الزميل "علي العقبي" يشارك في برنامج التبادل الإعلامي الدولي بالصين
اختتام المرحلة الأولى من حملة "وفق القانون" لتعزيز وعي الصحفيين بحقوقهم وواجباتهم
وزير الخارجية يغادر عدن متوجهاً إلى القاهرة للمشاركة في أعمال الدورة العادية الـ164
تشكيل قوة درع الوطن.. خطوة استراتيجية لحماية المهرة وتعزيز أمنها
المهرة: حملة رقابية تقودها السلطة المحلية تغلق محلات مخالفة وتحيلها للنيابة
الجيش السعودي في حرب فلسطين 1948: ملحمة الملك المؤسس وبطولات الجنود
اليمن يشارك في الاجتماع الوزاري للمجلس الاقتصادي والاجتماعي في دورته الـ116
الرئيس العليمي يعزي الرئيس السوداني بضحايا الانزلاق الأرضي
افتتاح 10 فصول جديدة في مدرسة الشهيد الشدادي للبنات بمأرب
منتخبنا الوطني يفوز على نظيره السنغافوري في افتتاح تصفيات كأس آسيا تحت سن 23
لم يحط من قدر الثورة الفرنسية ضد الملك لويس السادس عشر والملكة ماري انطوانيت في نهاية القرن الثامن عشر شيء أكثر من حقيقة أن الثورة التي جمعت "الثائر" ب"الثوري" لم تستطع أن تؤلف بين الإثنين لتنتج الشخصية الثورية القادرة على استلهام ضرورات التغيير وأسبابه بالمضامين الاجتماعية للجمهورية التي حلت محل الملكية المطلقة .
والمعروف أن هذه المضامين لم تكن قد تبلورت إلا لدى نخبة محدودة من المثقفين الثوريين بمضامين منتخبة من الفكر التنويري الذي حمله مفكرون أمثال جان جاك روسو وفولتير وبعض قادة الثورة والذين حملوا على الاستبداد داعين الى حكم الشعب . أما الثائرين القادمين من قاع المجتمع حيث الفاقة والجوع والقهر والجهل فقد كانوا لا يرون الثورة غير الانتقام ممن تسبب في بؤسهم ومعاناتهم .
والحقيقة هي أن هناك من الطبقات الغنية ممن كان قد التحق بالثورة ولكن بلياس "الثائرين" المنتقمين ، لا بوعي "الثوري" الذي يرى الثورة مشروع نظام مختلف جذرياً عن النظام الاستبدادي.
بقي "الثائر " المعدم القادم من قاع المجتمع لا يدرك من ضرورات الثورة غير الانتقام من الطبقة الحاكمة والبارونات والأغنياء ، أما "الثوري" الذي نادى بالثورة بمعايير الانتقال الى النظام الدستوري الديمقراطي فقد كان عليه أن يواجه مخاطر جر الثورة الى المنزلقات التي كانت النزعة الانتقامية للثائر قد شقت أخاديدها في المجتمع المحروم بطريقة لم تترك من خيار غير المقصلة والدم .
لم يتفق "الثوري" و "الثائر" على صياغة مسار ثوري ناضج للتغيير ، وتوسعت مساحة الاختلاف بينهما ، الامر الذي انتكست معه الثورة بعد عقدين من الزمن .. ولم تستطع الدماء التي اريقت على المقصلة أن تنتج حاضنا مجتمعيا قوياً لها . ولم تتمكن من تكوين هذا الحاضن إلا بعد أن استطاع "الثوري" المستلهم لضرورات الثورة من خلال الوعي الناضج لأسبابها وأهدافها وتراجع دور "الثائر" المنتقم في تقرير مصيرها .
تجاربنا ليست بعيدة عن هذه الحقيقة .. دائماً ما كان صوت "الثائر" هو الأكثر صخباً وتأثيراً في مسار الاحداث ، وانتهت الثورات إلى المأزق الذي ينزلق إليه الثائر بالثورة ، أي بتسليمها لخصومها .
غير أن هذا "الثوري" ، الذي لم ير الثورة غير استجابة تلقائية لوعيه المزحوم بالنظرية المسبوكة بأجمل العبارات ، لا يجب هو الآخر أن تبرأ ساحاته لأنه كان عليه أن لا يتصرف ك"جنتلمان" ، ولا كعارض فكرة في سوق الأفكار ، وإنما كموقف متكامل ؛ فإلى جانب كونه ثائراً فإنه يمتلك الوعي بالمسار الذي ستفضي اليه الثورة ..
وفي حين أن الثائر بطبيعة تكوينه الإجتماعي والسياسي والثقافي ، أو لأسباب تتعلق بدوافع التحاقه بالثورة ، لا يستطيع أن يكون ثوريا وسط كومة الاحداث المتلاحقة ، أي أن يمتلك منهجاً واضحاً لمسار الثورة وأهدافها الاستراتيجية والمرحلية إلا بعد أن تعجنه الاحداث وتعيد صياغته ، فإن الثوري يستطيع ان يكون الاثنين معاً ثائراً وثورياً فور اندلاع الثورة . ومن الخطأ أن يتخلى عن كونه ثائراً لأنه بذلك يفقد عنصر المبادرة في قيادة الجماهير حيث يسلم قيادتها للصوت الصاخب الذي يفتقر الى الرؤيا الاستراتيجية ويصبح هو والثورة معاً ضحية هذا الانسحاب .
تاريخ الثورات هو صراع "الثائر" و"الثوري" في اللحظة التي يتعين فيها على الثورة أن تحسم خياراتها .. وكانت الطريقة التي حسم بها هذا الصراع سبباً في نجاح الثورات أو فشلها .
• سفير بلادنا لدى المملكة المتحدة
• المصدر: صفحته على فيسبوك