الأقاليم عند الحوثي
الساعة 08:07 مساءً
  • مستشار رئيس الجمهورية

يردد الحوثيون في إعلامهم وعلى ألسنة كثير من قياداتهم خطورة الدولة الاتحادية  - ذات الأقاليم- وأنها منتج - صهيوإمريكي - !! لتقسيم اليمن وتمزيقه وتفكيكه- حسب زعمهم -  وأنهم لذلك وطنيون وحدويون ! ! يرفضون مخرجات الحوار الوطني التي نصت عليها معظم  القوى السياسية في فريق بناء الدولة .
وللوقوف على مغالطات الحوثة وتناقضاتهم  بين الأمس واليوم ومعرفة نواياهم أشير إلى الآتي :- 
أولاً :- الرؤية التي قدمها الحوثيون في مؤتمر الحوار الوطني حول شكل الدولة هي مطالبتهم  بالدولة الاتحادية والأقاليم كما في ورقتهم في فريق بناء الدولة بعد أن سردوا حيثيات  وضرورة الدولة الاتحادية إذ قالوا  : (وبناء على ما تقدم فإن رأينا بشأن شكل الدولة القادمة يتلخص في الآتي:
إنشاء دولة مركبة ( اتحادية ) يحدد مؤتمر الحوار تفاصيلها بالتوافق الطوعي)  
وفي ورقة النظام الاداري أيضاً المقدمة لبناء الدولة باسم انصار الله ( الحوثة ) النص الاتي :  ( وانطلاقاً من رأينا في شكل الدولة المؤيد للأخذ بفكرة الدولة الاتحادية .... الخ ) (راجع تقارير فرق بناء الدولة )
فكيف تحولت فكرة الدولة الاتحادية  - بعد انقلابهم وتمردهم - إلى مؤامرة  واعتبارها فكرة -  صهيو امريكية -لتمزيق اليمن  ؟ ! وقد نادوا  بها في مؤتمر الحوار الوطني ؟! بل وكانوا من أكثر القوى السياسية تحمساً لفكرة الأقاليم والدولة الاتحادية !  
وحتى تتجلى الصورة فقد كان باعثهم  لذلك عدة  أسباب منها :
أولاً : كانوا يطمعون- قبل سقوط  صنعاء-  أن تكون الأقاليم وفق تقسيم يتيح لهم بناء دولة طائفية شيعية  تابعة لإيران في أقصى شمال اليمن بحيث  يختصون بإقليم يضم صعدة والجوف وعمران وحجة ليكون مهيأ للانفصال عن اليمن ومستقلاً بموارده وثرواته وسواحله ومتاخماً للمملكة العربية السعودية للإضرار بالجيران خدمة لإيران!
ثانياً: كانوا يهدفون من طرح فكرة الدولة الاتحادية والاقاليم كسب مكون الحراك الجنوبي المشارك للوقوف معهم ومساندتهم  في قضايا صعدة لبقاء الاسلحة الثقيلة  بأيديهم  وبسط نفوذهم على المحافظة  وتأييد رؤيتهم فيها ولذلك لم يقدم الحراك الجنوبي المشارك رؤية حول قضية صعدة واكتفى برؤية الحوثيين فيها !! وذلك  قبل أن يكتشف حقيقتهم وعلى قاعدة انفعني أنفعك ! لكن تبين بعد ذلك لمكون الحراك المشارك ولغالبية أبناء الشعب اليمني خداع الحوثيين وكذبهم بعد غزوهم للجنوب، وما ارتكبوه من الجرائم بعد وصولهم إليها وتنصلهم عن الشعارات المخادعة التي كانوا يطلقونها في الحوار الوطني  لدغدغة عواطف أبناء المحافظات الجنوبية .
ثالثاً : تفكيك مركزية الدولة وخلخلة أركانها وإضعافها ليتسنى لهم الانقضاض عليها والتمرد على سلطاتها واحداث شروخ اجتماعية ومناطقية لتوسيع نفوذهم في أجواء الصراع ! 
ولم يكونوا صادقين في تبني دولة  اتحادية عادلة تقوم على تقسيم الثروة والسلطة بين أبناء اليمن وإنما دفعهم إلى ذلك مآرب ونوايا سيئة وكان ما كان بعدها ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله .
رابعاً :- الحوثيون لايتحركون في نشاطهم إلا وفق خدمة الطائفة ومن يدعمها من ملالي طهران ولايقيمون وزناً للوطن لا في سلمهم  وسياساتهم ولا في حربهم وتحركاتهم ولديهم استعداد أن يضحوا بجميع مصالح الشعب وثوابته  في خدمة طائفتهم  وعنصريتهم ويستثمرون  معاناة الناس والحاق الضرر بهم لتحقيق أطماعهم . 
خلاصة الأمر :
عندما كانت فكرة الدولة الاتحادية ذات الأقاليم تخدم مسارهم  وتوجههم وواقعهم  طالبوا  بها ووقعوا  عليها واعتبروها حلّاً  ووطنية !  ولمّا تغير الحال-  بعد التمرد والانقلاب - اعتبروها  خيانة ومؤامرة لتمزيق اليمن ! ونقضوا عهودهم  ومواثيقهم  كالعادة .