الرئيسية - كــتب - البلاغة.. وجهة جديدة
البلاغة.. وجهة جديدة
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

البلاغة بوجهة جديدة ..إصدار الأديب محمد مسعد العودي السادس ..قد يبدو العنوان من الوهلة الأولى تقليديا لكن العناوين الظاهرة لا تحمل في العادة سوى مضامين ذكية.. تخفي مبدعا مشتغلا يحمل الكثير من الرغبة في تغيير كل هذا الحيف الحاصل في اللغة العربية. بلاغة تلقائية يقدم العودي في كتابه “البلاغة العربية بوجهة جديدة” والصادر عن دار عبادي ..قراءة جديدة في الشاهد البلاغي ومن خلال الشاهد يقدم مفاهيم جديدة فعلم المعاني لم يعد كما هو لأن المفاهيم التي يقدمها هذا الكتاب خرجت من قراءة النص الى عوالم ابداعية رحبة! يحتوي الإصدار على (3) فصول.. الفصل الأول (علم المعاني) والفصل الثاني (علم البيان) والثالث تطبيقات نصية..تكشف عن أنه صاحبة لغة بسيطة متواضعة كروحه المتواضعة ..كلمات تلقائية بسيطة تولد من الروح لتصل ببساطتها والتي هي ما يتطلبها المجتمع البسيط الى روح القارئ الباحث عن المعرفة .. علم المعاني تناول الباحث العودي في الفصل الأول والذي عنونه بـ(علم المعاني) قاصدا بأنه العلم الذي يدرس لانزياح على مستوى التركيب ذلك التغيير الذي يؤدي الى تغير في المستوى الدلالي..وقدم تخريجات واستخلاصات مثيرة للجدل تحتاج لتناولات ودراسات عميقة عنها!.. علم البيان لم يدخل المؤلف في فاصيل الاسم المشتق (علم البيان) من الفعل بان وأبان أو أراد تعديا لأنه لم يعد بحاجة الى هذا المصطلح الذي لا يدل في نظره على العلم الذي ينطوي تحته ” وإذا كنا قد تركنا مصطلح المعاني كما هو لعجزنا عن اشتقاق مصطلح بديل هو في نظرنا ادق واشمل و مصطلح الصورة الفنية .. فصـ61″ انعكاسات الصورة ويعرف الدكتور العودي الصورة الفنية بأنها” الانعكاسات الفيزيائية للأشياء فإذا رأيت وجهك في المرآة فالمشهد المنعكس في المرآة ليس وجهك انما هو صورة وجهك وكذلك إذا رسمك رسام ..إذن هناك ذات الشيء وهناك صورته المنعكسة فيزيائيا على سطح آخر أظن أن هذا هو المعنى الحرفي لكلمة الصورة وقد تستخدم كلمة صورة للذات مجازا!صـ62″ التشبيهات لم يدرس الباحث د محمد مسعد العودي التشبيه وفق المعايير التي حددتها البلاغة بلاغة المعيار لان يرفض المعايير المطلقة في الدرس البلاغي” لا أرفض المعايير فتقسيم الصورة الى تشبيهية ومجازية ورمزية جاء وفق معايير ولكني أرفض المعايير المطلقة التي ساوت بين القبيح والجميل والظاهر والعميق والهزلي والجاد ..ارفض المعايير التي لا تبين الخصوصية لكل نص..أرفض المعايير التي قتلت الذوق الرفيع الذي بدأ مع علماء البلاغة الأقدمين صـ68″ دلالات في عمق اللغة وللتأكيد على ما يذهب إليه المؤلف يرى بأن اللغة واصفة غير خالقة إذا تصف لنا ظاهرة خارجية “فالفرس يقع خارج الذات وجلمود الصخر يقع خارج الذات فلا علاقة للمشاعر بهذه الصورة لكنها تحدث إثرا في وجدان المتلقي لا من تعبيرها عن العاطفة بل من خلال قدرة الشاعر على رسم لوحة بديعة بتقنية رفيعة صـ74” التصريح مستعارا ويواصل الدكتور العودي تعريفاته لكل من الصورة التشبيهية المعقدة والعميقة والاستعارة التصريحية والمكنية ولتوضيح بعض هذه التعريفات المثيرة يدلل ” (كتاب أنزلناه)..شبه العلم بالنور ..(كتاب أنزلناه) حذف العلم وجاء بالنور بديلا..هل تلاحظ فرقا بين الاستعارتين ..بالطبع لا فرف والسبب ان القراءة اتجهت الى قراءة القانون النحوي الذي تشترك فيه كل استعارة تصريحية في النص القرآني أو غيره مثل الجملة الفعلية التي تتكون من الفعل والفاعل والمفعول به. تطبيقات مدهشة ضمن الباحث العودي في الفصل الأخير لإصداره نصوصا تطبيقية ..حيث قام بتطبيق المفاهيم البلاغية مجتمعة وذلك بقراءة ثلاث صورة الأول جزئية والثانية كلية والثالثة تناصية ببلاغة ستقرأ يمينا ويسارا ..هذا الفصل وذاك وستنتهي إلى خلاصة أن كاتب هذا الكتاب إنما هو إنسان بسيط من عامة هذا المجتمع الذي يعاني الكثير من الارهاصات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية .. أنتج كتابا بحثيا بلاغيا أقرب ما يكون الى المجتمع إيمانا منه بأن الحديث إلى المجتمع عن لغته التي تتدهور لا يتم إلا بلغة المجتمع المتواضعة كروحه النقية الباهية الباحثة عن الخلاص والأمل لمستقبل لغوي أزهى وأبهى!