الجمعة 29 مارس 2024 م
الرئيسية - كــتب - اليمن وتغير المناخ في مدار الفوضى
اليمن وتغير المناخ في مدار الفوضى
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

قرية يمنية تحتضر ما الذي يحدث عندما يجف الماء مثلاٍ في قرية من قرى اليمن …الإجابة المنطقية هي أن تتهاوى أراضيهم الزراعية ومع التهاوي يفقدون مصدر عيشهم ما يضطرهم إلى ترك قريتهم.. مزارعاٍ ..مزارعاٍ إلى مناطق أخرى توفر لهم البديل..بعضهم يتجه إلى المدينة وبعضهم إلى أماكن أخرى ..! من هو المسئول عمِا حدث للقرية ..¿ يحاول كتاب هذا العدد الإجابة على هذا السؤال! مدار الفوضى صدر عن سلسلة عالم المعرفة الشهرية مؤخراٍ كتاب هام جداٍ حول موضوع تغير المناخ وعلاقته بالصراع الاجتماعي والعنف السياسي في العالم وتحديداٍ في دول الشرق الأوسط..تحت عنوان ((مدار الفوضى..تغير المناخ والجغرافيا الجديدة للعنف)) للمؤلف كريستيان بارينتي وترجمه سعد الدين خرقان..وهذا الكتاب يحاول إيجاد إبعاد المشكل التي وقعت لكثير من المناطق والقرى ومنها تلك القرية اليمنية! سنركز على ما تضمنه الإصدار – عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بدولة الكويت -عن مناخ اليمن والمتغيرات الطقسية التي تؤثر وستؤثر فيه مستقبلاٍ …”يأخذنا الكتاب إلى الدول التي تقع في هذا الحزام –يقصد جغرافيا الحزام على طرفي خط الاستواء- يبدأ من الدول الواقعة غرب افريقيا والتي تشترك مع اليمن مناخياٍ في “غور” واحد بحيث أن ما يؤثر على مناخها سواء سلباٍ أو إيجاباٍ يؤثر على اليمن حيث يتفاعل الجفاف مع إرث الحرب الباردة والسياسات الليبرالية الجديدة في تأجيج العنف من قتل ايكارو ¿ احتوى الإصدار الذي جاء في (319) صفحة على (4) أجزاء ..تضمن كل جزء عدة فصول هي..الجزء الأول والمعنون بآخر دعوة للأوهام على ثلاثة فصول هي ..”من قتل ايكارو لومان” وتناول فيه قصة موت راعُ كيني على يد أفراد من قبيلة أخرى قتلته من أجل السطو على أغنامه التي يرعاها ..وسبب إقدام أفراد تلك القبيلة على قتله تغير المناخ الذي أدى إلى جفاف أراضيهم وبالتالي دفعهم إلى قتل ونهب القبائل الأخرى التي لم تكتو بنار التغير المناخي..وفيه ينصح “كلمتا السر في النقاش حول المناخ هما التخفيف والتكيف أي أن علينا أن نخفف من مسببات التغير المناخي وأن نتكيف مع تأثيراته …يعني التخفيف تخفيف إنتاجنا بشكل كبير من ثاني أكسيد الكربون والغازات الدفيئة الاخرى التي تمنع حرارة الشمس من الارتداد بالإشعاع إلى الفضاء ويعني التخفيف التحول إلى مصادر الطاقة النظيفة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية صـ25”.. سياسة قارب النجاة في الفصل الثاني يتناول موضوع المتنبئين العسكريين الذين يرون أن العالم الثالث خلال العقود الخمسة المقبلة معرض وبشدة للتغيرات المناخية السلبية والتي سوف تودي بسكانه إلى الهجرة إلى العالم الأول مما يسبب مشكلات كبيرة لهم …ويعتمد لهذا الغرض وسائل عسكرية عنيفة لمكافحتهم “يخطط البنتاغون لعالم يعاد تشكيله بسبب تغير المناخ يمكنك أن تقول حتى أن البنتاغون يخطط لمعركة ..يبدو أن سياسة قارب النجاة المسلح هي الرابحة صـ29” .. في الفصل الثالث يتناول الحروب الواقعة والتي ستقع في العقود المقبلة الناتجة عن تغير المناخ من جفاف الاراضي الزراعية وانعدام الماء تحت عنوان “حرب من أجل كوكب صغير كأسلوب لمكافحة التمرد”.وفيه تأكيد على خططه العسكرية للحد من تلك التأثيرات عليه! على مشارف اليمن في الجزء الثاني يقترب المؤلف من اليمن ففي خمسة فصول هي (الجغرافيا السياسية لغارة على قطيع..الأمطار الموسمية ونقاط التحول..صعود دول افريقيا الشرقية وسقوطها..النبوءة الصومالية..تنظير الدول الفاشلة) يوجد الروابط المناخية التي ستؤدي إلى انهيار عالم الجنوب الفقير..”اذا كان المركز الامبريالي للنظام العالمي الجديد يستعد للتكيف مع تغير المناخ عبر اللجوء إلى أساليب عسكرية فما الذي سيبدو عليه انهيار ناجم عن تغير مدفوع مناخيا في عالم الجنوب صـ55″. أنواع زراعية مبتكرة يتناول في فصول الجزء الثالث والبالغة ( 4) فصول التغيرات المناخية التي وقعت في كلُ من افغانستان وباكستان والهند وأثر تلك التغييرات على احتدام الصراع الاجتماعي والسياسي …فمثلا يرى بأن تغير المناخ الذي أدى إلى ندرة سقوط الأمطار في أفغانستان في ثمانينيات القرن المنصرم دفع بالمزارعين إلى زراعة المخدرات كونها لا تتطلب سوى القليل من الماء لزراعتها مقارنة بالمزروعات الاخرى وهذه الزراعة بالطبع أدت ومازالت إلى مشكلات لا حصر لها في العالم كله..وفي فصول الجزء الرابع والبالغة (3) يتناول ظاهرة تغير المناخ وآثارها الكارثية على أمريكا الجنوبية..في خاتمة تشير علنا بان المستفيد من تغير المناخ هو الشمال الغني والمنكوب هو الجنوب الفقير أصلاٍ. عزو لا يعزو المؤلف هذه المشاكل الناشئة عن تغير المناخ من فقر وجفاف وهجرات داخلية وخارجية وحروب إلى تغير المناخ وحده, لكنه يرى أنه أصبح عاملا رئيسا إضافة إلى العوامل الأخرى الموجودة مثل إرث الحرب الباردة وتبني الاقتصاد الليبرالي الجديد فيما دعاه بثلاثية التجمع الكارثي للعنف.. عطفا على اليمن المطلوب من خلال استقراء صفحات الإصدار والتي تشير إلى قرب وقوع الجفاف الفعلي في كينيا والصومال مهددة بامتداده في المستقبل القريب إلى اليمن كونها تقع في “غور” واحد تحسس مكامن الخطر التي تحدق باليمن.. تقريب أبعاد المشكل التي تعاني منها الارض الزراعية نتيجة ظاهرة الاحتباس المدمرة وإيجاد معالجات منطقية من مثل حتمية تكيف الانسان مع تلك المتغيرات ولو كانت الكلفة باهظة..من دون تلك الحقيقة المروعة ليس ثمة ظاهرة خطيرة اسمها ظاهرة الاحتباس الحراري..وليس في الحقيقة قرية يمنية تتهاوى أرضها الزراعية ويجف ماؤها بسبب التغير المناخي.