الرئيسية - محليات - وسائل العصر الحديث المتطورة.. جعلت عاداتنا وتقاليدنا في طي النسيان
وسائل العصر الحديث المتطورة.. جعلت عاداتنا وتقاليدنا في طي النسيان
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

الحديدة/ فتحي الطعامي – لعيد الفطر في محافظة الحديدة مذاق آخر لدى أبناء هذه المحافظة كما هو عند غيرهم من اليمنيين والمسلمين .. فالاجواء الفرائحية التي تسعد النفوس خلال هذه العيد مصدرها الشعور الجميل بتأدية فريضة الصيام والتي كانت في شهر رمضان المبارك .. بيد أن تلك الفرحة تنعكس على حياة الناس في هذه المحافظة الأكثر تواصلا وتماسكاٍ اجتماعياٍ فيقومون بالزيارات الأسرية والاجتماعية ويتناسون الخلافات تقديراٍ للعيد ومقتضياته.. وبالرغم من المنغصات المالية والمادية التي يعيشها أبناء الوطن عامة وأبناء الحديدة خاصة علت الفرحة والإبتسامة وجوه وشفاه المواطنين في هذه المحافظة وكأنهم لم يذوقوا بأساٍ قط ..

تعيش محافظة الحديدة خلال العيد أياماٍ جميلة ورائعة بروعة أبنائها .. فمنذ اللحظات الأولى لإعلان العيد يدخلون في أجواء من المرح والفرح والبدء في برنامج الزيارات الأسرية للأهل والأقارب وكذا زيارة الجيران ومن تربطهم بهم صلة لتفقد أحوالهم والوقوف على أوضاعهم قبيل العيد رغبة في التواسي متناسين منغصات الحياة التي أزعجتهم طوال العام .. وتستمر تلك الزيارات مع استمرار أيام العيد المبارك .. فغالبية المواطنين هنا في محافظة الحديدة وهي المحافظة الأكثر تماسكا في الجانب الاجتماعي يقومون بتعميد ترابطهم خلال أيام العيد.. وهي مناسبة كما يقولون تتيح لهم فرصة التواصل الاجتماعي خاصة وأنهم لا يتمكنون من فعل ذلك خلال بقية أيام العام التي ينشغلون فيها بالأعمال والارتباطات الوظيفية .. فالمواطنون في هذه المحافظة يرون في اجواء العيد وطقوسه الاجتماعية والدينية فرصة لإزالة الضغائن التي تملأ القلوب والنفوس طوال العام بفعل الصراع على الحياة ومشاكل الدنيا التي قد تحصل بينهم خلال العام .. فهم كما يقول المواطن عبد الله حمود يستغلون هذه الأجواء لإزالة ما في النفوس من أحقاد وكراهية خاصة وأن الجميع يكون مهيأ لذلك بفعل الأجواء الرمضانية وكذا الطقوس العيدية الاجتماعية التي تعتبر الزيارات والتواصل من أهمها .. ويضيف عبد الله المواطنون في هذه المحافظة يقومون بزيارة أقربائهم واصدقائهم لتقوية أواصرهم الاجتماعية من خلال الزيارات من صباح يوم العيد للاهل والأقارب والجيران وتفقد أحوالهم .. ومواساة المعوزين منهم .. فترى الأبواب لم تكد تغلق لكثرة الزيارات .. ومما يزيد العيد نكهة هو تلك الزيارات التي يقوم بها الأطفال الحارات والذين يعملون على تشكيل مجاميع منهم ووفود لزيارة بيوت الحارة رغبة منهم في الحصول على عصير العيد او ريالات العيد .. وهذه الزيارات الطفولية تضيف نكهة عيدية جميلة … وأردف: للأسف أن الحياة وصعوبة العيش جذبتنا للانغماس في صراعها طوال العام الأمر الذي أثر على العلاقات الاجتماعية بين الناس وأصبح كثير منا لا يعرف بيوت أهله وأقاربه إلا في مناسبات الفرح أو الحزن .. لكن مناسبة العيد تأتي لتقوي تلك العلاقات وتوطدها . تهاني الفيس بوك شريحة الشباب والذين يجيدون التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي فضلوا تقديم التهاني بالعيد عبر الوسيلة الأنسب لهم والأسرع والأقل كلفة مالية .. ( الفيس بوك ) فهم يرون أن هذه الوسيلة – حسب رأيهم –تغنيهم عن الزيارات التي قد