‏زحف الكُتّاب الصناعيين !
الساعة 11:26 صباحاً

 رئيس مجلس الإدارة - رئيس التحرير 

إنه كاتب كبير، قالها صديقي مُعلِقًا على مقال لصديق مشترك بعثه إليّ في البريد متأملًا أن يلقي المقال نصيبه من النشر، لكن الحقيقة أن "الكاتب" وضع اسمه فقط، وتكفل "شات جي بي تي" بالسرد كاملًا.

‏أدير موقعًا إلكترونيًا، عبر من خلاله غابة من النصوص، جاءتني من العامة والنخبة، ونتيجة لذلك نصًا، وتعجبت من تطابق العلاقة.

‏ففي الأيام التي سبقت الذكاء الاصطناعي، كان لنا كُتابنا المفضل الذين يستخدمونهم لتناول طعامهم، نقرأهم، ونعثر على مقالاتهم، فنعرفها من جودتها ومصطلحاتها، وبقها، كان ذلك أمر مثل بصمة بسيطة، كل نص عصر صاحبه، وعثراته، وماضيه، وشخصيته. الآن، الكلمات تتناسل بغزارة تعبيرها تستحق من قاموس واحد، وكل إنسان يملك هاتفًا تحوّل إلى "سليمان النبي" يأمر تطبيق الشات، فيأتي بالنصوص إليه مُزيّنة ومزخرفة، قبل أن يرتد إلى الكاتب الجديد طرفه .. إنه عمل لا يعرف التعب.

على رأس هذه المكاتبة العريقة تلمس موضع الخلل، قافف واي الغزو، قبل أن نفقد كتابنا الحقيقي، مدارسهم وأساليبهم، وطرائقهم الماتعة في السرد، قمنا بالكشف عن عمليات الولادة الصناعية لآلاف الكتّاب الذين تزايدوا فجأة، تزايدوا وُلدوا من شرارة واحدة، لأب واحد يدعى: سام وتمان

‏ما دفعني للكتابة، أني تصفحت صحفًا عريكة لأسمّيها، ونسخت مقالات مظهر كُتّابها، ثم وضعها في تطبيق خاص، مدفوع، يكشف النصوص المولّدة، فنتجت النتيجة اشتباكة. بعضها ولِدت من رحم الذكاء الصناعي، بواسطة الآلة الكاتبة ولا تتنفس.

‏شعور جميل. مربك. يطفو على السطح.

‏خسرت أصدقاء بسبب هذا. كانت صراحتي معها كسرًا لحبال الود الم بين توترنا. عندما يرفضهم أن نصوصهم من صنع تطبيق شات جي بي تي، انقلبوا عليّ، وقررت أن ألذ بالصمت. فالاعتذار بلا شرح أنبل وسيلة للخلاص من الشركات الناشئة والانفعالات.

يجب أن تُدار ورش عمل حقيقية، وعاجلة، فما هو من طريق الصحف إلا بعد أن تفتح عيونها جيدًا. وأن تراقب. وعليها إشعار كتتابها وقراءها أن النص القادم إليها سيخضع للفحص، ليكون من أيها الإنسان، فقد بات النص هوية ليكون للإكراه.

لن تُمحى الكِتابة إلا إذا تنازلنا عنها، وخسرنا معركة النصوص الصناعية. فكُتّاب الشات، يزحفون. مثل ياجوج وماجوج من كل فجٍ، وحدبٍ، ينسلون.

‏والله يستر