الجمعة 29 مارس 2024 م
الرئيسية - الدين والحياة - لا تتعجل قطف ثمرة قبل نضوجها
لا تتعجل قطف ثمرة قبل نضوجها
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

لا ترفع لنفسك راية ولا تتمطى بالدراية والرواية وتخرج إلى الناس وعودك مايزال غضاٍ طريا لم يستو نضوجه ولم تينع ثماره فتهلك وتموت بمعنى لا ينبغي عليك التصدر بما عندك من العلم والمواهب والقدرات التي مازالت وهنانة قبل أن يشتد عودك وتثبت قدمك ويرسخ علمك لكثرة المثبطات والغوائل في عالم الناس فإنما جاء الثناء من الله للراسخين في العلم وليس لمن علم فإن إبليس كان يعلم فما أغناه علمه. إنك يوم تدفن نفسك مستتراٍ عن الظهور للناس من أجل تحصيل العلوم والمعارف حتى تنضج تماماٍ ثم تخرج بها للناس سيكون تأثيرك عظيماٍ وأثرك خالدا وسيدوم عطائك ويْرفع ذكرك ويخلص عملك..إن البذرة التي تدفن ينتفع بها الناس, لكنهم لا ينتفعون بالبذرة التي لم تدفن º لأنها لا تنضج بدون دفن . وهذا مضمون ما توحي به حكمة ابن عطاء اللهالحكمة الحادية عشرة. «ادفن وجودك في أرض الخمول فما نبت مما لم يدفن لا يتم نتاجه». إن دفن الذات نضوج للبذرة و للثمرة وداعُ إلى الإخلاص فالحظوظ النفسية كثيرة ومن أبرزها تضخم الذات : العجب الكبر والرياء والسمعة وهي أكثر من أن نحصيها هنا. هذه الأمراض الناتجة من حظوظ النفس الأمارة بالسوء إذا أصيب بها العبد وظهرت في الأعمال والأقوال – ولو كانت الأعمال كالجبال الرواسي – تصبح بلا ثمرة في الدنيا والآخرة فالأعمال التي دوافعها هذه الأمراض لا تنبت نباتاٍ حسناٍ ولن يكون لها نتائج نافعة بل يكون مردودها سلبياٍ على صاحبها لذلك مطلوب من المسلم الحق أن يخمد هذه الأمراض في عقرها وذلك بإخماد ذاته في أرض الخمول . أي أن عليه أن يميت حظوظ نفسه وينسى ذاته فلا ينتصر لها ولا يغار عليها ويدفع عنها حب الرئاسة وحب الظهور وطلب اهتمام الآخرين واحترامهم لها حتى تخلص غرائزه وأعماله لله الواحد الأحد وهذا هو بعض المقصود بدفن الوجود في أرض الخمول . فالبذر الذي لا يدفن لا ينبت له ثمر ولا يظهر له أثر فإذا أراد العبد أن تنمو وتبارك أعماله ويورق عوده فليخلصها من حظوظ نفسه بدفنها في أرض الخمول فما لم يدفن لا نتاج له . أما إذا كان الدوران حول ذاتك فلن تدور في رحاب ربك فإن الله جعل لكل عبد قلباٍ واحداٍ ومن أشرك مع الله غيره حبط عمله وذهب جهده وضاع أثره وأصبح من الخاسرين أعاذنا الله من ذلك فمن انشغل بالله حفظ نفسه ومن انشغل بنفسه حرص على تلبية رغباتها وأهوائها ونسي ربه . قال تعالى : (أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم), الجاثية ( 23) . وخلاصة ذلك : لا تـنـتـصر لنفسك وانتصر لدينك ولربك . لا تتكبر على أحد من خلق الله وتذلل وتواضع لربك وللمؤمنين . لا تعجب بحسنك وإبداعك فما جمِلك إلا ربك واعجب بفضل الله عليك . لا تغتر فأنت من طين وإلى الطين تسير ولا حول لك ولا قوة إلا بالله. لا تحقر غيرك فلا تعلم كيف أنت عند ربك فكيف تحقر غيرك وتجهل نفسك. لا تراء بعملك أحداٍ غير الله . «ادفن وجودك في أرض الخمول فما نبت مما لم يدفن لا يتم نتاجه ». هذه الكلمة أفضل توجيه لمن يريدون الظهور على عجل ومن يتوهِمون أن نصيباٍ قليلاٍ من المعرفة والخبرة كافُ في الترشيح لقيادة الجماهير والصدارة بين الناس وهؤلاء في الحياة لا حصر لهم. ما ضر الشباب أن يتواروا قليلا أو كثيراٍ فلا يطلعوا على الناس إلا بعد أن تكتمل ملكاتهم ¿ . إنك ترى الواحد يكتب عدة مقالات فيحسب نفسه من قادة الفكر أو يحسن بضعة أعمال فيزعم نفسه من ساسة العالم ولو آثر ( الخمول ) فترة ينضج فيها لكان خيراٍ له ثم من الإيمان _ إذا استويت _ أن تقوم بما عليك لله _ لا للظهور فإن الذي يطلب وجوه الناس يسقط من عين الله . فاحذر على نفسك أمرين : أن تنـزع إلى البروز قبل استكمال المؤهلات المطلوبة وأن تستكمل هذه المؤهلات º لتلفت بها أنظار الناس إليك » .[1] وإياك والغرور والعجب الزم التواضع والانكسار وهنا يقوى أصلك ويـسْمق فرعْك . اللهم اجعل أهواءنا تبعاٍ لما جاء به محمد صلى الله عليه وآله وسلم. (إذا شئúتِ أن تِزúدِادِ قِدúرٍا ورفúعِــةٍ فِلنú وتواضعú واتúرْك الúكبúـرِ والúعْجúبِا) ولا تفتخر مهما غدوت مبجلا أصرت سماءٍ أو غدوت بها شْهبا وإن شئت أن يبقى لذكرك خلدهْ فكن رجلاٍ في كل نائبة صلبــِا ولا تمتهن نفسا لها الأرض سخرت وما في الفضا حتى ولو شرِقتú غِرúبا توسط ولا تغلو لكي تصعد الذرى ولا تبتغي في اللين بعدا ولا قربا وحافظ على صدق اللســان ولا تدع مخاوفك الهوجاء تملي له الكذبا فإنك محمود إذا كنت حامداِ وإنك مذموم إذا سْمúتِهم عِتبـــا وإنك ممقوتَ إذا صرت جافيا ولو كنتِ معúطاءٍ وكنت لهم ربــا لأن غليظ القلب ليس يروقهْ عِدى الأفكِ والشحناءِ والحقدِ والسبِا فضمن معاني القول لطفاٍ ورقة فإن لطيف القول يجتذب الصعــبا وأحسن وإن ساءتك منهم مقالةَ وسِامحú و إن آذوكِ أو جرحوا القلبا