الرئيسية - محليات - إحياء للعادات والتقاليد وتعميقا لأواصر الإخاء والمودة
إحياء للعادات والتقاليد وتعميقا لأواصر الإخاء والمودة
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

شهر رمضان الفضيل هو شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار تتجسد فيه أسمى المعاني وصفات الصبر والتآخي والمحبة والتقرب إلى الله جل شأنه بالصوم والصلاة والعمل الصالح ولشهر رمضان في محافظة حضرموت طقوس مميزة وعادات وتقاليد متوارثة منذ القدم ولمعرفة المزيد عن عادات وتقاليد هذا الشهر الفضيل في محافظة حضرموت التقينا بعدد من المواطنين والشخصيات الاجتماعية وذلك فيما يلي: الدكتور سالم محمد بن سالم قال: شهر رمضان شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار من أفضل الشهور تتجلى فيه كل معاني الصبر والتراحم والمحبة والتقرب إلى الله سبحانه وتعالى وبالرجاء إلى مغفرته ورحمته الواسعة وفي هذا الشهر يتضاعف الأجر والثواب كثيرا ولعل أبرزها وأقدرها وأجلها ليلة خير من ألف شهر هي ليلة القدر ونحن نستقبل هذا الشهر الفضيل الذي نتعلم منه نحن المسلمون دروساٍ وعبراٍ ولأنه فريضة على كل مسلم فإن دروسه وعبره حقيقة عظيمة ينبغي أن تتعمق في المجتمع في جميع أشهر السنة بحيث نتحلى جميعاٍ ودائما بقيم التراحم والنظر بعين الرحمة والمحبة للفقراء والمساكين ونساعدهم على تجاوز محنهم ورعاية وزيارة المرضى والجرحى ومساعدة الأرامل واليتامى كما يجب أن تتوجه جهود الخيرين جميعا للمشاريع التي تعود بالخير والمنفعة للجميع لأن شهر رمضان ليس الامتناع عن الأكل والشرب بل الامتناع عن النميمة والغيبة وآثام اللسان والأذن في غير الخير والمحبة والامتناع عن كل ما نهى عنه الله سبحانه وتعالى ورسوله الكريم والله تعالى قد فضل هذا الشهر الكريم بأن جعل كل عمل فيه من صيام وقيام وفعل خير ومحبة لله سبحانه وتعالى ويجزي عنه أضعاف الجزاء والثواب مقارنة ببقية الفرائض والواجبات على المسلم فهل لنا أن نغتنم كل المعاني العظيمة لهذا الشهر الكريم وأن ننظر إليه بأنه واحة عطرة بالتقرب إلى الله سبحانه وتعالى بالصوم والقيام والإكثار من قراءة القرآن الكريم وتوسيع دائرة ومساحة المحبة والود والتراحم بين الناس والتسابق لعمل كل أفعال الخير هذا هو الإسلام الحقيقي فهو دين محبة وسلام وتقدم وأزدهار. استعدادات مبكرة ويقول علي أحمد مبروك: إن شهر رمضان المبارك شهر الرحمة والغفران تكثر فيه الطاعات والحسنات وتتزايد الأعمال الطيبة والمباركة وتتعمق أواصر الإخاء والمودة والقربى فنجد الغالبية من الناس يقدم على البذل ومديد العون للمساكين والفقراء والعطف على اليتامى والمحتاجين والأخلاق والإقبال على الأعمال الصالحة والعبادات فهذا الشهر أنزل فيه القرآن ويمثل جهادا للنفس واختباراٍ للعبد ليطيع أوامر ربه فهو خير وصلاح في الدينا والآخرة والانتصار على الذات وعلى الشهوات وترك ملذات الحياة خلال فترة النهار التي فيها صحة للإنسان قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “صوموا تصحوا” وهذا يجعل الإنسان أكثر ارتباطا بدينه وخالقه وفيه خير كثير له. أما الاستعدادات في محافظة حضرموت فهي كعادة الناس تقوم بالتهيئة والاستعداد لأداء فريضة الصوم بشكل مبكر قبل دخول الشهر الكريم والفرحة به في تنظيف البيوت استعدادا واستقبالا وكذلك إحضار متطلبات