الرئيسية - محليات - إحياء للأهازيج والألعاب الشعبية.. وزيارات للأرحام والمرضى
إحياء للأهازيج والألعاب الشعبية.. وزيارات للأرحام والمرضى
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

تكتسي نفوس أبناء الساحل بمحافظة حضرموت بحلة من الجمال وتتوارى الأحقاد وتتلاشى الضغائن ويعم السلام وتعم الفرحة أرجاء مديريات الساحل مع قدوم عيد الفطر المبارك كما يقومون بإحياء العادات والتقاليد الغاية في الروعة ابتهاجا بعيد الفطر.. حول هذا الموضوع أجرت “الثورة” الاستطلاع التالي:

* البداية كانت مع الأخ سامي بن شيخان الذي تحدث قائلا: تتفرد أيام العيد بنكهة خاصة وتكتسب ميزة منفردة ففيها تصفو القلوب وترق المشاعر وتكتسي النفوس بحلة من الجمال حين تتوارى الأحقاد في الصباح يوم العيد وتتلاشى الضغائن وينسى الخصام والشقاق والاختلاف ويعم السلام والفرحة بين المسلمين باجتماعهم بقلوب متحابة وأجسام متعانقة ووجوه باشة وأيد متصافحة. * هكذا هو العيد كما أراده المولى عز وجل لعباده وأوصى به نبيه الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم بعد انقضاء شهر الصيام والقيام جزاء وثواباٍ حسباٍ وعطاء فرحة وسعادة للمسلمين أجمعين محققا بذلك هدفا عظيما ترسخ فيه مبادئ وقيم سامية للحق والعدل والتراحم والمساواة.

أجواء روحانية وأضاف شيخان: في العيد رغم روعة الأجواء الروحانية الاحتفائية المنسوجة أمامنا غبطة وابتهاجا تتسلل خلسة بعض المنغصات والهموم المعيشية بعد أن فرقنا معشر المسلمين نزاعات المذاهب وكثرة الفروع واختلاف القواعد وجعلتنا خصوما في البيوت والأسواق والأندية والمساجد وبلينا ببغض الأقربين وحب الأباعد ونبذنا الصحيح من تقاليدنا وعاداتنا وقيمنا وجفتنا مظاهر الحضارة الخداعة لتغتال كل أصيل وجميل في حياتنا وفي العيد أيضا تبرز الذكريات من بين ثنايا الفكر والهواجس تعلن بتحد جميل عن وجودها برغم بؤس أحوال العرب والمسلمين وعن بارقة أمل في أن تتحسن الأحوال ففي محافظة حضرموت مثلا ومدينة غيل باوزير تحديدا يلمع بريق السعادة بقدوم عيد الفطر المبارك من خلال تلك المظاهر الاحتفائية التي كانت ولا زالت تتحدى تلك الهجمة العولمية الشرسة وترفض الاستسلام لزيف الحضارة والتقدم بدايتها لحظة إعلان قدوم العيد بواسطة المدفع في السابق أو إطلاق الأعيرة النارية حينها تغمر الفرحة الأطفال وتسمعهم يريدون منشدين “دو الليلة مقابر وغدوة زينة” حيث اعتاد أهالي البلدة في ليلة العيد أن يعمروا المساجد وزيارة أضرحة الأولياء يقضون الليل بكامله في قراءة القرآن الكريم في هذه الأماكن ولذلك تسمى “مقابر” حسب ما جاء في أهزوجة الأطفال أما البعض الآخر فيقضي الليلة في السمر واللهو حتى قرب موعد صلاة الفجر ويطلقون على هذه الليلة اسم “ليلة الحية” لأن الناس لا ينامون فيها ويظلون سهرانين حتى الصباح. وفي الصباح يتوجه الرجال بصحبة أطفالهم وهم في كامل زينتهم إلى المسجد لأداء صلاة العيد قبل انتشار “مصلات العيد” وتكاثرها في البلد حيث يقام بجانب الجامع سوق لبيع الحلويات والمكسرات واللعاب الأطفال ويطلق على هذا اليوم يوم الزينة وبعد انتهاء خطبة العيد يتصافح الجميع متبادلين التهاني بالعيد ثم تبدأ مراسيم الاحتفال بالزينة فتتجمع الفرق الشعبية أمام الجامع كالزامل والعدة والمرفع والزف وتسير في موكب مخترقة شوارع المدينة لتنتهي بجوار الحصن الأزهر المركز الثقافي حاليا وبعدها يتجه الناس لزيارة الأهل والأقارب كي يتبادلوا التهاني بحلول العيد يبسطون أيديهم بالجود والسخاء وتتحرك نفوسهم بالشفقة والرحمة فيوسع ميسرهم على معسرهم وتسري في قلوبهم روح المحبة والتآخي فتذهب عنها الضغائن وتتلاشى الأحقاد وتسودهم المودة والصفاء ويكون للأطفال نصيبهم من العطف حيث يقوم الكبار بتقديم النقود لهم ويقال له العوادة فيضفي فرحة ما بعدها فرحة على الأطفال.

