خامنئي يمجد الإرهاب الحوثي ويخرق الهدنة العربية الإيرانية بتصريح مستفز
نائب وزير التخطيط يبحث مع مسؤول في البنك الدولي اوجه التعاون المشترك
رئيس الوزراء يستقبل في عدن وفد البنك الدولي
الشرجبي: البنك الدولي شريك فاعل في دعم جهود التنمية في اليمن لاسيما قطاع المياه
رئيس مجلس القيادة يعزي نائب الرئيس الاسبق المناضل علي سالم البيض
الإرياني: الحوثيون يواصلون تدمير الاقتصاد اليمني بسك عملة نقدية "مزورة"
البنك المركزي: ميليشيا الحوثي تزيف العملة وتنسف اتفاق 23 يوليو
بحضور رسمي وشعبي الخطوط الجوية اليمنية تفتتح فرع جديد بمحافظة الجيزة بجمهورية مصر العربية
هيئة الإسناد اللوجستي تدشن المرحلة الثانية من العام التدريبي والقتالي 2025م في مأرب
البنك المركزي اليمني يحذر من عملة مزورة أصدرتها ميليشيا الحوثي ويحمّلها مسؤولية التصعيد الاقتصادي «بيان»
سقط الإمام يحيى قتيلاً عام 1948، لحقيقة بسيطة مفادها أنه رفض الارتقاء إلى مستوى التحدي المتمثل في تحديث الإمامة، ولإعاقته تنمية اليمن، وكونه نخبوياً وطاغية. كان دافعه التقييد والسيطرة، حيث كان يعتقد أنه من أبناء فاطمة بنت النبي محمد، وأنه يفعل إرادة الله في الأرض.
أغلق يحيى اليمن، وكان يحاول إدارتها وكأنها بيته. كان يحب تكديس الدولارات الفضية البريطانية بجشع غير مبرر، ويمنعها عن الأطفال والمتسولين، ويظهر بمظهر التقيّ المتواضع، وصاحب المعجزات العلاجية. كل شيء كان يتعلق بمن هم تحت سلطته، من تعليم وصحة، وحتى الزواج وخلافات الأراضي والسفر، وكان يتطلب موافقته. لم يكن يقبل النصح. يشهد أحد زوار قصره، وهو العربي السوري أمين الريحاني، أن حكومة يحيى كانت مكوّنة من رجل واحد هو يحيى نفسه، ووثّق الريحاني أنه شاهد في فناء قصر يحيى نمراً وضبعاً في قفص، وهو منظر غير باعث على الإعجاب أو الارتياح.
كان يحيى يتجول في صنعاء بعربة تجرها الخيول أو بسيارة فورد سوداء أمريكية أهداها له البريطانيون. كانت صنعاء مكاناً كريه الرائحة، وكانت تظهر آثار مياه الصرف الصحي على جدران البيوت. واكتشف أحد الزوار أن براز البشر كان يُباع ويُحمل على الحمير لتسخين الماء في حمامات المدينة، وكانت تلك الرائحة سبباً في أن نساء صنعاء كن يضعن الورد وغصون الريحان خلف آذانهن حيث تتدلّى أمام الحجاب الذي يرتدينه.
بعد رحيل العثمانيين، تركوا في صنعاء مدرسة للبنات، قام يحيى بإغلاقها فوراً، وطلب من الأتراك أن يتركوا بعض الطباخين والموسيقيين المدربين في ألمانيا.
كان يحيى في حرب معلنة مع الأدارسة في عسير، وحرب سرية مع الشافعيين في تهامة، وفي حرب موسمية مع حاشد وبكيل، ومع قبائل محيط عدن، وفي حرب أخرى مع أولاد عمه من الهاشميين الطامحين إلى الكرسي، مما يوضح أن الأريكة الملكية لليمن لم تكن ناعمة إطلاقاً.
لم يستطع يحيى تحييد أكثر خصومه شراسة، وهم أهل تهامة (الزرانيق)، مما حدا به إلى استعمال القوة الغاشمة والذبح ضدهم حتى عام 1925.
