الرئيسية - الدين والحياة - الإســــــلام يحــرم ترويـع الآمنين
الإســــــلام يحــرم ترويـع الآمنين
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

* الإسلام حرم ترويع وتخويف الآمنين بأي سبب من الأسباب حتى ولو كان ذلك على سبيل المزاح. في غزوة من الغزوات خفق أحد الصحابة على راحلته أخذته سنة من النوم فأراد أحد الصحابة أن يمازحه وكان معه كنانة فيها سهام فأخذ سهماٍ من كنانته في هدوء وخفية ففزع الرجل من النوم ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الفزعة فقال : لا يحل لرجل أن يروع مسلماٍ. هذا ترويع خفيف بهدف المزح والمداعبة لا يحل, يحرم عليك أن تفزع أخاك, تقلقه من نومه, فلا يحل لرجل أن يروع مسلما. وليس معنى هذا أن ترويع غير المسلم جائز لا, فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول في حديث آخر : (المسلم من سلم الناس من لسانه ويده, والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم) والحديث رواه الترمذي في الإيمان وقال حديث حسن صحيح. أمن الناس أي كل الناس أيا كانت ديانتهم. عن ابي هريرة رضي الله عنه قال: (قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : إن فلانة تصلي الليل وتصوم النهار وتؤذي جيرانها بلسانها قال هي في النار). وقيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : (فلانة تصلي المكتوبات وتتصدق بالأثوار ولا تؤذي جيرانها, قال: هي في الجنة), اخرجه أحمد وابن حيان وصححه الألباني. فانظروا القليل العبادة مع عدم أذية الناس سبب لدخول الجنة وكثرة العبادة مع أذية الجيران سبب لدخول النار بل, كما قال سلفنا الصالح. ليكن حظ المؤمن منك ثلاثة: إن لم تنفعه فلا تضره, وإن لم تفرحه فلا تغمه, وإن لم تمدحه فلا تذمه). وقال أحد السلف: (أجعل كبير المسلمين لك أبا, وأجعل صغيرهم لك أبنا, وأوسطهم لك أخاٍ, فأي أولئك تحب أن تسيئ إليه). وقال الفضيل رحمه الله (لا يحل لك أن تؤذي كلباٍ أو خنزيراٍ بغير حق فكيف تؤذي من هو أكرم مخلوق). وعن قتادة رحمه الله تعالى : (إياكم وأذية المؤمن فإن الله يحوطه ويغضب له). (أخلاق المسلمين في الحروب) * مع أن الإسلام في حربه الرسمية بينه وبين أعدائه المشركين وغيرهم نهى عن قتل النساء ونهى عن قتل الشيوخ الكبار ونهى عن قتل الأطفال الصغار. جاء ذلك في أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم فرأى صلى الله عليه وسلم امرأة مقتولة في إحدى الغزوات فأنكر ذلك وقال ( ما كانت هذه لتقاتل). وجاءت الوصايا الراشدية من ابي بكر وعمر تنهى عن قتل هؤلاء بل جاء عن ابي بكر رضي الله عنه قال ( ستجدون رجالاٍ قد حبسوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما حبسوا أنفسهم له). ونهى عمر عن قتل الفلاحين قال : (إنهم لا ينصبون لكم الحرب فدعوهم وشأنهم). وجاء في الفقه الإسلامي النهي عن قتل من لم يقاتل: (لا يقتل راهب ولا يقتل زمين, أي إنسان مصاب بالشلل أو نحو ذلك ولا يستطيع أن يحارب, ولا يقتل أعمى ولا صاحب عاهة, لا يقتل واحد من هؤلاء إلا إذا كانت له مشاركة في الحرب). فالإسلام يقتصد في القتل حتى في حروبه الرسمية بينه وبين أعدائه ولذا كانت الوصايا النبوية والوصايا الراشدة من الخلفاء. (إلا يقتلوا شيخا ولا طفلا ولا امرأة ولا تهدموا بناء ولا تقطعوا شجرا ولا تحرقوا شيئا في طريقكم إلا ما اقتضته ضرورة الحرب). وبعد كل ما سبق ذكره ألا تحرك الآيات والأحاديث النبوية وسيرة الخلفاء الراشدين والسلف الصالح, ألا تحرك معاني الرحمة والمحبة والتسامح والعفو والصفح والرفق في قلوبنا.. متى نترك العنف والغلو والتطرف ونلجأ للوسطية والاعتدال. تعالوا نتوب