يقومون بها خلال أيام العيد لأصدقائهم ومن تربطهم بهم علاقة .. وخاصة أؤلئك الذين يتواجدون معهم على صفحات الفيس بوك .. مؤكدين : أن التهاني التي يقدمونها عبر صفحات التواصل الاجتماعي تتيح لهم الفرصة لتهنئة أكبر عدد ممكن من أصدقائهم يصل إلى المئات وهو عدد لا يمكن زيارته بالطريقة التقليدية ( زيارات المنازل ) ناهيك عن ان هذا التواصل والتهنئة بالعيد والتي يقوم بها هؤلاء الشباب توفر لهم المبالغ المالية التي كانت ربما ستصرف في المواصلات للقيام بالزيارات .. فكل ما قد يخسر الشاب الذي يقدم التهاني عبر صفحات التواصل الاجتماعي ربما لا يتجاوز 200 ريال في اليوم إن هو مكث على النت أكثر من 4 ساعات قد يتمكن فيها من تهنئة أعداد كبيرة .. فالشاب علي أبو الحياء – أحد نشطاء الفيس بوك في محافظة الحديدة يقول ( أن وسائل التواصل الاجتماعي كالفيس بوك وتويتروالواتساب وغيرها من الوسائل قد سهلت كثيرا عملية التواصل بين الناس خاصة في مثل هذه المناسبات كالعيد .. فأنا أقوم ومنذ عصر يوم العيد بالاعتكاف على صفحتي الخاصة بالفيس بوك والعمل على تهنئة زملائي وأقاربي وأصدقائي والذين التقيهم على الفيس بوك حيث تصل أعدادهم بالمئات وهذا العدد من الاصدقاء لا يمكن زيارتهم إلى منازلهم.. ) وأضاف: ( بالتأكيد ان هذه الوسيلة لا تغني عن زيارة الأقارب كالأخوة والأعمام والأخوال .. لكنها تغنيك عن زيارة العشرات وربما المئات من الأصدقاء الذين تربطك بهم علاقة اجتماعية .. ) وعلى نفس الخطى فضل العديد من المواطنين الاستفادة من خدمة الهاتف سواء الجوال أو الثابت للقيام بتقديم تهاني العيد عبره للأقارب البعيدين من حيث العلاقة الاجتماعية او من حيث المسافة … ) هذه الوسائل التكنولوجية الحديثة وبالرغم من اجتذابها بعدد كبير من الشباب والذين باتوا يفضلونها على القيام بعملية التواصل الاجتماعي المباشر .. لكنها ما تزال محدودة بمحدودية من يتقنونها ويتعاملون معها .. بيد ان هناك مخاوف اجتماعية من أن تؤثر تلك الوسائل – وسائل التواصل الاجتماعي على اواصر الترابط الاجتماعي في وطن فرقته الأوضاع السياسية والمادية .. ذكريات الزمن الجميل لم تنس المدنية المتلاحقة أبناء محافظة الحديدة الذكريات الجميلة لأعيادهم .. فما زال أبناء هذه المحافظة البسيطة يستذكرون  بعضاٍ من تلك الذكريات حيث البساطة والتلاحم والتصافي والتعاون الحميم ..  وهي عبارة عن عادات وتقاليد اجتماعية كانت تنفذ خلال أيام العيد ( الفطر والأضحي ) في مدينة الحديدة حتى نهاية القرن المنصرم .. بيد أن المدنية المتسارعة والمتصارعة قد ألغت الكثير من تلك الفعاليات الاجتماعية الجميلة التي كانت تسود أجواء مدينة الحديدة خلال أيام العيد .. وما يزال أبناء هذا السهل التهامي يستذكرون تلك الأيام الجميلة ويعدونها جزءاٍ من تاريخهم وإرثهم الاجتماعي والثقافي .. الأخ أيمن سليمان أحد أبناء حي الصديقية أحد الأحياء الشعبية في المدينة يقول ( كان للعيد مذاق جميل ومتميز ربما اليوم هو أقل …  حيث كان المئات من السكان يتدفقون الى شواطئ البحر والكورنيش خلال اليوم الاول من أيام العيد ليقوموا بتلك الألعاب الشعبية والأهازيج الجميلة التي تعبر عن فرحتهم بالعيد ) ويضيف: ( كان الناس يعيشون حياة جميلة وبسيطة لا تعرف التعقيد ولا الرسميات المعقدة كانوا يستعدون للعيد ليس بالملابس الجديدة فقط وإنما بغسل اجسامهم بالحناء تعبيرا عن تقديرهم للعيد كما يقوم الأطفال بالركوب على عربات الحمير والتي يتم تزينها بشكل جميل ليرددون عبارات وأهازيج فرائحية مثل ( وحمار العيد بلا حنا .. والعيد روح ما هب له حصانْ يلعب له ) ..