استكمال تجهيزات إصدار البطاقة الذكية في حيران غرب حجة طارق صالح يبحث مع سفير الإمارات مستجدات الأوضاع العرادة يناقش مع المستشار العسكري للمبعوث الأممي المستجدات العسكرية والأمنية وتأثيرها على عملية السلام مجلس القيادة الرئاسي يناقش المستجدات الوطنية والاقليمية وفد عسكري يطلع على سير العمليات العسكرية في محور علب بصعدة الارياني يرحب بإعلان حكومة نيوزيلندا تصنيف مليشيا الحوثي منظمة إرهابية نيوزيلندا تصنف مليشيات الحوثي منظمة إرهابية الارياني: استمرار تجاهل التهديد الحوثي وعدم التعامل معه بحزم، سيؤدي لمزيد من زعزعة الامن والاستقرار المكتب التنفيذي لأمانة العاصمة يناقش انتهاكات الحوثي وتحديات النازحين وكيل شبوة يفتتح إفتتاح مشروعات امنية في المحافظة
لم یكن یخطر ببال الطفلة (م.ن) (14 عاماً) أنها ستترك یوما ما مدرستها، وتتجه للعمل في مهن وضیعة، لا تلبي لها الحد الأدنى من العیش الكریم، لكن الحرب التي استعرت في مدیریتها التحیتا الكائنة بمحافظة الحدیدة نتيجة انقلاب مليشيا الحوثي أجبرتها قبل عام على النزوح إلى العاصمة صنعاء، لتعیش مع أسرتها في دكان صغیر بأحد الأحیاء الفقیرة بالعاصمة.
(م.ن) التي تعيش في أسرة فقیرة مكونة من 7 أفراد اضطرت لترك المنزل، والعمل في بیع بعض الحلویات أمام إحدى المدارس، لتحصد في نهایة یومها بضع مئات تساعد أسرتها للبقاء على قید الحیاة. وفي ظل ظروف قاسیة عاشتها، أجبرت الفتاه على الزواج بشخص یكبرها بأكثر من خمسون عاما.
معاناة (م.ن) لیست الوحیدة بین أطفال الیمن، فظروف الحرب والأزمة الاقتصادیة الخانقة دفعت ملایین الأطفال في الیمن لترك مدارسهم والانخراط في سوق العمل.
وهو ما أكدته ممثلة منظمة الیونیسیف في الیمن (سارا بیسلو نیاتي) في بیان صحفي مطلع العام الدراسي الجاري، وقالت أن ملیوني طفل یمني خارج المدارس، و7.3 ملایین آخرین معرضون لخطر التسرب، مشیرة إلى أن عدم التحاق الأطفال بالمدارس یجعلهم عرضة لمخاطر كثیرة، منها عمالة الأطفال والزواج المبكر.
لكن أكثر ما یؤلم في تفاصیل هذه القضیة هو أن تجد معلما أجبرته ظروف الحاجة على الدفع بأطفاله لترك المدرسة والعمل مبكرا. علي حزام (46 عاماً) یعمل مدرساً في مدرسة حكومیة بالعاصمة صنعاء، عجز بسبب قطع مليشيا الحوثي لمرتباته قبل أكثر من ثلاث سنوات عن دفع إیجار منزله وتوفیر لقمة العیش لأسرته المكونة من 10 أفراد، ما أجبره قبل عامین لتوقیف دراسة اثنین من أطفاله وهما في الخامسة والسادسة عشر من العمر.
یقول حزام بكلمات متحشرجة: "العام الفائت وبفضل الحوافز التي كانت تقدمها منظمة الیونیسيف عاد أحد أطفالي لاستكمال دراسته، بینما ظل الطفل الأكبر یعمل في متجر ویساعدنا على توفیر احتیاجات الأسرة".
