الرئيسية - الدين والحياة - حرمة الدماء في الإسلام
حرمة الدماء في الإسلام
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

إن ديننا الإسلامي ليس دين إرهاب ولا بغي ولا ظلم ولا عدوان ولا سفك دماء بل هو دين الرحمة والرفق والمحبة والعفو والتسامح والتصافح والعدل والأخوة في الدين والأخوة في الإنسانية جميعا. قال تبارك وتعالى: (يِا أِيْهِا الِذينِ آمِنْواú ادúخْلْواú في السلúم كِآفِةٍ وِلاِ تِتِبعْواú خْطْوِات الشِيúطِان إنِهْ لِكْمú عِدْوَ مْبينَ ) سورة البقرة 208 ورب العباد تبارك وتعالى من أسمائه “السلام” (الúمِلكْ الúقْدْوسْ السِلِامْ) الحشر الآية 23 وجنة الله من أسمائها “دار السلام” قال تعالى ” لِهْمú دِارْ السِلاِم عندِ رِبهمú ” الأنعام 127 وتحية المسلمين في الدنيا والآخرة السلام يلقى المؤمن أخاه فيقول له السلام عليكم فيرد عليه وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وتحية المسلمين في الآخرة السلام (ِتحيِتْهْمú يِوúمِ يِلúقِوúنِهْ سِلِامَ) الأحزاب 44 والمسلمون إذا حاربوا يستجيبون لدعوة الإسلام إذا كانت في موضعها قال تعالى: “وِإن جِنِحْواú للسِلúم فِاجúنِحú لِهِا وِتِوِكِلú عِلِى الله ” الأنفال 61.

وإن الرسالة السماوية والشرائع الإلهية لم تأن لحفظ الدين والعقيدة فحسب إنما جاءت لحفظ الدماء والأنفس ولحفظ الأعراض والحرمات ولحفظ العقول ولحفظ الإنساب ولحفظ الأموال فإذا حفظت الأمة هذه الأصول الخمسة سعدت في الدنيا والآخرة وإذا ضيعت هذه الأمول شقيت في الدنيا والآخرة لأن حياة الناس لا تستقيم بدون حفظ هذه الأصور الخمسة ولهذا اهتمت بها كافة الشرائع السماوية. ولحفظ النفس الإنسانية وصيانتها حرمت الشريعة الإسلامية الاعتداء على النفس الإنسانية بأي لون من ألوان الاعتداء سواء كان الاعتداء على النفس الإنسانية بإزهاق روحها أو بتعطيل منفعة عضو من أعضائها فشرعت العقوبة الرادعة لمن يعتدي على حق الآخرين في الحياة. وقال تعالى في وصف عباد الرحمن (وِالِذينِ لِا يِدúعْونِ مِعِ اللِه إلِهٍا آخِرِ وِلِا يِقúتْلْونِ النِفúسِ الِتي حِرِمِ اللِهْ إلِا بالúحِق وِلِا يِزúنْونِ وِمِن يِفúعِلú ذِلكِ يِلúقِ أِثِامٍا يْضِاعِفú لِهْ الúعِذِابْ يِوúمِ الúقيِامِة وِيِخúلْدú فيه مْهِانٍا إلِا مِن تِابِ وِآمِنِ وِعِملِ عِمِلٍا صِالحٍا فِأْوúلِئكِ يْبِدلْ اللِهْ سِيئِاتهمú حِسِنِاتُ وِكِانِ اللِهْ غِفْورٍا رِحيمٍا)الفرقان 68- 70. فعباد الرحمن حافظوا على الهدف الأسمى من الرسالة المحمدية ألا وهو حفظ العقيدة ولم يقتلوا ولم يزنوا وهنا في هذه الآية قرن الله قتل النفس بجريمة الشرك بالله وذلك لبشاعة جريمة القتل وخطورتها على الأفراد والمجتمعات فالشرك بالله اعتداء على دين الله تعالى والقتل اعتداء على حق الآخرين في الحياة وحياة الإنسان وديعة أودعها الله تعالى صاحبها فمن أنت أيها الإنسان حتى تسلب حق غيرك في الحياة بل كيف تجروء على قتل نفس وسفك دم. احترام النفس الإنسانية إن ديننا الإسلامي حرم سفك الدماء سواء كانت دم مسلم أو دم غير مسلم إذا كان بينه وبين المسلمين عهد وميثاق قال تعالى : (وِإن كِانِ من قِوúمُ بِيúنِكْمú وِبِيúنِهْمú ميثِاقَ فِديِةَ مْسِلِمِةَ إلِى أِهúله وِتِحúريرْ رِقِبِةُ مْؤúمنِة) النساء الآية 92. وجاء في حديث البخاري عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها يوجد من مسيرة أربعين عاما” رواه البخاري. لم يرح رائحة الجنة: لم يشم رائحة الجنة