الرئيسية - محليات - ترسيخ ثقافة القانون أولوية رئيسية لإرساء دعائم الدولة اليمنية الحديثة
ترسيخ ثقافة القانون أولوية رئيسية لإرساء دعائم الدولة اليمنية الحديثة
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

تحتل مسألة سيادة القانون وترسيخ مفاهيم العدالة والنظام أولوية في برنامج حكومة الوفاق الوطني خاصة والوطن يعيش مرحلة تحول باتجاه تأسيس وبناء الدولة الحديثة القائمة على مبادئ ومفاهيم الحرية والعدالة والمواطنة المتساوية.

سيادة القانون في مرحلة التحول كان الموضوع الرئيسي أمام الاجتماع السنوي للبرنامج الانمائي للأمم المتحدة الذي عقد الأسبوع الماضي في نيويورك بمشاركة نخبة من الخبراء المتميزين في هذا المجال وبحضور فاعل للجمهورية اليمنية ممثلة بوزيرة حقوق الإنسان حورية مشهور والتي استعرضت الأوضاع المتصلة بالجوانب القانونية على الساحة الوطنية والجهود التي تبذل من الجهات ذات العلاقة في هذا الجانب. ويشكل موضوع سيادة القانون أهمية كبيرة خاصة في البلدان الأقل تنمية والتي عجزت عن تحقيق تحسن أو تقدم يذكر في مجال التنمية البشرية نتيجة لغياب أو ضعف أعمال القانون كمسألة حاسمة لأي دولة أو مجتمع ينشد النمو والتقدم في حين حققت فيه دول كثيرة مؤشرات ملموسة في مجالات التعليم والصحة ومكافحة الفقر والنمو الاقتصادي وتعزيز حقوق الإنسان على أكثر من صعيد وفي أكثر من مجال من خلال إعمال مبادئ الحكم الرشيد وسيادة القانون. سيادة القانون في اليمن والحديث عن سيادة القانون في الشأن الخاص في بلادنا يختصر الأمر ليوضح حقيقة كما تقول وزيرة حقوق الإنسان أن ضعف الدولة وغياب سيادة القانون هو السبب الرئيس الذي أدى إلى ما وصلت إليه البلاد من اختلالات وانفلات أمني وغيرها من السلبيات .. وأوضحت أنه عندما مرت الدولة بمراحل من احترام وإعمال القانون فقد لازم ذلك استقرار وأمن وتقديم الخدمات بصورة مقبولة للمواطنين مشيرة إلى أن الدولة تسعى جاهدة لإعادة الاعتبار للقانون ابتداء من الدستور وستترجم القوانين الأخرى مبادئه وأحكامه وستجد المعايير الدولية التي التزمت بها اليمن تجسيدا في الدستور والقوانين.. وتنفيذا لها في الإجراءات المتخذة على أرض الواقع أداة ووسيلة فاعلة لاحترام حقوق الإنسان. وبينت وزيرة حقوق الإنسان في كلمتها أمام الاجتماع أن النظام العدلي في اليمن يقوم على ركيزتين رئيسيتين أولهما النظام الرسمي العام وثانيهما الشكل غير الرسمي الذي يتمثل في الأعراف والقواعد القبلية والذي يسير إلى جانب النظام الرسمي ويلقى قبولاٍ كبيراٍ لدى أوساط المجتمع وكثيراٍ يشارك فيه مسؤولون كبار في الدولة في أعمال التحكيم القبلي وحل النزاعات بواسطته.. مشيرة إلى أنه تم قوننته وأصبح جزءاٍ من النظام الرسمي من خلال إصدار قانون التوفيق والتحكيم المستند إلى الأعراف القبلية حيث صدر هذا القانون في عام 1976م وتعرض لتعديلات لمدة كان آخرها تعديلاٍ في عام 1997م. التحكيم القبلي وتفضل قطاعات واسعة من المواطنين اللجوء لنظام التحكيم القبلي لأسباب عدة كما تقول وزيرة حقوق