أما اتحاد قبائل حاشد وبكيل فكان يتمرد بشكل متقطع، حتى إنه تحالف مع حاكم عسير الإدريسي. وكان يحيى يخاف قوتهم، فلم يفرض عليهم الضرائب تارة، وتارة أخرى كان يأخذ أبناءهم كرهائن، حتى إنه أخذ منهم 4000 رهينة، بعضهم في سجونه، وقليل منهم احتفظ بهم كخدم في قصره.
عرضت شركة فورد الأمريكية بناء شبكة طرق كاملة في اليمن مقابل استيراد سيارات فورد فقط، وهو العرض الذي قوبل بالرفض من طرف يحيى. كما رفض تنقيب الشركات عن النفط في اليمن، ورفض عروض الشركات الفرنسية لإحياء ميناء المخا، وشراء كميات كبيرة من القهوة.
كان وزير خارجية يحيى هو الدبلوماسي التركي راغب بك. لقد أدرك راغب بك أن أفضل السبل لوضع اليمن على المسرح العالمي، وكل ما يمكن لدولة فقيرة وغير مهمة مثل اليمن أن تفعله، هو التحالف مع أي دولة مستعدة لتقديم المساعدات المادية دون شروط.
ولم يكن يحيى يقدّر جهوده. وفي إحدى المرات، خلال مفاوضات مع مبعوث أمريكي، دفع يحيى راغب إلى الاستقالة، حيث يشهد المبعوث الأمريكي على ذلك المشهد. وصلت المفاوضات مع يحيى إلى طريق مسدود بعد 17 يوماً من التفاوض، لأن يحيى رأى أنه من الأفضل استبدال راغب بك بأحد أولاده الذي لا يعرف شيئاً عن الدبلوماسية. وكان راغب يبكي ووبّخ يحيى بألفاظ غير محترمة، لأنه دمّر التحفة الدولية للدبلوماسية اليمنية التي عمل جاهداً من أجلها. فتسلّل أحد حراس يحيى إلى خلف راغب، واستلّ جنبيّته منتظراً إشارة من يحيى لقطع حلق راغب بك، لكن يحيى لم يعطِ تلك الإشارة.
تأسف التركي بشدة على قراره بالبقاء في اليمن، واشتكى إلى زائر أجنبي أنه يشعر بأنه محاط بأشخاص أشرار في القصر، لا يتبادلون الحديث، ويملؤون ساعات كسلهم بمضغ القات.
مع خروج أمريكا وبريطانيا من قائمة تحالفات المملكة، لم يكن أمام وزير الخارجية راغب بك سوى توجيه يحيى تجاه القوى الاستبدادية الصاعدة، ممثلة بإيطاليا الفاشية وألمانيا النازية.
في عام 1927، سافر أحد أبناء يحيى وراغب إلى روما لمقابلة موسوليني. بعد ذلك، وصلت بضع طائرات إيطالية إلى صنعاء، ثم وصلت طائرتان ألمانيتان، وحدث أن اصطدمت الطائرتان ببعضهما البعض، مما أسفر عن مقتل الطيارين واثنين من الهاشميين. ووصل بعد ذلك مجموعة من الأطباء كانوا حكراً على القصر.
ووصلت بعثة سوفيتية كبيرة من الأطباء وخبراء الطيران إلى صنعاء، واعترف الاتحاد السوفيتي باليمن كمملكة مستقلة بموجب اتفاقية عام 1928، وبدأت المنتجات الروسية بالتدفق إلى اليمن. وبعد تولي ستالين الحكم، استدعى البعثة وأعدم جميع أفرادها ما عدا اثنين.
وفي عام 1937، زار مبعوث موسوليني صنعاء ووقّع معاهدة صداقة، وأرسل هتلر خمسين ألف بندقية إلى يحيى مقابل الذهب.