ألفة ومحبة وأردف شيخان: ومن المظاهر التي كانت تصاحب العيد وتسود بين أفراد المجتمع تلك الزيارات والتجمعات التي تقام في أحياء المدينة حيث يتجمع أهالي كل حارة في مكان معروف ليتبادلوا التهاني ثم يقوموا بزيارة المرضى من أهالي الحارة وكان كبار السن والشيوخ يستغلون هذه المناسبة في الصلح بين المتخاصمين من خلال الزيارة مما يقوي أواصر الألفة والمحبة ومن المظاهر الأخرى نجد أنه في أيام العيد الثلاث تقام بجوار الحصن الأزهر الألعاب الشعبية عصرا خاصة لعبة البارعة والشبواني التي تضفي جواٍ من البهجة على أيام العيد وفرحة كبرى للأطفال بوجود البسطات في هذا الموقع فيشترون ما تشتهي أنفسهم من ألعاب وحلويات بما جمعوه من عوادة كما جرت العادة في ثاني أيام العيد أن يذهب الأهالي إلى منطقة النقعة في ضواحي المدنية لزيارة ضريح الشيخ محمد بن سالم حيث يأتي الأهالي من كافة مناطق المديرية تصحبهم ألعابهم الشعبية لعل أشهرها المرزحة التي يقيمها أهالي مدينة القارة كما يقام بها سوق يتبضع منه الأهالي لأطفالهم.

مراسيم استقبال العيد ومن جانبه قال عوض سالم البهيشي: مراسيم استقبال العيد تختلف باختلاف المناطق والشعوب وعندنا المراسيم تختلف في المدن عن المناطق الريفية فلكل منطقة عاداتها وتقاليدها ولكنها جميعها تعد جزءاٍ لا يتجزأ من الموروث الاجتماعي في كافة البلدان الإسلامية والعربية.. ففي مناطقنا الريفية وبالذات منطقة فوه الشعبية من ضواجي مدينة المكلا في ليلة العيد يقوم الأطفال في المساء بشراء وتنظيم وتجهيز ملابس العيد الجميلة الجديدة ويخرجون إلى شوارع القرية حاملين الأعواد مرفوعة وفي أعلاها لمبة وسراج كالمشاعل عبارة عن علبة لبن صغيرة مملوءة بالكورسين (القاز) وذبالة قطن يتم إشعالها ويطوف الأطفال بها حاملين المشاعل كل شوارع وأزقة القرية مرددين أهازيج بتوديع شهر رمضان شهر القيام والصيام والمغفرة والإحسان ومن ضمن تلك الأهازيج: ودع ودع يارمضان.. ودعك الله يارمضان.. شهر العبادة شهر الصيام بينما الشباب يسهرون في ليلة العيد بتجهيز وجلب ما تبقى من الواجبات المنزلية في مساعدة آبائهم والنساء يسهرن في ترتيب وتزيين وتنظيف المنازل وتركيب أدوات الزينة والستائر المنزلية وبالذات في غرف الاستقبال وفي يوم العيد وبالذات بعد صلاة العيد في المسجد يصطف الرجال والشباب في ساحة المسجد ويقومون بتقديم العقال وشيخ المنطقة ويتبادلون التهاني التحايا والتبريكات العيدية في طابور منظم فردا فردا وبعد الانتهاء من تبادل التهاني في المسجد ينتقل الجميع إلى خارج المسجد وينتظمون في مجوعتين المجموعة الأولى يتقدمها السادة والمشائخ ومنصب القرية يقومون بترديد مقاطع إنشادية موشحات دينية ترفع أصواتهم ونبراتهم بالتكبير والتهليل والاستغفارات الروحية الصافية ويتقدمهم الشباب بالطبول والدفوف وبالذات الذين لديهم الخبرة في دق الطبول ولديهم مقدرة صوتية مقبولة ومؤثرة في ترديد الموشحات ويتجهون صوب المقابر وأضرحة الأولياء الصالحين في القرية وهناك تقرأ الفاتحة على أرواح الموتى ويتم توزيع القهوة والتمر وأحيانا قطع من حلوى وبعدها تنتهي الأفراح بالعيد لهذه المجموعة أما المجموعة الثانية فيتقدمها عقال ومقادمة القرية من البدو وكافة الشرائح الأخرى تصطف خارج المسجد ويقومون بترديد الأهازيج والزوامل وتتخللها الألعاب الشعبية الراقصة بينما يصطف الأطفال بمحاذاة المواكب الشعبية يقومون بإطلاق الأعيرة النارية من مفرقعات وطماش نارية هادئة.. والجميع شيوخا وأطفالاٍ رجالا وشباباٍ مبتهجون ومستبشرون بفرحة العيد السعيد وهكذا تستمر الأفراح الشعبية حتى الساعة العاشرة صباحا تقريبا وبعدها يتجه الكل إلى المنازل لتقديم التهاني للشيوخ والأقارب والأصدقاء وأعيان وعقال ومعاودتهم بالعيد.. ثم يتجه كل إلى منزله ليقوم بمراسيم ذبح ولائم العيد.