الإنسان منها ارتفاع تكلفة التقاضي في المؤسسة العدلية الرسمية ولطول فترتها أو لعدم الثقة بها أو للفساد فيها إلى جانب عدم توفر هذه المؤسسات القضائية الرسمية في عدد من المناطق. وتضيف مشهور: ومع ذلك وبالرغم من تفضيل كثير من الناس اللجوء للتحكيم القبلي فإنه ليس بالضرورة دائما الخيار الأفضل لأنه لا يغطي التنازع في قضايا محدودة كالخلافات والنزاعات الأسرية أو القبلية ولا يغطي مجالات أخرى مثل جرائم القتل والسرقة وقضايا لا تعالج إلا من خلال القوانين المدنية الحديثة كقانون الجنسية وقانون الانتخابات وغيرها. وتؤكد الوزيرة مشهورة أن اللجوء إلى هذا الشكل من أشكال القضاء لا يخلف دائماٍ الشعور بالرضا والارتياح أو أنه يتضمن إعمالا واحتراما لحقوق الإنسان وكثيراٍ ما تشكو النساء من تمييز صارخ ضدهن باستخدام هذا الشكل من أشكال الحصول على العدالة وكذلك الفئات الضعيفة والمهمشة ومن أبناء القبائل الضعيفة أو حتى الأشخاص الأقل مرتبة في القبيلة نفسها مشيرة إلى أنه يصبح أكثر من ضرورة عند تعطل القضاء كما هو حارُ الآن من خلال إضراب الحركة القضائية الشامل لأكثر من شهرين وما ترتب عنه من أعباء على المؤسسة الأمنية ببقاء الموقوفين في السجون لفترات طويلة تتجاوز الحدود القانونية دون النظر في القضايا. ويقابل ذلك أيضاٍ ضعف واختلالات كبيرة في أجهزة حماية وتنفيذ القانون وكثيراٍ ما تعجز الشرطة والأمن والنيابة العامة عن تنفيذ أحكام القضاء أمام المتنفذين من كبار رجال الدولة أو شيوخ القبائل ما يشكل تحديات كبيرة تواجه إعمال القانون وسيادته واحتكام الجميع إليه حكاما ومحكومين أفراداٍ ومؤسسات يتساوون جميعاٍ أمامه. وكهيئة ذات علاقة واختصاص فقد سعت وزارة حقوق الإنسان ومن خلال التعاون والتنسيق مع الوزارات ذات العلاقة كالشؤون القانونية والعدل والداخلية والنيابية العامة إلى تنفيذ سياسات الحكومة في هذا المجال وأنجزت الوزارة مشروع قانون الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان المستندة إلى مبادئ باريس مشروع قانون مكافحة الاتجار بالبشر ومشروع قانون المخفيين قسرياٍ وقدمت للحكومة برتوكول مناهضة التعذيب وبرتوكول مكافحة الاتجار بالبشر وكلها مشاريع وافقت عليها الحكومة وأحالتها لمجلس النواب ليستكمل إجراءات إقرارها والمصادقة عليها لتدخل حيز النفاذ. قانون العدالة الانتقالية ويعد إقرار وتنفيذ قانون العدالة الانتقالية أحد استحقاقات المرحلة الانتقالية القانونية مقصود منه معالجة ماضُ واسع من الانتهاكات والذي ضلعت فيه للأسف بعض المؤسسات الرسمية في ظل غياب سيادة القانون ويتوقع حال نفاذه أن ترد كثير من الحقوق لأصحابها بل إن إجراءات مرتبطة بالعدالة الانتقالية كانت قد بدأت حتى قبل صدور القانون لتهيئة الأجواء الوطنية لقبول المصالحة الشاملة من ذلك الاعتذار لأبناء الجنوب ولصعدة وإنشاء صندوق جبر الضرر وتشكيل لجنتين بقرارات رئاسية لمعالجة مشكلة الإبعاد القسري من الوظيفة العامة في الجهاز المدني والعسكري وحل مشكلة الأراضي التي نهبت بصورة مخالفة للقانون. تحول