الرئيسية - محليات - مشاريع حصاد مياه الأمطار تنتقل من الريف إلى المدينة بالمحويت
مشاريع حصاد مياه الأمطار تنتقل من الريف إلى المدينة بالمحويت
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

> حاصدات مياه الأمطار شاهد حي على حكمة الإنسان اليمني

* ما وصلت إليه البشرية من تقدم ورقي لم يأت من تلقاء نفسه وإنما جاءت أثر احتياج البشرية لها في سالف العصر وللأزمات في حياتنا الكثير من الوجوه السلبية إلا أن لها أيضاٍ جانباٍ أو وجوها إيجابية تتمثل في كون مواجهتها حاجة إنسانية تدفعنا للبحث عن حل أو التفكير فيما حولنا من أمور كان يجري إهدارها وتمثل في وجودها حلاٍ أو جزءاٍ من الحل عند معرفة كيفية الاستفادة منها وهذا ما تمثل بجلاء في مدينة المحويت التي تحولت كثير من منازلها إلى منازل حاصدة لمياه الأمطار والتي كانت في وقت سابق تذهب هباءٍ منثوراٍ دون الاستفادة منها إذا ما استثنينا طبعاٍ ما تحصده السدود التي تنفذها الدولة بالتعاون مع المجتمع وهي مشاريع كبيرة لكن على مستوى المواطن كانت الاستفادة من مياه الأمطار محدودة تتثمل في الزراعة أما على مستوى الاحتياجات الأخرى فكانت منعدمة تماماٍ وإلى حد كبير يجوز القول.

* طرأت فكرة حصاد مياه الأمطار على مستوى الأسرة بمحافظة المحويت بالتزامن مع ازمة المشتقات النفطية حيث يعتمد مشروع مياه مدينة المحويت وضواحيها على الديزل بشكل أساسي إلى جانب ساعات الكهرباء المعتدة في توفير احتياجات المواطنين من المياه ونتيجة لانعدام مادة الديزل وشحة توفرها وازدياد ساعات الإطفاء الكهربائية فقد تباعدت فترات توزيع المياه بشكل كبير وظلت بعض حارات مدينة المحويت دون مياه لأكثر من شهرين خلال الأزمة ونتيجة لاستمرار هذه الأزمة الطارئة احتاج الناس لأن يفكروا ببدائل للمياه خاصة المستخدمة منزلياٍ وتوفير الكثير من المال الذي ينفق على شراء وايتات المياه التي ارتفع سعرها بشكل جنوني والتي يذهب جلها للاستخدام المنزلي فكان حصاد مياه الأمطار هو الحل المثالي والذي لا يكلف الكثير من المال إلا في بداية العمل أو تنفيذ المشروع. كلفة ضئيلة * تعتمد فكرة حصاد مياه الأمطار على تحويل سطح المنزل إلى وعاء مؤقت لتجميع مياه الأمطار التي كانت تذهب بشكل آني إلى الشارع ولا يستفاد منها.. ويوضح أحمد عباس – رب أسرة – أن حصاد مياه الأمطار كلفته فقط مائة الف ريال تمثلت في شراء خزان معدني سعة أربع وحدات وشراء مواصير بلاستيكية لإلغاء المساريب التي تسكب المياه إلى الشارع العام وربطها جميعها بشبكة مواسير بلاستيكية وتثبيتها في أعلى المنزل بشكل أفقي ومن ثم يجري تجميعها الى ماسورة واحدة تصب جميعها في الخزان المخصص لتجميع مياه الأمطار بحيث تبقى منفصلة عن المياه المخصصة لمياه الشرب ويجرى استخدامها فقط في الاستخدام المنزلي العادي والاستحمام. ويؤكد أحمد أن هذا المشروع خفض عنه كلفة شراء المياه للمنزل إلى النصف تقريباٍ خاصة في موسمي الصيف والخريف والتي يهطل فيهما الأمطار بشكل غزير على المحافظة. مضيفاٍ: بلغت أزمة المياه بالتزامن مع أزمة المشتقات النفطية حداٍ لم يعد بالإمكان تحمله إذ وصل سعر الوايت – 3 وحدات – إلى 9 آلاف ريال وفي بعض الأحيان أعلى من ذلك وكنا نحتاج إلى شراء ثلاثة وايتات في الشهر خاصة وإن مياه المشروع الحكومي كانت تنقطع بشكل كامل لشهرين