الرئيسية - الدين والحياة - ليلة النصف من شعبان فضلها ودلالاتها
ليلة النصف من شعبان فضلها ودلالاتها
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

بالأمس القريب ودعنا شهرا كريما من الأشهر الحرم وهو شهر رجب المحرم عند الله والمحرم في الجاهلية وفي الإسلام وها نحن اليوم في ضيافة شهر كريم وهو شهر شعبان هذا الشهر الكريم الذي يحظى بفضائل عدة منها أنه الشهر الذي ترفع فيه أعمال العام كلها إلى الله تعالى نسأل الله أن يكرمنا بالقبول وأن ترفع أعمالنا إلى الله وهو راض عنا سبحانه وتعالى وهذا الشهر الكريم يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان فوجب شهر الله الحرام يحظى بالإجلال والتقدير في الجاهلية والإسلام ورمضان خير الشهور وأفضلها عند الله وعند المؤمنين فهو أيضا محل اهتمام بلا شك ويأتي شهر شعبان في وسطهما فربما سول الشيطان للناس أن يستريحوا فيه استعدادا لرمضان ولكن العاقل من ينتهز الفرصة ويقدم لنفسه عند الله تعالى. وقد كان قدوتنا وأسوتنا صلى الله عليه وآله وسلم يفعل ذلك روى النسائي وأبو داوود وصححه وابن خزيمة عن أسامة بن زيد قال قلت يا رسول الله لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان¿ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: “ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العاملين وأجب أن يرفع عملي وأنا صائم أوكما قال صلى الله عليه وسلم” وقد كان صلى الله عليه وآله وسلم يخص شعبان بعدة عبادات شريفة منها الصيام والقيام والدعاء والاستغفار. كانت هذه نبذة قصيرة عن شهر شعبان وعن فضله بين الشهور ومكانته الفريدة عند أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم من الأساليب الحكيمة التي اتبعها القرآن الكريم في إرشاد المؤمنين إلى الفوز والنصر والأمان والاطمئنان أنه سجل الأحداث المهمة وأمر أتباعه أن يأخذوا الدروس والعظات منها لأن من شأن العقلاء أن ينتفعوا بأحداث الماضي في حاضرهم وفي مستقبلهم ومن أهم الأحداث التي كرم الله بها شهرنا الكريم تحويل قبلة المسلمين إلى المسجد الحرام بمكة المكرمة بدلا من المسجد الأقصى بالقدس الشريف الذي نسأل الله تبارك وتعالى أن يفك أسرة وأن يرده إلى رحاب الإسلام والمسلمين ردا جميلا اللهم آمين يارب العالمين جاء تحويل قبلة المسلمين في ليلة النصف من شعبان بعد أن مكث المسلمون يتوجهون إلى المسجد الأقصى ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا بعد الهجرة بعد أن أمر الله سبحانه وتعالى نبيه صلى الله عليه وآله وسلم أن يجعل قبلته في الصلاة إلى المسجد الحرام وأنزل سبحانه وتعالى في ذلك تسع آيات فيها ما فيها من العظات والهدايا لقوم يعقلون. ومن أهم الدروس التي نتعلمها من هذا الحادث أن الله عز وجل لم يخبر المؤمنين مفاجأة بهذا الحديث وإنما مهد له بنزول آيات سبقت نزول الآيات التي تتحدث عن تحويل القبلة مثل تمهيد القرآن لذلك بالحديث عن مكانة المسجد الحرام وعن ما حدث لخليل الله إبراهيم عليه السلام مع ولده إسماعيل عليهما السلام. كذلك من دروس تحويل القبلة إظهار مكانة النبي صلى الله عليه وآله وسلم عند ربه وكيف أن الله سبحانه وتعالى استجاب لأمنية الحبيب ولم ينتظر دعاءه صلى الله عليه وآله وسلم فالله سبحانه وتعالى وهو المطلع وحده على القلوب وعلى النوايا والأسرار فهو سبحانه وتعالى: “يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور” علم سبحانه وتعالى أمنية حبيبه وحققها له دون طلب مسموع فقال سبحانه وتعالى: “قد نرى تقلب وجهöك فöي السماء فلنولöينك قöبلة ترضاها فولö وجهك شطر المسجöدö الحرامö وحيث ما كنتم فولوا وجوöهكم شطره وإöن الذöين أوتوا الكöتاب ليعلمون أنه الحق مöن ربöهöم وما الله بöغافöل عما يعملون” البقرة. من هنا تظهر أهمية تحويل القبلة وتحقيق أمنية الحبيب وأهمية هذه الليلة المباركة ليلة النصف من شعبان التي ورد أيضا فيها أن الله سبحانه وتعالى ينظر إلى قلوب عباده في هذه الليلة فيغفر للجميع إلا المشاحن ففضلها عظيم ومكانتها عالية ورفيعة وسامية عند أمة الإسلام. فعلى الأمة وهي تحتفل بهذه الليلة المباركة أن نحول قبلة أفعالنا وأوضاعنا من التفرق إلى الوحدة ومن الخلاف إلى محاولة تحقيق التوافق والتراضي ولن يتأتى ذلك إلا بالبعد عن المشاحنات وإزالة أسباب الاحتقان وتنظيف القلوب وتطهيرها حتى يطلع الله على قلوبنا ويغفر لنا جميعا في هذه الأيام المباركة ويخرج الأمة من الضيق إلى سعة الطريق وأن ينجيها من المؤامرات والمخاطر التي تحدق بها من كل اتجاه. إنه ولي ذلك والقادر عليه اللهم آمين. • عضو البعثة الأزهرية باليمن