الرئيسية - محليات - شوارع يتزاحم فيها المتسولون .. ومساجد تتزاحم فيها الجمعيات الخيرية والفقراء
شوارع يتزاحم فيها المتسولون .. ومساجد تتزاحم فيها الجمعيات الخيرية والفقراء
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

الحديدة/ استطلاع وتصوير/ فتحي الطعامي – حكايات وقصص تراجيدية محزنة يسمعها الصائمون خلال شهر رمضان المبارك من قبل المتسولين المنتشرين في شوارع وأحياء ومساجد مدينة الحديدة فمنذ اليوم الأول من شهر رمضان المبارك يتدفق آلاف المتسولين من أغلب الأحياء الفقيرة لمدينة الحديدة ومن المديريات الفقيرة إضافة إلى تلك الأعداد القادمة من المحافظات المجاورة (ريمة –المحويت– حجة …)

أعداد كبيرة وجيوش من المتسولين تستقبلهم شوارع وأحياء مدينة الحديدة خلال الشهر الكريم منذ وقت الظهيرة وحتى قبيل السحور .. يقفون في الجولات وعلى أبواب المحال التجارية وفي الأسواق بما فيها أسواق القات يسيرون جماعات وفرادى صغار وكبار نساء ورجال وشيوخ آملين في صدقة رمضان .. قادمين من مختلف مناطق هذه المحافظة المرسوم على خارطتها الفقر والعوز .. فمن الزهور والسلام والسلخانة وزايد والشهداء تلك الأحياء الفقيرة بمدينة الحديدة ومن المديريات القريبة كالدريهمي والمنصورية… ناهيك عن آخرين قدموا من مديريات محافظة حجة والمحويت وريمة… آلاف المتسولين وربما عشرات الآلاف تمتلئ بهم شوارع مدينة الحديدة وبما يشبه مهرجات كرنفالي كبير للتسول الوضع لا يقف عند تلك الجيوش المتدفقة في الشوارع بحثاٍ عن ما يقولون إنه حق الله في رمضان.. بل إن تلك الشوارع تتحول إلى سكن لمئات الأسر والذين يستقرون فيها ويسكنون طوال أيام الشهر الفضيل .

مواعظ التسول لا تخلو أي صلاة في المساجد بمدينة الحديدة من قيام المتسولين والذين يطلبون عون المصلين … فمتسول عند المحراب وآخر في مؤخرة الجمع والبعض في البوابات… كما لا تخلو مخارج تلك الجوامع من وجود العديد من النسوة والذين يفترشون الأرض يلهجون بعبارات الدعاء والرجاء بيد أن اللافت للنظر هو تلك العبارات المرتبة والكلمات المنتقاة والتي تستعطف المصلين . ففي أحد جوامع مدينة الحديدة وقف أحد المتسولين خلف المحراب بعد الانتهاء من الصلاة وقام بسرد الآيات والأحاديث التي تدعو إلى التكاتف وعون الفقراء وتحث على الإسهام في التخفيف من معاناة المعوزين .. ثم عرج إلى مأساته الشخصية وبكونه مريض ومن أنه يعول أسرة ولا يستطيع توفير احتياجاتهم خلال الشهر الكريم سائلاٍ المصلين بالله العظيم أن يتصدقوا عليه كما لم ينس ذلك المتسول أن يختم كلامه بالدعاء للمسلمين وبعبارات جميلة منمقة وكأنها مقتبسة من أحد كتب الوعظ في العقد الهجري الثالث .