المنزل من المواد الغذائية والأطعمة نهنئ أنفسنا بقدوم شهر رمضان المبارك ونسأل الله أن يوفقنا إلى طاعته وعبادته وكل عام والجميع بخير. طلاء المنازل الأخ حسين عبد الله بامطرف يقول: يطل علينا الشهر الفضيل شهر الخيرات والبركات شهر رمضان المبارك وبالتأكيد أن كل المسلمين يهنئون أنفسهم لاستقبال هذا الشهر المبارك بمقام يليق به ففي هذا الشهر أنزل القرآن كما قال سبحانه وتعالى: “شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن” صدق الله العظيم والناس تبعا لطقوسهم تستقبل هذا الشهر ففي المدن يختلف عنها في الأرياف كما يختلف استقباله بحسب العادات والتقاليد المتعارف عليها في هذا البلدة أو تلك. ونحن نهيئ أنفسنا باستقبال هذا الشهر الفضيل من جانبين هما الجانب الديني والجانب الدنيوي ففي الجانب الديني نكرس كل جهدنا للإكثار من قراءة القرآن والحفاظ على الصلوات في أوقاتها جماعة والسلوك الحسن والمعاملة الطيبة والنصح الطيب لما يرضي الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. أما في الجانب الدينوي وأقصد هنا التماشي مع عادات وتقاليد البلد فمثلا نعمل على شراء متطلباتنا الضرورية من السوق أكان من غذاء أو مكملات أو الأواني المنزلية لعمل خاصيات هذا الشهر من أطباق غذائية خاصة ومن المقليات التي لا تظهر غالبيتها إلا في شهر رمضان المبارك كما يعمل البعض على رش بيوتهم القديمة بالنورة ومظاهر الجمال كذلك يعمل البعض الآخر من القاطنين في البيوت الحديثة على طلاء بيوتهم بشتى أنواع الطلاء الذي يظهر جمال البيت بما يعطي هذا الشهر الكريم حقه ونقول مرحبا يا شهر رمضان مرحبا ياشهر العبادة. عادات مختلفة الكاتب والباحث أحمد سعد التميمي تحدث بدوره قائلاٍ: يأتي رمضان مرة في كل عام نتذكر جميعا عبق الماضي وبهجة لياليه المتميزة فها هو المسحراتي يدق على طبله حتى يستيقظ الناس وقت السحور وها هي لحظات الطهي والصفاء والمحبة بعد آذان المغرب وقد تجمع الأهل والأَقارب والأصدقاء على فنجان من القهوة الشاذلية وحبات التمر وينهضون بعدها الى تبادل الزيارات وصلة الرحم وصلاة التراويح والذكر وقراءة القرآن حتى وقت متأخر من المساء مرددين شهر مبارك وعساكم من العايدين الصائمين وعساكم من عوادة يارب العالمين. ولشهر رمضان الفضيل مكانة خاصة في نفوس المسلمين بمشارق الأرض ومغاربها فهو شهر الخير والبر والرحمة يتسابق فيه المسلمون على فعل الخير للتقرب للباري عز وجل والإكثار من الطاعة والعبادة ويظهر جليا تميز هذا الشهر عن سائر السنة في سلوك وعادات الناس وتسود مظاهر الفرح والحب في صلاة والمروة والعبادةوالتقوى والطهر وفي اليمن لهذا الشهر عادات وتقاليد تختلف وتتنوع بتنوع المحافظات واختلاف بيئتها بين السهل والجبال والبحر والوادي واعتدال المناخ وارتفاع درجة الحرارة وانخفاضها وإن كان هناك تشابه نوعاٍ ما فإن الاحتفال بمظاهر رمضان في صنعاء يختلف عنه في الضالع وردفان ولحج والحديدة وصعدة وحجة وحضرموت للتنوع البيئي وهي نعمة من الباري عز وحل. فرح وبهجة وأردف التميمي: كان أبناء اليمن من أهل حضرموت ولا زالوا يحتفلون احتفالا كبيرا برمضان ولياليه المطرزة بالفرح والبهجة والعبادة والطهر يقرؤون القرآن في كل يوم وليلة ويتباهون رجالاٍ ونساء وأطفالا بعدد الأجزاء التي أتموها حتى استكمال القرآن بأجزائه الثلاثين كاملة كما أنهم يحيون