تاريخي وتضيف مشهور في كلمتها أمام الاجتماع الدولي بنيويورك أن الثورة الشبابية الشعبية السلمية مثلت نقطة تحول فارقة في التاريخ اليمني الحديث وفي ما يمكن أن تحمله للعدالة ولسيادة القانون من فرص لتأسيسها وتأصيلها وإيجاد الهياكل والمؤسسات الإدارية لضمان تطبيقها ولنشر المعرفة والوعي بأهميتها باعتبار ذلك من أهم المحاور لإنشاء دولة مدنية حديثة دولة نظام وقانون ومواطنة متساوية وعدالة اجتماعية وحماية وصيانة حقوق الإنسان ويدرك الجميع أن ذلك لن يتحقق إلا من خلال سيادة القانون ليكون أداة ناظمة للعلاقات في كل مناحي الحياة بين الناس حكاما ومحكومين يتساوون أمامه ويلتزمون بقواعده. وللمضي في هذا الطريق تؤكد مشهور أن اليمنيين من كافة الشرائح الاجتماعية والسياسية قد التفوا في حوار وطني عام ومفتوح لمدة قاربت العام شخصوا فيها إشكاليات هشاشة الدولة وعوامل ضعفها وانهيارها وخلصوا إلى حقيقة جلية تتمثل في عدم إعمال القانون وتشير إلى أنه تم التوصل إلى حلول تتمثل أولاٍ بصياغة دستور جديد للبلاد وبتغير هيكل الدولة من دولة مركزية استأثرت فيها مجموعة قليلة في ظل غياب القانون ومبادئ الحكم الرشيد بالسلطة والثروة إلى دولة اتحادية تتمتع فيها الأطراف بصلاحيات واسعة لإدارة شؤونها بل ولحكم تلك الأقاليم من خلال صياغة قوانينها واختيار وتشكيل هيئات الحكم والإدارة فيها. إعداد دستور جديد وبالرغم من نجاح مؤتمر الحوار الوطني والقيام الآن بتنفيذ أهم مخرجاته المتمثلة في إعداد دستور جديد للبلاد يعبر عن إجماع وطني عام إلا أن كثيرا من التحديات والمهددات لهذا المنجز العظيم ما زالت قائمة وتتمثل في انتشار الجماعات المسلحة في أكثر من منطقة ومنها جماعة القاعدة الإرهابية وما يؤدي إليه هذا الوضع من تدهور خطير يؤدي إلى ارتفاع التكلفة الإنسانية والحد من قدرة الدولة على القيام بدورها في تحسين حياة المواطنين وتقديم الخدمات الأساسية والضرورية لهم في ظل أيضاٍ استمرار جرائم التخريب المنظمة بنسف أبراج الكهرباء وتدمير أنابيب النفط الشريان الاقتصادي الرئيسي للبلاد. دعم إقليمي ودولي وأمام كل هذه الظروف تؤكد وزيرة حقوق الإنسان حاجة بلادنا للدعم الإقليمي والدولي لتثبيت حالات الأمن والاستقرار ولتغطية الاحتياجات الإنسانية والتنموية المتفاقمة مشيرة إلى أهم أشكال الدعم الذي يمكن أن تقدمه المؤسسات الدولية ومنها منظومة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي لبناء القدرات الوطنية لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني وتقديم كل أشكال الدعم الفني والمؤسسي لها لترجمة تلك المخرجات إلى برامج عمل قانونية وسياسية واقتصادية واجتماعية وأمنية لإنقاذ الدولة من الانهيار ولإعادة بنائها المستند إلى سيادة القانون الضمان الأكيد الذي وصلت إليه كل الدول التي مرت بمراحل من الصراعات الحادة والمكلفة إنسانياٍ وتنموياٍ وهاهي اليوم تنعم بالأمن والاستقرار والرخاء استناداٍ إلى القانون الناظم للعلاقات بين الأفراد وبين المؤسسات وكذلك العلاقات مع وبين الدول.ِ