فأي مسلم أو مسلمة نفسه معصومة لا يجوز الاعتداء على هذه النفس بالقتل أو الأذية والاعتداء بأي لون من الإيذاء فمن شهد ألاِ إله إلا الله وأن محمد رسول الله فقد عصم دمه وماله إلا بالحق فالجندي من أبناء القوات المسلحة وجميع أفراد القوات المسلحة والشرطة الذي يعمل في مجال الأمن وكل موظف عام وكل رجل عادي أو امرأة معصوم الدم والمال والعرض. بل إن من عاهد المسلمين بعهد ذمة أو أعطي أمانا من الحاكم المسلم أي أعطي تأشيرة دخول وإقامة في بلاد المسلمين يومية أو أسبوعية أو شهرية أو دائمة ليعمل خبيرا أو طبيبا أو مدرسا في بلادنا أو كانت تأشيرته للزيارة والسياحة فبهذه التأشيرة من ولي الأمر له حق الأمن والأمان على نفسه وماله وعرضه فيحرم الاعتداء عليه وأذيته بالقول أو الفعل بل إن كل من سالم المسلمين وألقى إليهم السلم وكف يده عن أذيتهم فلا يجوز قتله ولا أذيته قال تعالى: (فِإن اعúتِزِلْوكْمú فِلِمú يْقِاتلْوكْمú وِأِلúقِوúاú إلِيúكْمْ السِلِمِ فِمِا جِعِلِ اللهْ لِكْمú عِلِيúهمú سِبيلاٍ) النساء 90. جريمة القتل قديمة قدم البشرية الناس من قديم الأزل سولت لهم أنفسهم الأمارة بالسوء أن يقتل بعضهم بعضا من أجل دنيا تافهة أو من أجل غضب طارئ أو من أجل حسد أو كراهية أو بغضاء أو تنافس على عرض من أعراض الدنيا أو غير ذلك. حين كان الناس أسرة واحدة من أب وأم وأولادهما حدثت هذه الجريمة البشعة قتل ابن آدم أخاه من قديم الزمان كما قص علينا القرآن الكريم في سورة المائدة (وِاتúلْ عِلِيúهمú نِبِأِ ابúنِيú آدِمِ بالúحِق إذú قِرِبِا قْرúبِانٍا فِتْقْبلِ من أِحِدهمِا وِلِمú يْتِقِبِلú منِ الآخِر قِالِ لِأِقúتْلِنِكِ قِالِ إنِمِا يِتِقِبِلْ اللهْ منِ الúمْتِقينِ لِئن بِسِطتِ إلِيِ يِدِكِ لتِقúتْلِني مِا أِنِاú ببِاسطُ يِديِ إلِيúكِ لِأِقúتْلِكِ إني أِخِافْ اللهِ رِبِ الúعِالِمينِ إني أْريدْ أِن تِبْوءِ بإثúمي وِإثúمكِ فِتِكْونِ منú أِصúحِاب النِار وِذِلكِ جِزِاء الظِالمينِ فِطِوِعِتú لِهْ نِفúسْهْ قِتúلِ أِخيه فِقِتِلِهْ فِأِصúبِحِ منِ الúخِاسرينِ) المائدة 27-30. فهذه أول جريمة قتل تقع على وجه الأرض فمن قديم الزمان وجد في الناس الشرير الذي يقتل أخاه بغير ذنب جناه ووجد في الناس الطيب الوديع الذي يقول لأخيه (لِئن بِسِطتِ إلِيِ يِدِكِ لتِقúتْلِني مِا أِنِاú ببِاسطُ يِديِ إلِيúكِ لِأِقúتْلِكِ)المائدة. فظلم الإنسان لأخيه الإنسان قديم وأي ظلم أكبر من الاعتداء على حق الآخرين في الحياة. بل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم غضب على هذه الجريمة الشنيعة “جريمة القتل” فقال صلى الله عليه وآله وسلم: “لا تقتل نفس ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل منها لأنه أول من سن القتل”. رواه أحمد والشيخان والترمذي والنسائي وابن ماجة. لماذا يقتل المسلم أو المؤمن أخاه¿ الإسلامن لا يجيز للمسلم قتل المسلم أو المسلمة والعكس بل إن القرآن الكريم استبعد أن يقتل المؤمن أخاه المؤمن إلا أن يقع منه ذلك على سبيل الخطأ وبدون قصد وجعل في ذلك الدية والكفارة. قال تعالى: (وِمِا كِانِ لمْؤúمنُ أِن يِقúتْلِ مْؤúمنٍا إلاِ خِطِئٍا وِمِن قِتِلِ مْؤúمنٍا خِطِئٍا فِتِحúريرْ رِقِبِةُ مْؤúمنِةُ وِديِةَ مْسِلِمِةَ إلِى أِهúله إلاِ أِن يِصِدِقْواú)النساء 92. وإن الدنيا كلها لا تزن عند الله جناح بعوضة فكيف يقتل الإنسان أخاه المسلم من أجل الدنيا والمفروض على المسلم أن يحمي ويدافع عن أخيه في الدين بل