لياليه بصلاة التراويح وصلاة القيام من بعد العشاء وحتى وقت متأخر من الليل الرمضاني المميز وتعقد الدروس الدينية في معظم المساجد صغيرها وكبيرها بعد صلاة العصر يتخللها الوهبة حيث يوهب أهل القرى لأمواتهم الصدقات من التمور وتوزيعها على المساجد وتسمية أمواتهم وذكرهم بالاسم ثم توهب إلى أرواحهم هذه الصدقات ويقدم الإفطار في المساجد للفقراء والمساكين وعابر السبيل ومتوسطي الحال كما توزع التمور في الحارات والأحياء للفقراء من قبل الميسورين والجمعيات الخيرية وتفتح دواوين بعض الأسر الميسورة للإفطار الجماعي وبعد الإفطار يتزاور الأهل والأقارب والأصدقاء بمسمى شهر رمضان ويتبادل الناس بعض أكلات الإفطار بين الجيران لتستكمل المائدة بما عند الجار لجاره فيوزع هذا الشوربة ويوزع الآخر المخمر أو الباقية أو اللحوم وغيرها من الأكلات الشعبية الرمضانية. وأضاف التميمي لرمضان في محافظة حضرموت أكلات خاصة لا تتكرر إلا في العام مرة واحدة ولكونها لا تتكرر إلا من رمضان إلى رمضان فيبدو وكأنها جديدة على الناس ومن هذه الأكلات العقيقة وهي عبارة عن أكلة للإفطار من التمر المغموس بالزيت الجلجل الصافي أو بعض الحبات من ثمار الحبة السوداء وتفحس ويستخرج منها نواه التمرة ويوضع أحيانا على درجة حرارة حيث يفقس بها بعض البيض لتقديم وجبة غنية مغذية تعرف باسم العلقة أو العقيقية. بالإضافة إلى السمبوسة والباقية والمخمر والبطاطة والمشبك والمقلمات بأنواعها وأشكالها المختلفة إضافة إلى الغربية كالمكرونة والعطرية والكرملة والكاستر والجلي والتمبو والأكلات الأفريقية والآسيوية التي نقلها الحضارم من أصقاع مختلفة من العالم وغيرها من الأكلات الشعبية. أمي صيمة واستطرد قائلا: يستعد الأطفال للاحتفال بقدوم شهر رمضان المبارك منذ رؤية هلال شهر رمضان بأيام ليرسموا رمضان على جدران المنازل وحيطان الأحياء ويقومون برسم رسومات لا يفهمها إلا هؤلاء الأطفال ببراءتهم وصدقهم ولا يعلمها إلا الله ولكن في أغلبها خطوط تعبر عن فرح طفولي لا حدود له ويعملون من الحجار والطوب حيطة رمضان أو (دكة أمي صيمة) ويجتمعون فيها عصر كل ليلة من ليالي الشهر الكريم وهو يحملون أكياسهم المليئة بالأكلات الشعبية من إفطار أسرهم وما تم شراؤه من الأسواق من حلويات (الغافوت) وهي حلويات رمضان مصنوعة من السكر بشكل قوالب وأدوات الطبخ والسكاكين والجانبي ومقاطر وشبابيك وأشكال حيوانات وينشدون أثناء هذا التجمع الطفولي قصيدة ذات تاريخ قائلين: أمي صيمة هاتي لقيمة.. من البريمة.. من البريمة حتى أذان المغرب معلنا إفطار الصائم يبدون بأكل محتويات أوعيتهم ويفرغون ما بداخلها في بطونهم ليعودوا بعد ذلك إلى بيوتهم بعد أن يفطر أهاليهم بسلام دون ضجيج الأطفال وقد أعدوا الإفطار ونظموا ترتيبه واستعدوا بفرش سفرة الأكل مع عودة الرجال من المساجد بعد تأدية صلاة المغرب. ويظهر جليا تميز رمضان المبارك عن سائر شهور السنة في كثير من العادات والسلوك والمظاهر وهذا التميز للشهر المبارك ليس جديداٍ بل هو قديم وتليد مستمد من أجواء العبادة والصيام ويشبه تميزه الكثير من المناطق في عموم اليمن ابتداء من ليلة رمضان الأولى حيث يحدث تغير كبير في طريقة الحياة الشعبية اليومية فيها بين غادُ ورائح والبيوت عامرة بالساهرين من أهلها وضيوفها وجيرانها يتبادلون الأطعمة الرمضانية وهي من طقوس رمضان الرائعة.