كانت اليمن تُدار بواسطة عائلة يحيى المكوّنة من أولاده. وتمرد على التقاليد الزيدية من خلال إعلان ابنه أحمد ولياً للعهد وخليفة له، وأنشأ جيشه الخاص دون الاعتماد على الدعم القبلي لحكمه، وقد أساء بذلك إلى ركنين أساسيين من أركان الزيدية:
1. الأسر الهاشمية التي كانت تحلم باستبداله.
2. قبائل المرتفعات الشمالية التي أصبحت زائدة عن الحاجة.
كانت عقول وعضلات الزيدية اليمنية مضطربة بسبب تصرف يحيى هذا.
وكان هناك شابّان بدآ في اتخاذ خطوات عملية لإحباط خطة يحيى لتوريث الحكم لابنه أحمد، وهما الشاعر والقاضي محمد الزبيري الزيدي، من خلال محاولة إقناع الإمام بالحجة الفكرية، لكن محاولاته أدت إلى سجنه لمدة 9 أشهر. أما الثاني، أحمد نعمان، فقد أدت جهودهما إلى نتائج محبطة، مما جعلهما يغيران استراتيجيتهما من النصح إلى الهجوم، وهاجرا إلى عدن، حيث حصلا على التمويل والدعم من 25 ألف مهاجر سني من أهل تعز وإب، واستفادا من الصحافة في مستعمرة عدن.
وفي عام 1943، وُلد حزب الأحرار اليمني برئاسة نعمان والزبيري، فقام يحيى بشن عملية انتقام مروعة، وزجّ بمئات من أهل المرتفعات الجنوبية السنية في السجون. ومن ناحية أخرى، لم يدعم البريطانيون الحركة، لأن مستعمرة عدن كانت تعتمد على الغذاء المستورد من الشمال لإطعام الأعداد الهائلة من القوات العابرة من وإلى المستعمرة في مختلف مسارح الحرب العالمية الثانية.
بدأت الحركة الثورية تكتسب زخماً حقيقياً مع تأسيس صحيفة "صوت اليمن" عام 1945، لدرجة أنه عندما زار ولي العهد أحمد عدن في عام 1946، تعهّد بقتل نعمان والزبيري. وقد أتى تهديد أحمد بنتائج عكسية، إذ اكتسبا دعاية ممتازة، وهربا من المدينة أثناء زيارة أحمد. لكن الأمور سرعان ما اتخذت منعطفاً مهماً، حيث تظاهر الابن التاسع ليحيى، إبراهيم، البالغ من العمر 30 عاماً (والذي كان يشرب الويسكي وقضى سنوات في أحد سجون أبيه)، بأنه بحاجة إلى رعاية طبية، للانشقاق عن والده والالتحاق بالحركة.
في الوقت نفسه، تشكّلت حركة معارضة سرية في صنعاء، تألفت من السنة الجنوبيين من إب، وكانوا قضاة وإداريين، إضافة إلى مجموعة من العلماء والعسكريين الذين أرسلهم يحيى إلى العراق للتدريب، وبعض مشايخ القبائل البارزين المتعاطفين مع حركة الأحرار اليمنيين.
كان عبدالله الوزير، حفيد الإمام السابق ومستشاراً مقرباً من يحيى، وصديقاً لنعمان، قد برز كبديل مناسب ليحيى ليكون إماماً دستورياً، وخطّط مع آخرين لاغتيال الإمام.
في صباح يوم 17 فبراير 1948، كان يحيى في رحلة قصيرة بسيارته، برفقة اثنين من وزرائه، واثنين من الجنود، وأربعة من أحفاده. وكلف الثوار الشيخ علي ناصر القردعي، وهو رجل قبلي فقد إحدى عينيه ومعظم أنفه، وكان يحيى قد سجنه قبل عشرين عاماً، بقيادة الهجوم.
وفي نقطة ضيقة من الطريق، تعرض موكب يحيى لوابل من الرصاص، وأصيب بخمسين رصاصة وجدت آثارها في جسده.
وهكذا انتهت فترة حكم يحيى، الذي تولّى السلطة عقب تهديد أحد مشايخ حاشد في اجتماع انه من لم يبايع يحيى سيذبحه بيده".