حكاية الأفلام القصيرة في اليمن
الساعة 02:19 مساءً

من الطبيعي أن تحكي في اليمن عن الحرب والمجاعة والوضع الانساني المتدهور، تسمع مرة بخبر استشهاد وأخرى بحالة وفاة وثالثة بجريمة قتل وهكذا الحال والأخبار في بلادنا، ناهيك عن أخبار تراجع العملة وجمود الهدنة وجهود إنهاء الحرب وإحلال السلام.

في ظل هذا الحال يأتي الحديث عن الدراما، وليس كل الدراما بل الدراما القصيرة في صناعة الأفلام القصيرة والتي تعرف قوة الدولة بقوة نفوذها الدرامي ونحن لا شك في وضع لا يحسدنا عليه أحد..

في العادة لن تحدث عن تاريخ الدراما اليمنية وروادها ودور السينما اليمنية.. أتحدث عن صناعة الأفلام القصيرة في اليمن التي لطالما لديها رواد وشباب ذوي شغف كبير، مثلهم مثل أولئك الشغوفين بالحديث عن السياسية والمواقف الدولية وهم يتكئون على سطح تفوح منه رائحه الطلاء بعد عناء يوم طويل.

كثير من شباب اليمن يرغبون في التدرب على صناعة الأفلام القصيرة، وكثير لديه القدرة والخبرة الفنية في صناعة محتوى درامي متميز، لكنهم لا يجدون البيئة المناسبة للعمل والبيئة.

أثناء تصفحك للأخبار المتعلقة باليمن؛ نادراً ما تصادف خبرًا عن مسابقة فيلم قصير، فتكون لك كدافع يدغدغ شغفك الفني، فتجد الفكرة الدرامية المناسبة في ظل مزاحمة أفكار المعيشة ومحاولة توفير قوت يومك.

رغم ذلك تجد ذهنية الشباب اليمني في صناعة الأفكار بمختلف أشكالها الفنية تتسم بالنقاء الذهني والنظرة الثاقبة كما يصف ذلك رواد السينما لمشاركين يمنيين بهرجانات دولية للأفلام القصيرة رغم كل حالتهم المعيشية والاقتصادية الصعبة.

حين تأخذ القلم وتحاول كتابة تفاصيل تلك الفكرة واحتياجاتها ومعالجاتها الدرامية تهرع إليك الكثير من الهموم، ومنها احتياجك للممثلين المتميزين ومواقع التصوير وأدوات التصوير والإضاءة الاحترافية والفريق الفني والمراجع الأكاديمية والبشرية المتخصصة في صناعة الأفلام؛ والتي لا تكاد تجد من ذلك إلا ما قدرت جهودك أن تصل إليه وغيرها من هذه الهموم تأتيك في اللحظات الأولى عند أخذك للقلم لتدوين تفاصيل أفكار فيلمك.

في فلسفة التدريب النظري العالمي في صناعة الأفلام يتحدث رواد السينما بضرورة الالتزام بالتخصصات المخصصة لكل جزئية في كل مراحل الانتاج (ما قبل التصوير وأثناءه وما بعده) تفاصيل في المهام الانتاجية والفنية حتى قد تصل إلى تحديد فرق متخصصة تهتم بمسح آثار أقدام الحشرات لتظهر بقعة من الأرض في هذا المشهد كانه لا يعيشها أحد قط.

من المعتاد أن أولئك يؤكدون لكل من يريد صناعة الأفلام ضرورة الالتحاق بأكاديميات وجامعات متخصصة عالية المستوى مع إتاحة التواصل مع خبرات ومتخصصين للاستشارات الفنية المختلفة، ليأتي في ظل تلك الفلسفات فلسفة الشغف والإبداع اليمني والتي لا تكاد تجد فيها شخص متخصص في صناعة الدراما يتاح له أن يجيبك على تساؤل بسيط في حبكة درامية قصيرة. 

في ظل هذا الحال نجد من يحلق في سماء المهرجانات والدراما العالمية حصد جوائز عالمية ومشاركات متميزة لصناع أفلام يمنيون شاركوا مع مخرجين آخرين من دول تصل ميزانية تشغيلها الدرامي 100 مليار دولار سنويا حسب إحصائيات هيئة صناعة السينما الأمريكية (MPAA) كالولايات المتحدة الأمريكية، فالمتابع لأخبار الدراما سيجد أسماء مخرجين ومخرجات يمنيون لمعت أسمائهم بأعمال مشرفة وجوائز عالمية ودولية.


ما تزال أنامل الشاب المتعرقة والقابضة على القلم حين يكتب تفاصيل فكرة ذلك الفيلم، حين يقاوم تلك الهموم حاملا في طيات ذهنه أمل وشغف يصارع به، ويستكمل بهما تفاصيل ما بدأ به، ليأتي إلى عُقّد أخرى تحيكها الحياة في اليمن ليس مجرد عُقّد درامية، بل عُقّد واقعية تسد أنفاس من يريد إيقاظ تلك الحياة الفنية.