الرئيسية - محليات - مركز المشروعات الدولية الخاصة: الفقر والفوضى والنمو السكاني ثلاثي شرير يتكالب على اليمن
مركز المشروعات الدولية الخاصة: الفقر والفوضى والنمو السكاني ثلاثي شرير يتكالب على اليمن
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

تقرير/ أحمد الطيار –

قال مركز المشروعات الدولية الخاصة CIPE أن الفقر والفوضى والمصيدة الديمغرافية هما ثلاثي شرير يتكالب على اليمن ويمكن أن يقذف بها إلى الهاوية في غضون سنوات. وأشار المركز في أحدث تقارير ينشرها لخبراء اقتصاد عالميين إلى أن الخروج من هذا الثلاثي الشرير لن يتم إلا بإقرار برنامج إصلاح عاجل في موازنة الدولة. مشيرا إلى ضرورة أن تتوجه هذه الإصلاحات إلى رفع الدعم عن المشتقات النفطية التي تستأثر بنحو ثلث موازنة الدولة أو ما يعادل موازنة التعليم والصحة والحماية الاجتماعية مجتمعة والتخلص من الموظفين الأشباح في الجهازين المدني والعسكري الذي يقدر عددهم بنحو أربعمائة ألف شخص وإصلاح هيكل الضريبة ومصلحة الضرائب لمنع التهرب الضريبي وتشجيع الاستثمار. ويقول الدكتور محمد الميتمي أستاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء والخبير الاقتصادي الذي اعد المادة العليمة ونشرت في كتيب الشهر الماضي إن من شأن إصلاح هذه البنود الثلاثة فقط أن توفر على الدولة مبلغٍا يقدر بستة مليار دولار سنويٍا أو ما يعادل 80% من موازنة الدولة في الوقت الراهن مؤكدا إن توفير مثل هذه الأموال الطائلة وتحويلها نحو بنود الإنفاق الاستثماري والتنموي يمكن أن يدفع بمعدلات النمو الاقتصادي عاليٍا إلى الأمام ويحد من معدلات الفقر والبطالة بشكل ملموس ويحسن الخدمات الاجتماعية الضرورية ويرى الميتمي أن هذا التكالب الشرير يجعل اليمن بلدا مهيأ للأزمة على الدوام فالتكالب هنا هو أكثر من مجرد تجميع حسابي شرس وفتاك لهذه القوى المدمرة إذ تغدو ثلاثية متضافرة تغذي بعضها بعضٍا فتتعاظم قوتها التدميرية بمتوالية هندسية تنشر الدمار والموت بشكل شامل في كامل إرجاء اليمن. فالفقر وإن كان في ذاته نتيجة للفوضى وسوء الحكم والإدارة التي تطبق على خناق اليمنيين منذ عقود فإنه يغدو بعد ذلك سببٍا لتعميم الفوضى في كل بناءات المجتمع بما يعظم من حبكة ومتانة المصيدة الديموغرافية التي من شأنها إرجاع اليمنيين إلى المرحلة الأولى من التحول الديموغرافي. ويرى أن الفقر بات يحاصر بشراسة ملايين الأسر اليمنية ويفتك بأمنها واستقرارها ويقوض اتزانها النفسي والعاطفي. وبالاعتماد على المصادر الإحصائية هناك اعتراف بوقوع 14 مليون مواطن يمني في المخالب السامة للفقر حتى أصبحت حياة معظمهم جحيمٍا لا يطاق من شدة البؤس وقسوة المعاناة فالمصادر الإحصائية تؤكد أن هناك أكثر من مليون طفل يعانون سوء التغذية الحاد ولا شك أن هذه المعاناة اليومية القاسية للأسر الفقيرة التي تنام وتصحو كل يوم وهي لا تدري ما يخبئ لها القدر