وأكثر إبان الأزمة الماضية. ومن هنا ولدت فكرة الاستفادة من المياه المهدرة من مياه الأمطار وتحويل السطح الى مصدر لتجميع المياه والاستفادة منها في أكثر جوانب المياه إهداراٍ في المنزل . تجميع مياه الأمطار * مشروع الاستفادة الأسرية من مياه الأمطار تتفاوت من منزل إلى آخر إذ تتضاعف الكلفة في المنازل الشعبية. ويذكر علي عباد أنه عمد خلال الفترة الماضية إلى تحويل أسطح منزله الترابية ووضع طبقة أسمنتية ليتمكن من جعلها صالحة لتجميع مياه الأمطار ويؤكد أن مساحة سطح منزله الكبيرة توفر له حالياٍ حاجته الكاملة من المياه المخصصة للاستخدام المنزلي والاستحمام وانخفضت كلفة استهلاكه للمياه في فاتورة المنزل منذ أكمل مشروعه “حصاد مياه المطر”. ويقول: تستهلك أسرتي 10 إلى 12 وحدة شهرياٍ بشكل عام وكلفة المياه المشتراة عبر المشروع الحكومي هنا في محافظة المحويت غالية نوعاٍ ما بالقياس إلى سعرها في العاصمة صنعاء ومياه الأمطار تشكل لنا عاملاٍ مساعداٍ وموفراٍ بشكل كبير وتخفف عنا من أعباء تكلفة استهلاك المياه وحالياٍ لا أدفع سوى ثلث قيمة فاتورة المياه مما كنت أدفعه في السابق. فكرة جديدة * ويقول يحيى شرف الدين والذي يعمل في هيئة مياه وكهرباء الريف إن حصاد مياه الأمطار وإن كانت فكرة جديدة دخلت إلى المدن على مستوى الأفراد والأسر إلا أن هذه الفكرة اهتدى إليها اليمني في محافظة المحويت قديماٍ ولاتزال هذه المشاريع بطابعها القديم قائمة حتى الآن وتعيش قرى بأكملها وتعتمد في شربها وغسيلها ومختلف الاستخدامات بشكل كبير على جمع مياه الأمطار إلى جانب الغيول في قرى مديرية الخبت وحفاش وملحان بشكل كبير, ولاتزال العديد منها قائمة رغم أنه سبق ظهور مادة الإسمنت ونجد القضاض يستخدم لأحداث التماسك بين أحجارها أو تلبيسها من الداخل بطبقة سميكة منه والقضاض مادة قديمة تقوم بدور الإسمنت لكنها أصلب وأطول عمراٍ لم تعد تستخدم في الوقت الحالي بعد ظهور الإسمنت. ويضيف: بالنسبة للمياه المستخدمة منزلياٍ كالغسيل والاستحمام فنجد هناك البرك بمختلف الأحجام ويعرف في بعض القرى بسد العزلة وأصبح هذا النوع من المشاريع ضرورة حيث تشترك قرى ويتجمع أفرادها لبناء سد – بركة كبيرة جداٍ – يمكنها خزن المياه طيلة فترة الشتاء ويكون لها مجرى مائي كبير خلال أيام سقوط الأمطار وبحسب المجرى وغزارة الأمطار يجري التوسع في حجم السد أو ما يطلق عليه (البركة). أما بالنسبة لحصاد مياه الأمطار لغرض استخدمها كمياه شرب فيتم الأمر بشكل مختلف إذا يتم بناء شكل دائري فوق سطح الأرض, بشكل أقرب إلى الشكل الهرمي إذ يكون واسعاٍ من أسفل وضيقاٍ من أعلى كما أن له فتحة تكون من أعلى وأخرى صغيرة تكون في أسفله ولا يتم فتحها في العام إلا مرة واحدة بغرض التنظيف فقط ويجري بناء هذا النوع من الخزانات بالقرب من مجاري المياه الصغيرة أو المنحدرات ويجرى العمل على أن تكون المجاري إليها معشبة لتؤدي دور المصفاة فتقلل من كمية الأتربة الداخلة إلى جوف الخزان وبعضها فقط تعتمد على ما تحصده أسطحها خاصة إذا جرى بناؤها في داخل القرية وتظل هذه الخزانات تجمع المياه طيلة فترة الصيف والخريف حتى إذا قلت إنتاج مياه الينابيع عمد الناس إلى فتح تلك الخزانات والاعتماد عليها طيلة فترة الشتاء وحتى موسم المطر في العام التالي. حكمة يمنية تتجسد * يشير شرف الدين إلى