الفنان أيوب طارش.. رائد الأغنية الوطنية الحديثة
الساعة 10:45 مساءً

 

كتب شاعر اليمن الكبير عبدالله عبدالوهاب نعمان، كلماته الشهيرة 
"املأوا الدنيا ابتساما وارفعوا في الشمس هاما...
إلى أن قال: واحذروا أن تشهد الأيام في صفكم تحت السماوات انقساما" 
والتي صدح بها فنان اليمن الكبير أيوب طارش أداءً ولحناً مما يؤكد أن الأغنية الوطنية كانت أساساً من أساسات البناء لا الهدم كانت صوت الحب والسلام صوتاً داعياً لجمع الشتات وتوحيد الأصوات لبناء الوطن كانت تجمع لا تفرق.
بهذه الأغنية الوطنية الخالصة تشعر عند سماعها بالعزة والشموخ تشعر بكبرياء الوطن ورفعته وسموه. 
هنا يأتي دور الفن الذي يلامس الوجدان ويطرق أبواب القلوب ليكن جزءاً من عملية بناء الأوطان ولم شتات أبنائه، فبعد الحروب عادة ما تكون الأحقاد والثارات والعصبيات فكل قبيلة قد تعادي الأخرى وكل جماعةٍ أو حزب قد يقع نداً للآخر. 
فيأتي الفن هنا ليُهدئ النفوس ويطمن القلوب فإذا دخل إلى القلب ضمن وصول رسالته السامية، فهكذا كانت أغاني الفنان الكبير أيوب طارش بعد فترة الحروب تدعو إلى الحب والإخاء والوحدة أرضاً وإنسانا..
الأغنية الوطنية لا تقتصر على هذا وحسب، ولا يمكن حصرها في الحرب والثورة فعندما تغني للزرع والأرض والماء والشجر والمدينة والقرية والجبل فهي أغانٍ وطنية.
الفنان أيوب طارش أكثر فنان سلك هذا النهج فلو حصرنا كل أغانيه لوجدنا ٩٠٪ منها أغانٍ وطنية خالصة حتى تلك الأغاني العاطفية والغزلية ستجد أن لها صلة بالوطن
فأغنية واحاملات الشريم وبكر غبش وتلايم الحب والمهاجل الزراعية وارجع لحولك وشن المطر يا سحابة ومطر مطر والضبا بينه تدور مكنه، وعشرات الأغاني الخالدة التي غناها حباً وتغزلاَ بالزرع والأرض وربطها بهوية الإنسان اليمني الريفي البسيط والتي لامست الوجدان حتى صارت هويةً يمنية خالصة، وأصبحت لوناً من ألوان الغناء اليمني الغني والثري بالألوان.
فأصبح اللون الأيوبي، لونا جميلاً ذا طابع يمني ونكهة خاصة يحتل القلوب وتطرب له الأسماع. والشاعر طبعاً له دوراً بارزاً في هذا الخصوص. 
ولو تحدثنا فقط عن أغاني الفنان الكبير أيوب طارش لوحدها لما كفانا مجلد لسرد أغانيه وتناولاتها الوطنية.
لأنها فعلاً أغانٍ تستحق التناول تستحق أن نفرد لها المساحات قراءةً وبثاً وسماعاً وتناولاً لأنها أغانٍ ذات قيم وطنية وإنسانية عالية.
حب الإنسان اليمني للفنان أيوب طارش حب متجذر في العروق  أغاني أيوب أصبحت جزاءً منا جزاءً من حياتنا وهويتنا، ولا يوجد شخص يمني لا يسمع أغاني أيوب.
أيوب هو هوية اليمني هو لحنه الذي يترنم به هو عشقه هو حبه، لأن أغاني أيوب باختصار لامست وجدان الإنسان اليمني البسيط وترسخت في أذهاننا جميعاً وكانت لنا ذكريات معها حتى ارتبطت بحياتنا اليومية
كيف لا وقد كبرنا وتربينا ونحن نردد "رددي أيتها الدنيا نشيدي ردديه وأعيدي وأعيدي" في كل طابور صباح وفي كل مناسبة والتي لحنها وغناها فناننا الكبير أيوب طارش. 
ومثلت أغاني الفنان أيوب طارش هوية اليمنيين كما ذكرنا آنفاً النشيد الوطني كمثال على ذلك بالنسبة للارتباط اليومي.
أما الارتباط التأريخي والمناسباتي فقد شكلت أغاني أيوب السبتمبرية هوية الثورة فلا يمر عيد من أعياد سبتمبر المجيد إلا ونتذكر أغاني أيوب إلا ونرددها بل ونغنيها. 
أبرز تلك الأغاني الخالدة "دمت يا سبتمبر التحرير يا فجر النضال 
هذه الأغنية" أصبحت بالنسبة لي بل وللكثير هوية سبتمبر المجيد عندما يخطر سبتمبر على أذهاننا يحضر أيوب بأغنيته تلقائيا.ً. لأنها فعلا لامست القلوب وجعلت من سبتمبر شامخاً أعطته هيبته وجماله فأعطت أهدافه لحنا يستحقه وكلمات تليق به. 
"موكب التحرير ألفت القلوبا.. 
وتوحدنا شمالاً وجنوبا 
وفتحنا لسنا العلم الدروبا 
فلتعيشي يا بلادي بعلوٍ وا سدادي" 
هكذا نحت الشاعر الكلمات من روحه حتى لحنها أيوب وغناها من  قلبه فوصلت لنا بهذه الروح البديعة وصلت فسكنت القلوب واحتلت المراتب الأولى في كل عيد من أعياد سبتمبر المجيد. 
فهناك كثير من الفنانين اليمنيين الذي سلكوا هذا النهج الوطني العظيم والتي تخلد ذكرهم بذكر أغانيهم الوطنية فسيرحل الجميع  لكن الأغنية الوطنية لن تموت ولن يذكرك الناس والشعب كفنان بعد رحيلك إلا بما قدمت لهذا الوطن.
فقد رحل الكثير من الفنانين لكن أغانيهم ظلت حاضرةً حتى اليوم 
فأي فنان لا يُقدم لوطنه ولا يفرد جزاءً من إنتاجه لهذا الوطن سيكون مجرد فنان عابر تموت أغانيه ويموت ذكره لمجرد رحيله.

*مدير الإعلام‏ بملتقى الفنانين والأدباء اليمنيين