لليوم القادم من معاناة ومكابدة مريرة والعجز المهلك أمام تغيير هذا الواقع يوقع الكثير منهم في حالات متنوعة من الاضطراب النفسي ويدفع بعضهم إلى السلوك المنحرف والمتطرف. وتشير بعض الدراسات إلى أن نصف سكان اليمن تقريبا مصابون بمستويات مختلفة من الاضطراب النفسي. ويقول عن الثلاثي الثاني وهو الفوضى الهيكلية الرأسية والأفقية أنها غدت ملمحٍا جليٍا في حياة وثقافة وسلوك الملايين من اليمنيين وهي الفوضى “غير الخلاقة” التي ينتفع منها أعداء السلام والاستقرار وأعداء الحرية والمساواة وأعداء النماء والازدهار فهذا التدمير والتخريب والقتل والتطرف والإرهاب إن هو إلا سمات أساسية للفوضى يؤازرها حالات الانفلات المؤسسي والقيمي والأخلاقي وحالات الفشل الاقتصادي والاجتماعي للدولة والمجتمع. ويرى أن محصلة الفوضى هي تنامي عجز موازنة الحكومة الذي يبلغ نحو 9% من الناتج المحلي الإجمالي أي مئات المليارات من الريالات تهدر وتتبدد وتضيع بين أيدي أبطال الفساد وقادة الفوضى والمسئولين العاجزين واللامباليين. معتقدا أن جزء غير يسير من موارد المجتمع الضائعة تلك تسخر لإعادة إنتاج الفوضى وشل الحياة والاستقرار وخنق روح الأمل في التغيير يعاونهم في ذلك دول إقليمية لا عمل لها سوى زرع الفتن وتعميم الفوضى لغرض في نفس يعقوب كما عبر عن ذلك رئيس الجمهورية عبده ربه منصور في خطابه الأخير. وتنضم المصيدة الديموغرافية إلى هذا التكالب الكارثي حيث لم يكن إجمالي عدد سكان اليمن يزيد على مليوني نسمة في مطلع القرن الماضي واحتاج الأمر إلى 50 عامٍا كي يتضاعف عدد السكان ليصل 4.3 مليون نسمة في خمسينيات ذلك القرن. أما الآن فإن السكان يتضاعفون كل 17 عامٍا. ويتوقع أن يصل عدد السكان إلى أكثر من 40 مليونٍا بحلول 2025. وأمام هذا النمو المتفجر للسكان مقارنة بمحدودية طاقة الأرض اليمنية على توفير الطعام والشراب لهذه الملايين في ظل علاقات وقوى الإنتاج الراهنة فإن الحروب المحلية على الموارد خاصة المياه ستنتشر على نطاق واسع بما يهدد المجتمع بالهلاك وها قد بدأت بالفعل. ويؤكد الدكتور اليمتمي على أن هذا التحالف الثلاثي يعمل اليوم بشكل متآزر ويتفاعل طبقٍا لما يدعوه علماء الاقتصاد بالمضاعف والمسرع لكارثة محققة مهددٍا المجتمع بنشوب حروب وصراعات عنيفة وشاملة وحلول أمراض وأوبئة واسعة النطاق تلتهم الأخضر واليابس. إذ تهاجم هذه الفيروسات الثلاثة النسيج الاجتماعي والعلاقات الاجتماعية والقيم الخلاقة فتمزقها وتحللها وتطلق عمليات متوالية من التدمير والتفكك الاجتماعي. وهنا لا بد من التعجيل قبل فوات الأوان بالتصدي لهذا التكالب الثلاثي عبر إصلاحات شاملة وحقيقية في المنظومة الكلية المسيرة للمجتمع اليمني وفي مقدمتها إحلال نظام سياسي عادل وتنمية اقتصادية متوازنة ومستدامة وإعادة توزيع الثروة وصياغة تحيزات ثقافية عصرية وخلق إجماع ووعي وطني تجاه هذا التكالب الثلاثي الماثل.