حكمة الإنسان اليمني واستغلاله لمياه الأمطار بشكل ملفت معوضاٍ بذلك عن افتقاده لوجود الأنهار الكبيرة دائمة الجريان في البلاد. ويقول: حكمة الإنسان اليمني تتجلى في بنائه البرك الكبيرة والسدود بالقرب من مجرى السيول وهي تكون مكشوفة عادة وتستخدم مياهها فقط لمختلف الاستخدامات الحياتية ماعدا الشرب فيما الخزانات المغطاة تبنى بالقرب من السفوح ومجاري المياه الصغيرة لجمع مياهها التي تكون عادة نظيفة نسبياٍ من مجاري السيول ولكون الخزانات مغطاة فهي تحتفظ بمياهها مدة طويلة ويستفاد منها في الشتاء حين تنعدم مياه الأمطار في اليمن وتقل مياه الينابيع أو الآبار. لافتاٍ في الوقت ذاته إلى أن حصاد مياه الأمطار هو ما مكن الإنسان اليمني القديم من المحافظة على المياه الجوفية وعدم إهدارها بالشكل الذي نراه اليوم بل ساهم حجز مياه الأمطار كما هو عمل السدود الذي درج عليها اليمنيون القدامى منذ بناء سد مأرب في تعزيز مخزون البلاد من المياه الجوفية فالماء أهم ثروة يجب أن يعي الإنسان أهمية الحفاظ عليها والاقتصاد في استهلاكها. مصدر بديل ووفير * وبالعودة إلى استنساخ تجربة حصاد مياه الأمطار في مدينة المحويت والمحافظة بشكل عام فقد دخلت الفكرة بشكل مبكر إلى المساجد وكانت الكلفة العالية لفاتورة المياه وقلة الاعتمادات المخصصة من قبل مكتب الأوقاف يدفع بالأهالي إلى البحث عن مصدر مياه بديل ووفير ويذكر محمد البرطي بمكتب الأوقاف أنه باستثناء المسجد الكبير – مسجد ماسية – فإن جميع مساجد مدينة المحويت تعتمد بشكل كبير على مياه الأمطار إلى جانب مياه المشروع الحكومي في توفير المياه للمصلين . ويقول: جرى تطبيق الفكرة للمرة الأولى في مساجد المحافظة في نهاية عقد الثمانينيات أو مطلع التسعينيات ومع بدء دخول المشروع إلى المساجد أخذ الناس يعزفون عن استخدام بركة المسجد للوضوء فجرى التفكير في تحويلها لخزانات أرضية ويتم ربطها بالمشروع الحكومي إضافة إلى تجميع مياه الأمطار من أسطحها وصروحها فكانت النتيجة مذهلة وأصبحت الماء لا تنقطع عن المسجد وهكذا بدأت الفكرة تلقى إقبالاٍ في بقية المساجد والآن يمكن القول إن بناء خزان أرضي وحصاد مياه الأمطار لغرض الوضوء صار من أساسيات بناء أي مسجد ولا يجري تجاوزه إلا في النادر. ويشير البرطي إلى وجود العديد من المساجد سواء تلك التي يشرف عليها مكتب الأوقاف أو التي تمت برعاية فاعلي خير صارت تعتمد تماماٍ على ما تحصده من مياه الأمطار ولم تعد بحاجة إلى مصدر آخر لتوفير المياه لروادها, وخاصة في الأرياف حيث لا يوجد مصدر للمياه سوى مياه الينابيع أو الآبار أو حصد مياه الأمطار. اعتماد كامل * يحيى الشعثمي يكاد يكون حالة نادرة فهو لم يربط مشروع المياه الحكومي إلى منزله مطلقاٍ منذ أكثر من أربع سنوات ويعتمد فقط على مياه الأمطار في كل شؤون منزله ما عدا الشرب. ويقول: بالنسبة لمياه الشرب فأنا أعتمد في توفيرها على محطات الكوثر أما بالنسبة للمياه في الاستخدامات الأخرى فاعتمد على مياه الأمطار بشكل كامل منذ بنيت منزلي . بنى يحيى منزله على مساحة واسعة وهو يمنع أطفاله وأسرته من الصعود إلى سطح المنزل بأحذيتهم ويضع لذلك أحذية خاصة تستخدم في السطح الذي قام بتبليطه ويفسر ذلك بالحفاظ على طهارة سطح المنزل والمياه التي يجري حصادها منه. خلال موسم الأمطار والذي يمتد لحوالي ستة