشخص بعينه أو لفئة أو قبيلة أو حزب ويعلم كذلك أن العامل في هذه المؤسسات إنما هو خادم للجميع وسلطته سلطة تكليف لا تشريف وأنه يجب على كل فرد الحفاظ على مؤسسات النفع العام وعدم العبث بها ولا بمحتوياتها وأن يبقى رقيباٍ مقيماٍ لأداء هذه المؤسسات ويجعل المجتمع مدركاٍ أنه لا يجوز استغلال هذه المؤسسات من قبل بعض المتنفذين وأن الناس في تحصيل تلك المنافع سواسية بموجب القوانين المنظمة لتلك المؤسسات فلا محسوبية فيها ولا وساطات بحال من الأحوال. * مفهوم نفع الآخرين من الأعمال المتعدية التي يفوق أجرها على الأعمال القاصرة على الشخص.. نرجو من فضيلة الدكتور توضيح هذا المعنى¿ ما يقوم به الإنسان من أعمال إما أن يكون عائده لنفس الشخص كمن يبني لنفسه بيتاٍ أو يصلي أو يكون عائداٍ للآخرين كمن يكفل يتيماٍ أو أسرة أو غير ذلك من الأعمال التي يتعدى نفعها ولا يعني هذا أن الإنسان لا يؤجر بل يؤجر على كلا العملين لكن أجر العمل الذي يتعدى نفعه أعظم وأدوم ولذلك رتب الشارع الأجر العظيم على الأعمال المتعدية النفع فقال النبي عليه الصلاة والسلام (الساعي على الأرملة كالصائم الذي لا يفطر والقائم الذي لا يفتر) وقال كما روى أبو هريرة رضي الله عنه صلى الله عليه وسلم قال: (لقد أريت رجلاٍ يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي المسلمين). رواه مسلم وقال عليه الصلاة والسلام: (أعظم الصدقة سقي الماء) وقال: (من يشتري بئر رومة وله الجنة) فاشتراها عثمان بن عفان وسبلها للمسلمين وقال: (لأن يمشي أحدكم مع أخيه في قضاء حاجةُ وأشار بأصبعه أفضل من أن يعتكف في مسجدي هذا شهرين) وعن ابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من مشى في حاجة أخيه حتى يثبتها له أظله الله عز وجل بخمسةُ وسبعين ألف ملك يصلون عليه ويدعون له إن كان صباحاٍ حتى يْمسي وإن كان مساءٍ حتى يصبح ولا يرفع قدماٍ إلا حط الله عنه بها خطيئة ورفع له بها درجة) وفي رواية عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أعان عبداٍ في حاجته ثبت الله له مقامه يوم تزول الأقدام). * وكيف يمكننا التفريق بين مفهوم نفع الآخرين والوساطة والمحسوبية¿ نفع الآخرين يكون بدون تمييز للمنتفع بل يكون بموجب القوانين واللوائح المنظمة لمؤسسات النفع العام فلا يقدم شخصاٍ على آخر لكونه قريباٍ أو صديقاٍ أو من القبيلة أو من الحزب إلخ ولا تقبل تزكية ولا وساطة من أجل الحصول على المنافع أو تقديمه على الآخرين فكل من انطبقت عليه المواصفات واستكمل الشروط يحصل على المنفعةº أما المحسوبية فهي تقديم شخص أو أشخاص لكونهم أقرباء أو أصدقاء أو من القبيلة أو الحزب أو دفع رشوة … إلخ, فمن كان كذلك فله الأولوية ويقدم على الآخرين والوساطة هي أن يتوسط صاحب نفوذ ما لشخص أو أشخاص بحيث تكون لهم الأولوية على الآخرين ولو كانوا قد سبقوه في تقديم طلباتهم أو أحق من غيرهم أو توفرت فيهم من الصفات ما لم تتوفر في غيرهم لكون الوسيط مهيمناٍ على موظف النفع العام أو من قبيلته أو من حزبه أو للموظف مصلحة عند الوسيط ومن هنا حرم الكثير من الحصول على حقوقهم لانعدام المفهوم الصحيح عندهم ولسكوتهم واستمرائهم للباطل ولعدم قيامهم بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولذلك لو نظرنا إلى بلاد الغرب لوجدنا أنهم قد بلغوا الذروة في تقنين القوانين التي تسهل على كل فرد الحصول على المنافع العامة ويحد من الرشوة والوساطة والمحسوبية فيسروا للجميع الحصول على المنافع العامة بحيث صار الحصول عليها عبر الوسائل الإلكترونية. * هل ينبغي أن تكون علاقتنا بالآخرين مبنية على مبدأ (المنفعة للجميع) أو كما يعبر عنه الغربيون: أفوز أنا وأنت¿ بمفهومنا لا بمفهومهم لأن مفهومهم مادي محض فنحن نفرق بين العمل الذي يعود نفعه المحض على الفرد نفسه دنيوياٍ أو أخروياٍ وبين العمل الذي يعود نفعه للآخرين ويعود أجره وثوابه للعامل فالمفهوم إسلامي أعم وأشمل وأكمل والله الموفق. أخيراٍ فضيلة الدكتور.. هل من كلمة أخيرة تقدمونها للقراء الأعزاء¿ كلمتي للقراء هي أنه يجب أن تشاع ثقافة الحفاظ على مؤسسات النفع العام وثقافة الرقابة على أداء مؤسسات النفع العام وثقافة ترك السلبية والعمل المستمر والدؤوب من أجل تيسير وسائل وسبل الحصول على النفع العام والارتقاء بمؤسساتنا إلى مصاف المؤسسات الغربية بل أفضل بحيث يستطيع الفرد الحصول على المنفعة وهو جالس أمام حاسوبه في منزله كما يجب على كل فرد محاربة ظاهرة الوساطات والمحسوبيات والرشاوى لأنها عطلت مؤسساتنا وأساءت إلينا أيما إساءة.