جمعيات تزاحم طلب العون في المساجد خلال الشهر الكريم لا يتوقف على الفقراء والمعوزين الذين يقصدون بيوت الله عز وجل في هذا الشهر .. بل إن هناك فئة أخرى تطلب هي الأخرى مساعدة المصلين وفي كل أيام شهر رمضان المبارك إن لم يكن في كل الصلوات .. وهي الجمعيات الخيرية والتي تظل طوال الشهر الكريم يقف مندوبيها عقب الصلوات لشرح أهداف تلك الجمعيات بينما يقف آخرون وبأيديهم كراتين وصناديق التبرع على أبواب المساجد .. الشيخ محمد إمام لأحد المساجد بالحديدة أكد أنه وقبيل شهر رمضان يتواصل معه مدراء تلك الجمعيات للموافقة على جمع التبرع في مسجد وإلقاء كلمات تحث المصلين على الإسهام في دعم تلك الجمعيات .. وحيال تلك الطلبات – وكما يقول الشيخ محمد نقوم بتوزيع أيام الشهر على تلك الجمعيات حتى لا تتضارب مواعيد الجمعيات مع بعضها البعض وهكذا تصبح كل أيام الشهر الفضيل وفي المساجد مسرحا لطلب العون والمساعدة من جهات مجتمعية وفقراء ومتسولين ..

أسر تتسول تزيد تلك الأعداد المتسولة خلال الشهر الكريم والتي تمتهن هذا العمل خلال هذه الأيام المباركة دون سواها يدل على أن الأوضاع الاقتصادية للبلاد طالت الكثير من الأسر اليمنية. فبعض تلك الأسر والتي وجدناها في أحد شوارع مدينة الحديدة أكدت بأنهم ليسوا متسولين ولا يمارسون هذه المهنة لكن الوضع المادي المتدهور لهم دفعهم لطلب حق الله (الزكاة) من ارباب المال والذين يقومون بتوزيع زكواتهم خلال هذا الشهر في مدينة الحديدة .. فهم وكما تقول الحاجة سلامة يستعينون بما يتحصلون عليه خلال هذه الأيام لشراء احتياجات العيد لأولادهم. وقالت الحاجة سلامة والتي قدمت من مديرية المنصورية مع بناتها الثلاث وابنها الصغير الذي لم يتجاوز 8 سنوات الأوضاع يا ابني صعبة ووالد العيال يعمل بالأجر اليومي بقيمة 900 ريال ونحن عددنا 8 أشخاص في المنزل لا يكفينا هذا المبلغ لشراء الأكل في شهر رمضان. وتضيف الحاجة سلامة التجار والجمعيات والدولة ينظرون للمواطنين الفقراء بالمدينة واحنا اللي في الريف لا نشوف تجار ولا دولة ولا جمعيات حتى حق الشئون الاجتماعية ما توصل عندنا… ولهذا نسافر كل يوم من المنصورية إلى الحديدة في العصر وندور على محلات التجار وعلى أهل الخير يعطونا ما يسهل الله ونعود الساعة 2 في الليل إلى المنصورية.

اعتكاف في الشوارع عشرات الأسر عزمت الاعتكاف في شوارع مدينة الحديدة خلال شهر رمضان المبارك كما هو الحال مع أسرة الحاج سالم علي والتي قررت ومنذ أول يوم من شهر رمضان اختيار موقعاٍ لها في شارع صنعاء بجوار جولة جمال – زايد وفرشت الكراتين والتحفت السماء أملاٍ منهم في أن يتحصلوا على حق الله في شهر رمضان. حيث يقول الحاج سالم والذي تجمع حوله أطفاله الستة وزوجته أنه بدأ افتراشه لهذا المكان منذ أول يوم من شهر رمضان وسيغادره آخر ليلة من الشهر الكريم. أسرة علي سالم هي واحدة من مئات الأسر الموجودة في العديد من شوارع مدينة الحديدة خلال هذا الشهر الكريم وبما يشبه اعتكاف المساجد عاقدين النية أنهم لن يبرحوا أماكنهم حتى يرون هلال شهر شوال. هذا هو وضع الحديدة خلال الشهر الكريم ناهيك عن المئات من المتسولين الذين يجوبون شوارع وأحياء وحارات مدينة الحديدة بمن في ذلك تلك الأعداد للمتسولين من غير اليمنيين (السوريين) والذين باتوا يشكلون مصدر إزعاج للمتسولين اليمنيين لما يحظون به من تعاطف اليمنيين .. هذا التدفق الكبير والتزايد المخيف لأعداد المتسولين في محافظة الحديدة خلال الشهر الكريم يكشف حجم الفقر المدقع والذي طال شريحة كبيرة من اليمنيين لم يكونوا في السابق ضمن هذه الشريحة.