الرئيسية - الدين والحياة - كتــابة المصـحـف .. اهتمام ورعـايـة عبــر التـــــاريخ الإســــــلامي
كتــابة المصـحـف .. اهتمام ورعـايـة عبــر التـــــاريخ الإســــــلامي
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

لم يحظ أي كتاب في العالم قديما أو حديثا بالرعاية والاهتمام مثلما حظي به القرآن الكريم من الحرص على كتابته ورسم حروفه وإنشاء مدارس التحفيظ الخاصة به وتنظيم المسابقات الخاصة بذلك فضلا عن تلاوته والتعبد به ومعرفة أحكامه وتفسير آياته فهو كتاب الله الذي أنزله على خاتم الأنبياء والمرسلين ليكون دستورا للمسلمين وهاديا للمظلين وهو النور الذي يخرج الناس من الظلمات إلى نور العلم والمعرفة. وقد ارتبط القرآن الكريم بحياة المسلم ارتباطا وثيقا على مستويين الأول مستوى روحي يتعلق بكلماته ودلالاته والمستوى الآخر مادي يتعلق بصناعته من ورق وتجليد وكتابة وزخرفة وعلى مدى تاريخ الأمة الإسلامية كان للمصاحف وما زال أثر مهم في العمارة الإسلامية فقد جاءت الزخارف على العمائر مماثلة لتلك التي على المصاحف بدليل أن المصاحف في غرب العالم الإسلامي تختلف زخارفها عن تلك التي كتبت وزخرفت في شرق العالم الإسلامي. ولم تقتصر كتابة القرآن الكريم على المصاحف لتظل حبيسة الصناديق ولكن تم كتابته على جدران البيوت والمساجد وعلى قطع الآثار وهناك مساجد نقش عليها القرآن الكريم كاملا لتكون مصاحف ومساجد في آن واحد. وعلى مدى القرون الماضية تناقل المسلمون نسخ المصحف الشريف منذ اعتماد مصحف الخليفة الراشد عثمان بن عفان الذي تم نسخه بعد تجميعه بإشراف حفظة القرآن الكريم واعتماد عدة نسخ تم إرسالها إلى مختلف الأمصار ليتم العمل على نسخها واعتمادها دون غيرها. وبالتالي كان يتم اختيار أمهر الخطاطين للقيام بنسخه وظهور العلماء الثقاة في إعادة ضبطه وتشكيله حتى وصل إلى أيدينا في هذا الوقت محفوظا كما وعد بذلك الله عز وجل. وفي زمننا المعاصر يمثل الخطاط عثمان طه أشهر كتاب المصحف الشريف المعاصرين حيث بلغ جملة ما كتبه عشر نسخ من القرآن الكريم طبع منها ملايين النسخ لتجوب الآفاق شرقا وغربا ووصلت إلى أقصى نقطة في المعمورة. بعد حصوله على درجة الليسانس في الشريعة الإسلامية درس اللغة العربية والرسم والزخارف الإسلامية ونال إجازة في حسن الخط من شيخ الخطاطين في العالم الإسلامي حامد الآمدي في العام 1973م وتتلمذ في الخط على يد مجموعة من الخطاطين في حلب وفي دمشق. كتب عثمان طه أول مصحف في العام 1970م لوزارة الأوقاف السورية وفي العام 1988م التحق بمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في المدينة المنورة وعين عضوا في هيئة التحكيم الدولية لمسابقة الخط العربي التي تجرى في اسطانبول كل ثلاث سنوات. كتب المصحف برواية حفص من جديد حيث أولاه جل اهتمامه من حيث جودة الخط وحسن الترتيب فكانت صفحاته تبدأ بآية وتنتهي بآية وكل جزء في عشرين صفحة فكان أول مصحف يكتب بهذه الطريقة ويساعد الحفاظ على حفظ آياته وتم اعتماده في الكثير من مجمعات طباعة المصحف الشريف. في إحدى المقابلات معه يقول الخطاط عثمان طه: لا يمكن أن أبدأ بالكتابة إلا وأنا على طهارة ولا أخالط الناس كثيرا كي يبقى ذهني صافيا ولا أقع في الخطأ لأن الخطأ في القرآن مرفوض. ويعبر عن شعوره أثناء الكتابة قائلا: أرى نفسي في عالم الآيات الكريمات أقتبس منها علما وأسمو بها روحا عالم غير عالم الناس المنشغلين في الحياة اليومية آيات تبشر وأخرى تنذر قصص رائعات كقصص الأنبياء الكرام وقصص الأقوام البائدة لا أشعر بمرور الوقت ولا أنتبه لما يجري حولي فآيات القرآن تسيطر علي أهيم في عالم نوراني ولا أغتر بالدنيا أتزود لآخرتي وأنكب على الأعمال الصالحات لكي ألحق بالجنة التي وعد بها المتقون –برحمة الله وعفوه- وأتجنب كل ما يوصلني إلى النار والعياذ بالله شعور ممزوج بالخوف والرجاء ودوما أدعو الله أن يجعل عملي خالصا لوجهه الكريم.

[email protected]