ومع أن عمالة الأطفال ومغادرتهم للمدرسة كانت ظاهرة موجودة في الیمن، إلا أن اندلاع الحرب التي أشعلت فتيلها مليشيا الحوثي، وما ترتب علیها من ضائقة اقتصادیة ضاعف من حجم هذه الظاهرة بصورة لم یسبق لها مثیل، ولعل زیارة واحدة لأي مدینة یمنیة، تكفي ليلحظ حجم انتشار عمالة الأطفال خصوصا في جوالات الطرق الرئیسیة، وهو منظر یبعث على الحزن، وینبئ بكارثة مستقبلیة لهؤلاء الأطفال.
وتبدو مأساة الطفل صفوان ناجي ذو الثلاثة عشر ربیعا الأكثر إیلاماً في تفاصیل القصص الحزینة لأطفال تركوا مدارسهم واضطروا للعمل خارج المنزل، فبحسب ما رواه لنا الطفل صفوان، كان والده یعمل حارسا في شركة توقفت بسبب الظروف التي تمر بها البلاد.
اضطر والد صفوان بعدها للخروج لحراج العمال للعمل في مهن شاقة، لكنه للأسف لا یظفر بفرصة عمل إلا بشكل متقطع، ما أجبر صفوان حد قوله على مغادرة مدرسته والعمل كمحاسب باص، حیث یعمل منذ الصباح الباكر ویعود في العاشرة مساء ومعه مبلغ زهيد من المال یلبي بعض احتیاجات أسرته.
یؤكد صفوان بلهجة حزینة أن كان متفوقا في مدرسته ويحصل على المرتبة الرابعة أو الخامسة على دفعته سنویا، ولم يكن يرغب بمغادرة المدرسة. يقول: "كلما رأیت زملائي تنتابني الحسرة والألم، وأشعر برغبة جامحة للعودة إلى المدرسة".
ویعد أطفال الأسر التي نزحت من جحیم الحرب الدائرة هم أكثر الأطفال مغادرة للمدارس، والعمل خارج المنزل. سمیة محمد ابنة الخامسة عشر ربیعا أجبرت هي وأسرتها بسبب الحرب على مغادرة منزلهم في محافظة الحدیدة، والنزوح إلى العاصمة صنعاء، حیث اضطروا للبقاء في إحدى المدارس شمال العاصمة، والاعتماد على مساعدات تقدمها المنظمات.
تقول سمیة: "والدي صار عاجزاً عن العمل بسبب أصابته بشظیة في رجله الیسرى، ولا یوجد لنا مصدر دخل، وأسرتنا المكونة من 9 أفراد لا تكفیها المساعدات التي تقدمها المنظمات، لذلك تركت المدرسة، ویومیا أذهب أنا ووالدتي للعمل في منازل تحتاج للمساعدة في التنظیف وأعمال المنزل، كي نحصل على المال".
وبالرغم من كل هذه الكارثة إلا أن تقاریر منظمة الیونیسيف تؤكد أن برنامج التعلیم الأساسي والمساواة بین الجنسین التابع للیونیسیف واصل التركیز على ضمان حصول الأطفال والشباب على فرص التعلیم لاسیما في مناطق الصراع.
حیث ساهمت استجابة المنظمة في مجال التعلیم، في تحسین البنیة التعلیمیة والمادیة من خلال إنشاء مساحات مؤقتة للتعلم، وإعادة تأهیل المدارس المتضررة وتوفیر المنح النقدیة الصغیرة لتوفیر المستلزمات التربویة، وتقدیم الدعم النفسي للأطفال وإعدادهم للتعلم مع توزیع الحقائب المدرسیة.
ويعد التعليم حق أساسي لكل طفل، حيث نصت المادة (28) من الاتفاقية لدولية لحقوق الطفل على أن لكل طفل الحق في التعليم، على أن يكون مجانا في المرحلة الابتدائية، وان تتوفر كافة أشكال التعليم الثانوي، وتكون متاحة لكل طفل.
ولحماية الطفل من العمالة المبكرة نصت المادة (27) من حقوق الطفل على أن لكل طفل الحق في مستوى معيشي جيد، يكفي لتلبية احتياجاته المادية والاجتماعية، ويجب على الحكومات مساعدة الأسر التي لا تستطيع توفير ذلك.