تعاظم الفرصة الأخ محمد أحمد عبدالرحيم باعباد تحدث من جهته قائلا: البهجة الكبيرة والمغمورة بتعاظم الفرحة بصيام شهر رمضان الكريم وقد تجاوز المسلم الصائم المسؤولية بنجاح واقتدار وسرور في شهر الصفاء الروحي والفرحة تغمرنا والابتهالات تتعالى أصواتها إلى المولى جل شأنه أن يتقبل الله صيامنا بالعتق من النار ونسأله تعالى أن يعيده علينا في صحة وعافية تامة وكما قال الرسول (صلى الله عليه وسلم) (صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته) فالصوم والإفطار مقرونان بالرؤية الثابته بالشهادة أو بإكمال العدة فمن ينابيع السعادة الروحية وطريق تصفية النفوس وترفيه أحوالها والسمو بها إلى دارج الكمال تهيأت كل النفوس بفرحتها الكبرى بقدوم عيد الفطر المبارك وببهجة تتبادل التهاني وعبارات الحب والمودة والدعوات الصالحة وبالشكر والثناء للخالق العظيم بأدائها لصلاة العيد تسأله التوفيق والسداد وخير الدنيا والآخرة والتآخي والتأزر متناسية الأحقاد والضغائن والفتن ما ظهر وما بطن ففي العيد تتغير الناس بلباسها الجديد القشيب وعلى وجوهها الابتسامة بالنجاح الذي حققته طيلة شهر العبادة والغفران وقد تطهرت لتتزين وتذبح الذبائح شكرا لرب العباد جل شأنه وبطبيعة الحال فلكل منطقة عاداتها وتقاليدها في الأعياد الدينية والأفراح المناسباتية وتشعر بالاعتزاز للامتثال لهذه العادات التي أسسها الأجداد الأفضل رحمهم الله وأسكنهم فسيح جناته.

نكهة خاصة وأردف باعباد بالقول: إن هذه العادات والتقاليد لها نكهة خاصة تربط بالماضي الجميل وإن بدأت تنقرض اليوم بسبب بعض أفكار المتشددين الذين يحاربون العادات والتقاليد بالمفهوم الضيق وبلغة التشديد بالتعتيم على كل تقاليد وعادات الأجداد أهل السلف الصالح التي تعبر عن البهجة والسرور ولكل مناسبة فرائحية تقاليدها وعاداتها ففي عيد الفطر يطلق مدفع إيذانا بحلوله فتحيي ليلة العيد بتلاوة القرآن حتى الفجر لتتحول صوب المسجد لصلاة العيد مكبرة شاكرة حامدة لربها وهي متزينة بثوب العيد كما ينطلق الأطفال فرحين بيوم الاحتفال وهم يشاهدون الفرق الشعبية تصول وتجول في الشارع والزوامل وبعدها يذهب الناس في زيارة الأحباء والأصدقاء لتبادل التهاني والمباركة فترة أيام العيد والتمنيات الصادقة لكل فرد بالصحة التامة وحسن الأحوال إلى أفضلها وأن يسود الوطن الأمن والسلام والرخاء والتقدم والازدهار وتوحيد كلمة الأمة الإسلامية وهكذا تظل القلوب في آمال وتطلعات مشرقة بالخير كل الخير.