إلى الله ونحقن الدماء ونكون مع المسلمين ولا نشذ عن الصراط المستقيم¿! بأي ذنب يذبح ويقتل قادة وضباط وجنود الجيوش في الأمة الإسلامية¿! بأي ذنب يتمت أطفالهم ورملت نساؤهم¿! أي مبرر يبيح قتل هؤلاء. وبأي ذنب يذبح ويقتل ويغتال رجل آمن¿! ماذا اقترفت يداه¿! وبأي ذنب يقتل المارة في حوادث الاغتيالات والتفجيرات¿! فنرى المسلم والمسلمة في لحظة وأصبحت أجسادهم أشلاء متناثرة بحجم قطع الجبن الصغيرة وسط بحار من الدماء. وبأي ذنب تفجر المنشآت والمؤسسات العامة والخاصة¿! لمصلحة من ومن المستفيد¿! وبأي ذنب يتم ترويع الآمنين¿ وبأي ذنب يقتل المعاهد والمستأمن والخبير والسائح والزائر لبلاد وربما يختطف¿! فأي مبرر يبيح ذلك بل هو قدر على بلاد المسلمين أن تنام وتصحوا من نومها على تفجيرات واغتيالات وجمع أشلاء وجثث القتلى. بل ما ذنب الأطفال اليتامى فقدوا العائل لهم بعد الله¿! وما ذنب الأم الثكلى والشيخ الكبير حين فقدوا العائل لهم بعد الله¿!. آن الأوان أن نتحرك جميعاٍ لعلاج ظاهرة الإرهاب والغلو والتطرف والقتل باسم الدين ويجب على الدعاة أن يكونوا في مقدمة الصف بأن يبينوا للناس حكم الشرع في القتل والاغتيالات وأن ينزعوا عن هذه العمليات أي غطاء من الشرعية حباٍ لله تعالى ثم مصلحة لدينهم. وعلى المؤسسات التعليمية والأكاديمية من جامعات ومدارس أن يقوموا بدورهم في التحذير من هذه الظاهرة الخطيرة( القتل باسم الدين). وعلى الأحزاب السياسية والنقابات المهنية ومنظمات المجتمع المدني أن تضطلع بدورها في خدمة مجتمعها ببيان خطورة ظاهرة القتل والتخريب باسم الدين. وعلى الإعلام المرئي والمقروء والمسموع الاطلاع بدورهم في التصدي لهذه الآفة الخطيرة, ثم إن فرد من أفراد المجتمع بل كل مقيم في بلادنا له دور في علاج آفة القتل والاغتيالات التي تتم باسم الدين وذلك بعدم التستر على الجناة فمن أوى قاتلا, أي وفر له الملاذ الآمن من سكن وطعام وشراب, أو من أوى سارقا أو محاربا أو زانيا أو مخربا ممن قتل وخرب واغتال ممن وجب عليه حق لله تعالى أو حق لآدمي ومنعه من أن يستوفي منه الحق الواجب عليه فإنه بذلك شريك في الجرم والإثم مع الجاني وقد لعنه الله ورسوله, وللإمام ردعه بما يراه مناسبا. فعن علي بن ابي طالب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( لعن الله من لعن والده, لعن الله من ذبح لغير الله, لعن الله من أوى محدثا, لعن الله من غير منار الأرض) رواه مسلم. فلا يجوز اخفاء الجاني وتهريبه لعدم إقامة الحد عليه, بل حتى الشفاعة في الحدود (في القتل والسرقة والزنا) وغيرها من الحدود لا تجوز, ولهذا فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأسامة بن زيد رضي الله عنه وأرضاه ( أتشفع في حد من حدود الله). فمن أوى محدثا أو شفع له فهو ملعون مطرود من رحمة الله تعالى, فعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال ( انصر أخاك ظالما أو مظلوماٍ, فقال رجل يا رسول الله أنصره إذا كان مظلوما أفرأيت إن كان ظالما كيف انصره قال: تحجزه أو تمنعه عن الظلم فإن ذلك نصره) رواه البخاري. وفي الختام أقول: أما آن الأوان أن نحافظ على أمن واستقرار أوطاننا فلا نقتل ولا نروع الآمنين. أما آن الأوان أن نتوب إلى الله ونبني أوطاننا وندعو إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة. أما آن الأوان أن نعود لمنهج الوسطية والاعتدال أما آن الأوان أن نتخلق بخلق الرحمة والرفق امتثالاٍ لأمر الله تعالى وتأسياٍ برسول الله صلى الله عليه وسلم. حفظ الله اليمن ومصر وكل بلاد المسلمين من كل مكروه آمين….. آمين….. آمين يا رب العالمين.

*رئيس بعثة الأزهر الشريف باليمن