أشهر يقوم يحيى بحصاد مياه الأمطار إلى خزان أرضي كبير جداٍ حفره في حوش منزله ويقول إنه يكيفه طيلة مدة انقطاع الأمطار في الشتاء, ولا يتذكر أنه اضطر إلى شراء وايت ماء خلال السنوات الماضية منذ أنجز مشروعه الخاص لحصاد مياه الأمطار. الهنجر الذي يستخدمه كثيرون منا لركن سياراتهم والحفاظ عليها من المطر أو حرارة الشمس يستغله يحيى في حصاد مياه المطر. ويضيف يحيى: لم أفكر في الحاجة لربط مشروع المياه ولا تعرف فاتورة المياه طريقها إلى منزلي ومن عرف بقصتي يستغرب قليلاٍ لكنه مايلبث أن يستحسن الفكرة ويدرك أن خسارتي على بناء خزان أرضي كبير لحصاد مياه الأمطار تثمر ربحاٍ يومياٍ يتمثل في توفير قيمة فاتورة المياه وعدم تعرضي لأزمات انقطاع المياه مطلقاٍ. أزمة تتفاقم ببطء * من جانبه يشير مجاهد شراح – مسئول توزيع المياه بمكتب المياه بالمحافظة- أن أسباب أزمة المياه في المحافظة تعود لسببين رئيسيين تمثل الأول في حالة طارئة انتهت حالياٍ بتوفر المشتقات النفطية وهي انعدام مادة الديزل وقلة ساعات الكهرباء وبالتالي تنخفض كميات المياه الواردة إلى الخزان الرئيسي وتبعاٍ لذلك تتباعد فترات توزيع المياه بالنسبة لحارات مدينة المحويت أو ضواحيها والأمر الآخر والذي لايزال قائماٍ وهو أن مشروع مياه مدينة المحويت بني في الثمانينيات بطاقة محدودة ورغم توسعته إلا أن ارتفاع أعداد السكان والتوسع العمراني وربط القرى المجاورة تجاوز قدرة مصادر المياه بالنسبة للمشروع ما اضطر إلى رفد المشروع بحفر عدة آبار إضافية إلى أنها لا تفي كذلك بالحاجة المطلوبة للناس والمتنامية بشكل كبير جداٍ, إذ لا يتم اللجوء إليها إلا في فصل الشتاء عادة عندما تقل مياه منطقة سيل العيون القريبة من وادي سردود وهي المصدر الأساسي لمشروع مياه مدينة المحويت. قدرة استيعابية محدودة * ويلفت إلى أن حصاد مياه الأمطار من أسطح المنازل هي فكرة جيدة جداٍ وتساهم في خفض أزمات المياه في مدينة المحويت بشكل كبير مؤكداٍ بأنه لو تم منح المواطنين قروضاٍ لبناء خزانات أرضية تحصد أكبر كمية من مياه الأمطار لتحققت فائدة كبيرة ولانتهت الأزمة ربما. ويقول : معظم منازل مدينة المحويت شعبية بطابعها وتخزن المياه في خزانات معدنية أكبر سعة مثلاٍ 6وحدات – 6آلاف لتر- وهذه الكمية تكفي أسرة متوسطة العدد لمدة شهر تقريباٍ ولنتخيل لو أن خزاناٍ أرضياٍ يخزن ما مقداره 25 وحدة إلى 30 وحدة يمكن القول إنها ستستغني عن مياه المشروع الحكومي نهائياٍ أو قصره على احتياجات الشرب الضئيلة لمدة خمسة أشهر تقريباٍ وكما قلنا أسرة متوسطة العدد وبالتالي تتجاوز فترة انقطاع المطر في الشتاء وهي مطمئنة جداٍ بل يأتي الموسم الثاني ولازال لديها من مخزون أمطار العام الماضي . وبحسب المختصين هنا في المحافظة فإن مشروع مياه مدينة المحويت بحاجة حاليا إلى مصدر مياه لسد الحاجات المتزايدة ناهيك عن الأمور الأخرى المتعلقة بتطوير شبكة المشروع الرئيسية, وتمثل عيون سردود البعيدة نسبياٍ عن مدينة المحويت أحد الحلول وإن كان مكلفاٍ إلا أن هذا الحل لايزال قيد الدراسة وبالتالي فمشروع حصد مياه الأمطار هو الحل الأنجع بالنسبة للأسر هنا وتبقى مشكلة مكان التخزين أو توسعة الطاقة الاستيعابية هي الهم الأكبر إذ يكلف بناء خزان أرضي يتسع لعشرين ألف لتر ما بين ثمانمائة ألف ريال إلى مليون ريال.