المفروض أن يتألم لألمه ويفرح لفرحه ويحزن لحزنه. ومن هنا شرع الله عقوبات ضخمة جزاء لمن قتل أخاه المسلم متعمدا القتل قال تعالى: (وِمِن يِقúتْلú مْؤúمنٍا مْتِعِمدٍا فِجِزِآؤْهْ جِهِنِمْ خِالدٍا فيهِا وِغِضبِ اللهْ عِلِيúه وِلِعِنِهْ وِأِعِدِ لِهْ عِذِابٍا عِظيمٍا) النساء 93. وقال صلى الله عليه وآله وسلم قال: “لزاول الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم” رواه النسائي والترمذي من حديث عبدالله بن عمر رواه ابن ماجة ونحوه من حديث البراء بن عازب بإسناد حسن وجاء في حديث آخر أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : (لو أن أهل السماء وأهل الأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله في النار) رواه الترمذي عن أبي سعيد وأبي هريرة وقال حديث غريب وله شواهد عند البيهقي والطبراني. وروى ابن ماجة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم طاف بالكعبة فقال ما أطيبك وأطيب رحيك ما أعظمك وأعظم حرمتك والذي نفسي بيده لحرمة المؤمن أعظم حرمة منك ماله ودمه وأن لا نظن به إلا خيرا”. رواه ابن ماجة في سننه كتاب الفتن عن عبدالله بن عمر وقال الهيثمي في الزوائد في إسناده مقال نصر بن محمد شيخ ابن ماجة ضعفه أبو حاتم وذكره ابن حبان في الثقات. وقال صلى الله عليه وآله وسلم: “كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه” رواه أحمد ومسلم عن أبي هريرة وقال صلى الله عليه وآله وسلم: “المؤمن من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم” رواه ابن ماجة وأحمد وابن حبان والحاكم عن فضالة بن عبيد. وفي حديث ابن مسعود الذي رواه البخاري وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “اول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء” بل إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: “في خطبته في حجة الوداع حذر الأمة من الرجوع إلى عصر الجاهلية الجهلاء فيعادي بعضنا بعضا ويقتل بعضنا بعضا فلا يدري المقتول فيم قتل ولا يدري القاتل فيم قتل. فقال صلى الله عليه وآله وسلم: “لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض” متفق عليه عن جرير” وفي رواية “ويلكم أو قال ويحكم لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض”.متفق عليه عن أبن عمر وصح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: “سباب المسلم فسوق وقتاله كفر” فقتل النفس حرام وكبيرة من كبائر الذنوب حتى قال من قال من صحابة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بأنه لا توبة للقاتل العمد وقالوا بأن هناك حقوقا ثلاثة: – حق الله تعالى وهذا مما تنفع فيه التوبة. – حق أولياء الدم “أهل المقتول وورثته” وهؤلاء من الممكن أن يسقطوه بالعفو أو بأخذ الدية أو بالصفح. – بقي حق المقتول نفسه. وقد جاء في الحديث “يأتي المقتول يوم القيامة متعلقا رأسه بإحدى يديه ممسكا قاتله بيده الأخرى تشخب أوداجه دما حتى يأتي به إلى العرش فيقول المقتول لرب العالمين هذا قتلني فيقول الله عز وجل للقاتل تعست ويذهب به إلى النار. رواه الترمذي وحسنه الطبراني في الأوسط ورواته رواة الصحيح واللفظ له وصححه الألباني والحديث كان من ابن عباس إجابة لسؤال من سأله هل للقاتل العمد توبة. وقال آخرون: نعم للقاتل العمد توبة إذا تاب توبة نصوحي وسامحه أولياء الدم “ورثة المقتول” فإن الله تعالى يرضى عن المقتول يوم القيامة وهو أهل التقوى والمغفرة. رئيس بعثة الازهر