هكذا كان يردد خلال العيد في الزمن الجميل .. جميلَ بجمال أبناء هذه المحافظة وطيبتهم .. حدائق مخصخصة يعاني أبناء محافظة الحديدة جراء سرقة فرحتهم بفعل الخصخصة التي قامت بها الدولة للحدائق العامة والتي كانت في وقت سابق قبلة للأسر وللأطفال الذين كانوا يقضون فيها أيام أعيادهم لكنهم اليوم باتوا محرومين من دخولها بعد خصخصتها من قبل الدولة إلا بعد دفع مبلغ خاصة بالدخول ومبلغ يدفع لكل لعبة داخل الحديقة وهو ما يشكل إرهاقاْ مالياٍ لتلك الأسر الفقيرة والتي أصبحت تحتاج إلى ميزانية كبيرة حتى تتمكن من دخول تلك الملاهي لإدخال السرور على أطفالها .. وبالرغم من المناشدات التي يقدمها أبناء المحافظة بضرورة استرجاع تلك الحديقة ( العامة ) أو بناء حديقة حكومية أخرى تكون خاصة بأبناء الفقراء وذوي الدخل المحدود الذين لا يستطيعون دفع تلك المبالغ المالية الكبيرة الخاصة بتلك الحدائق . ومع كل عيد يكرر أبناء محافظة الحديدة مناشدتهم للدولة بضرورة توفير متنزهات وحدائق عامة تحوي ألعاباٍ للأطفال وتكون مكانا ترفيهيا لهم .. غياب الخدمات وفي الوقت الذي تشهد فيه محافظة الحديدة وغالبا خلال فترة الأيام الدينية والرسمية تدفقا كبيرا لمئات الآلاف من الزائرين اليها من كل محافظة الجمهورية خصوصاٍ الجبيلة منها .. حيث تمتلئ الفنادق واللوكندات وحتى المساجد والمدارس بالزائرين القادمين من تلك المحافظات .. وتكتض المحافظة بالوافدين اليها خلال العطل العيدية حتى أن الشاطئ البحري هو الأخر يمتلئ بهؤلاء الزائرين والذين في الغالب وفي ظل قلة الفنادق الموجودة في الحديدة وارتفاع أسعارها إن وجدت يلجأون إلى افتراش الساحل بواسطة وضع خيامهم المتحركة أمام الشاطئ طوال أيام وليالي تلك العطلة ليقوموا بتوفير مبالغ السكن .. ومع كل ذلك التدفق الكبير إلى محافظة الحديدة إلا أن الدولة لم تقم بتوفير الخدمات السياحية فلا غرف ولا عشش ولا متنزهات ولا ألعاب .. فالشريط الساحلي لمحافظة الحديدة لا يوجد به أي من المشاريع الخدمية أو التنموية التي تخدم السياحة . ويستغرب المواطنون إزاء هذا الإهمال المتعمد لهذه الثروة الوطنية التي يمكن أن خزينة المحافظة بمبالغ مالية كبيرة في حال تم إيجاد مشاريع خدمية يستفيد منها والزائرون القادمون إلى محافظة الحديدة الأجانب والمحليين الذين يأتون من بعض دول الجوار .. بل أن المحافظة والجهات المعنية فيها لم تقم بتوفير إرشادات سياحية أو خارطة يتم من خلالها توضيح المعالم والسياحية والأثرية التي توجد في المحافظة .. الأخ احمد عبدالعزيز جاء مع أسرته ليلة العيد من محافظة صنعاء أملا منه في قضي إجازة العيد في الحديدة حيث الهدوء والأمان إلا أنه وكما يقول تفاجأ بالوضع الذي تعيشه محافظة الحديدة فالمجاري طافحة وبقايا مياه الأمطار تسد الشوارع الرئيسية .. والفنادق لا تراعي أحداٍ وأضاف: إن الحديدة محافظة تحتاج الى تشجيع لتستجلب السياحة الداخلية والخارجية ولهذا ينبغي خفض أسعار الخدمات الفندقية .. ومع ذلك يبقى العيد مناسبة دينية عظيمة وقيمة مجتمعية جميلة في حياة كل الناس والذي يؤكدون انه وبالرغم من كل تلك المنغصات والمكدرات والمعكرات .. وبالرغم من الفقر والعوز .. إلا أن العيد يظل شعوراٍ جميلاٍ بالفرح الذي يملأ النفوس والأرواح ..وهي قيمة لا يمكن مصادرتها مهما تغير الزمان وساءت الظروف ..