الرئيسية - كــتب - القاصة سارة عادل .. في زائل الظل
القاصة سارة عادل .. في زائل الظل
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

سلمني صديقي المثقف أنيس رفيق نسخة من مجموعة قصصية للشابة القاصة سارة عادل محمود المجموعة حملت عنوانا طريفا هو (زائل الظل) وحوت بين دفتيها ستا وعشرين قصة جاءت في 90 صفحة ذات مقاس متوسط وهي من إصدارات مركز عبادي للدراسات والنشر . القصص في المجموعة موجهة لشريحة الأطفال وأراها تتفق تماما مع من تراوحت أعمارهم مابين الثالثة والتاسعة فلقد حوت كثيرا من المشوقات التي يتنبه لها ويأنس إليها الأطفال في ذلك العمر أقصد من حيث احتواؤها على الشخصيات الحيوانية وكذا اعتمادها على الخيال المسافر والمجنح في الآفاق مع عالم السحر والقدرات الخارقة . أذكر أنني استمعت للشاعر العراقي الكبير عبدالرزاق عبدالواحد وهو في ذات الوقت شاعر للأطفال حين قال إن أحد المراقبين في الإذاعة قرأ في قصيدة له قوله عن الطائرة الورقية بما معناه طيري وحلقي فوق القمر فغيرها فوق الشجر مبررا منطقية مفردته فشبه الشاعر ونعته بالجهل بالطفل وخيالاته . وبالعودة إلى المجموعة نجدها قد حملت للأطفال كثيرا من القيم والمفاهيم الأخلاقية العالية الداعية إلى المحبة بين الناس وبذر الألفة بينهم كما في قصة الملك الضليل وعدم التسرع في الحكم على الآخرين من مجرد مظهرهم كما في قصة زائل الظل التي حملت المجموعة عنوانها وكذا قصة الصديق الحقيقي وتجنب إيذائهم كما في قصة سمية الشقية ونوهت بمضار الطمع وما يمكن أن يجلبه على الإنسان من خيبات وتحدثت عن ذلك قصة الشجرة المسحورة . ومن الأفكار الرائعة التي تناولتها القاصة سارة عادل محمود في مجموعتها والتي دلت بشكل صارخ وقوي على ما تتمتع به من ذكاء وألمعية ومن خيال ناضح جنوحها إلى إيجاد تفسير خيالي بديع لوجود الظل بعيدا عن التفسير العلمي الفج وبصورة تفتح أبواب الخيال على مصراعيها أمام خيالات الطفل لإيجاد تفسيرات جديدة لظوهر طبيعية أخرى فهي ترى أن الظلال كانت مخلوقات تسكن في زمن بعيد وفي عالم غريب وكان يراودها حلم الالتصاق بشخص من الناس وحدث في يوم من الأيام زلزال وفيضانات مدمرة أدت إلى تشتت وتفرق تلك المخلوقات في أركان الأرض حيث يعيش الناس وحققت حلمها بالتصاقها بالبشر أو كما تقول في نهاية القصة “فعاشت هذه المخلوقات حياتها ملتصقة بهم تتبعهم في كل مكان وبذلك يكون قد تحقق حلم الظلال” . وفي هذا المضمار لن نستطيع أن نمر مرور الكرام دون أن نعرج على قصة هي من أجمل القصص التي حفلت بها المجموعة وإن كانت كل القصص فيها جميلة تلك هي قصة (جزيرة المشاعر) فمن خلال قراءتها يرتسم في ذهن الطفل منبع كل هذه المشاعر التي تعج بها نفوس البشر من جمال وخيال وسحر وحب وحزن ويأس وألم وفرح وغيرها الكثير والكثير فكل هذه أيضا كانت مخلوقات عجيبة تعيش في مكان بعيد وفي زمن غريب وكانت تحمل ألوانا وصفات تميزها فالجمال مثلا كان لونه أصفر مبهج طويل ممشوق القوام والحب كان لونه أحمر قصير وهو أصغر هذه المخلوقات وهو هادىء الطباع .. وهكذا كانت كل تلك المشاعر تعيش في جزيرة المشاعر مع بعضها البعض ثم جرى لها ما جرى فتفرقت شذر مذر “فأصبح الجمال والسحر موجودين في الطبيعة وعاش الخيال في أذهان البشر واستقر الحب في قلوب البشر أما الحزن واليأس والبكاء والدموع فكانوا يأتون في أوقات المصائب أما الغموض فكان يأتي في أوقات الخوف والقلق من شيء ما أما الفرح والسعادة والضحك والمحبة والوئام والابتسامة فكانوا يأتون في الأوقات الجميلة حينما يكون الناس بنفوس صافية” .