الرئيسية - عربي ودولي - مفاوضات متعثرة
مفاوضات متعثرة
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

قبل انعقاد مؤتمر مدريد بحوالي ثلاث سنوات سبق وأن جرت اتصالات ومشاورات لما كانت تسمى وبصورة غير معلنة بمباحثات غير مباشرة مهدت فيما بعد لانعقاد ذلك المؤتمر وما أسفرت عنه من محادثات في أوسلو وواشنطن حول السلام بين الفلسطينيين ودولة الاحتلال واستمرت محادثات السلام لأكثر من عقدين من الزمن ولم يتم التوصل إلى نتائج محددة ولا التزمت إسرائيل بما كان قد تم الاتفاق عليه بناء على مؤتمر مدريد للسلام ولا كان هناك جدول أعمال محدد للمفاوضات. فتارة بالنظر لذلك المؤتمر يقبل الكيان الصهيوني ببحث الاستيطان بالتفاوض والقدس تحديدا وتارة أخرى يرفض جملة وتفصيلا بحث تلك القضايا وكان ذلك يتم برعاية أوروبية أميركية جولات من التفاوض إذا تعثرت نتج عنها عدوان على غزة وبالمقابل من ذلك توسع واستمرار في الاستيطان يلي ذلك أن يجدد الرعاة الإقليميون والدوليون والممثلون بالاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية دعوتهم إلى السلام وفقا لثلاثية مغلقة تتمثل بالحرب من جانب إسرائيل ثم تعهد من أولئك الرعاة بتقديم الدعم. ليس لما دمره الكيان الصهيوني فحسب ولكن لتسهيل المفاوضات التي ثبت من خلال التجارب السابقة فشلها الذريع فلو كانت المحادثات مع العدو قد حققت الحد الأدنى من النجاح لما تعرضت غزة للحرب من جانب ذلك الكيان الذي يرفض كل القرارات الدولية ولا يريد إلا مفاوضات لدعم الاحتلال وتكريس الاستيطان. لذلك بدء المحادثات غير المباشرة يمثل بالتأكيد انتصارا لإسرائيل كما تمثل تلك المحادثات غير المباشرة إحدى النتائج السياسية الأولية لعدوان تل أبيب ضد قطاع غزة على اعتبار أن أسس ومنطلقات المفاوضات غير المباشرة غير محددة بالنظر إلى أكثر من عقدين جرت خلالها مباحثات مباشرة كانت أشمل وأوسع مما تريده إسرائيل من إجراء مفاوضات جديدة تقتصر مداخلها الأولية كما يجري حاليا على تعهدات المانحين يلي ذلك أن يكون نطاق التفاوض غير المباشر لجهة غزة فقط. وهو ما يعني في اللاوعي أن إسرائيل انهزمت وأن غزة انتصرت بالنظر إلى حقيقة استبعاد فلسطين من المفاوضات التي يريد من خلالها الكيان الصهيوني تفاوضا محددا ومرسوما في نطاق قطاع غزة وإسرائيل ومعنى ذلك انتقال المحادثات غير المباشرة إلى مفاوضات مباشرة تكون ترتيباتها على أساس بناء سلام جديد يتأسس على التفاوض المباشر بين تل أبيب وغزة. وهذا بالتأكيد ما تريده إسرائيل في تحقيق جملة أهداف سياسية أبرزها تخفيف سقف التفاوض وفقا لرؤية ثنائية قائمة على جدلية العلاقة لبناء السلام المرتقب بحسب تسويق السياسة الدولية بين غزة والكيان اللقيط الأمر الذي يترتب على ذلك مزيد من إضعاف القضية الفلسطينية وإلحاق الضرر بالشعب الفلسطيني خصوصا وتل أبيب ليست بصدد الدعوة إلى مفاوضات تشمل بحث الاستيطان والقدس وعودة اللاجئين والمشردين وما تقوم به من أعمال عدوانية على مستوى فلسطين. لأن ذلك قد تم بدون أي نتائج في مفاوضات سابقة على أساس أن رؤية إسرائيل لمحادثات جديدة نزع سلاح المقاومة ما لم يتحقق ذلك عمل اتفاق سلام بين تل أبيب وغزة ولا علاقة لذلك بفلسطين وهو ما يعني بالنظر لخطر الترتيبات القائمة مع افتراض أن ما تبثه وسائل الإعلام الدولية صحيح بأن غزة انتصرت عسكريا لكن الهدف من ذلك أن ينتصر العدو سياسيا خاصة إذا ما تحققت مفاوضات غير مباشرة وما لا يقبله عقل ولا يصدقه منطق أن ينتصر طرف عسكريا على المعتدي الذي انتصر سياسيا هذا أمر غير عقلاني ولا يتسق مع المنطق لأن أي مباحثات جديدة لن تكون إلا أسوأ من المحادثات السابقة ما لم يكن التفاوض المرتقب على دعم المانحين لغزة مقابل بقاء الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين.