الرئيسية - تقارير وحوارات - صرخة عالمية من أجل العدالة.. مؤتمر باريس يُحذّر من تكرار مجزرة 1988 في إيران
صرخة عالمية من أجل العدالة.. مؤتمر باريس يُحذّر من تكرار مجزرة 1988 في إيران
الساعة 04:21 مساءً الثورة نت/ الأخبار

في 26 أغسطس 2025، استضافت بلدية الحي السابع عشر في باريس مؤتمراً بارزاً، ألقى الضوء على تزايد الإعدامات والانتهاكات الحقوقية المروعة في إيران، معتبراً إياه تحذيراً عاجلاً من تكرار مجزرة 1988.

نظّم المؤتمر اللجنة الدولية للدفاع عن حقوق الإنسان في إيران (CSDHI) بالتعاون مع بلدية باريس 17 ومجلس أعيان فرنسا من أجل إيران الديمقراطية، حيث جذبت الفعالية انتباه العالم إلى تصاعد القمع الذي تمارسه السلطات الإيرانية.

شارك في المؤتمر نخبة من الخبراء القانونيين الدوليين وداعمي حقوق الإنسان، مما أبرز جدية الوضع في إيران. ومن بين المتحدثين: الأستاذ جافيد رحمان، الخبير الخاص السابق للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في إيران؛ مارك إليس، المدير التنفيذي للاتحاد الدولي للشركات القانونية؛ هيرتا داوبلر-جملاين، وزيرة العدل الألمانية السابقة؛ فولفغانغ شومبورغ، القاضي السابق في المحكمة الاتحادية الألمانية والمحاكم الجنائية الدولية؛ دومينيك أتياس، رئيسة الاتحاد الأوروبي للشركات القانونية السابقة؛ جان-فرانسوا ليجاريه، رئيس مؤسسة دراسات الشرق الأوسط؛ جيلبر ميتيران، رئيس مؤسسة فرانسوا ميتيران؛ يواكيم روكر، الرئيس السابق لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة؛ سونيا بيسركو، مؤسسة ولجنة هلسنكي لحقوق الإنسان في صربيا وأحد أعضاء لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة حول انتهاكات حقوق الإنسان في كوريا الشمالية السابقة؛ وألان فيفيان، الوزير الفرنسي السابق.

جاءت الفعالية في ذكرى مجزرة 1988 التي راح ضحيتها أكثر من 30,000 سجين سياسي في إيران، حيث عُرضت معرض قوي يصور بشاعة القمع تحت حكم النظام الإيراني. 

وركز المؤتمر على موجة الإعدامات الأخيرة، التي شملت ما لا يقل عن 108 إعدامات في يوليو فقط، وأكثر من 1630 إعداماً خلال السنة الأولى من ولاية الرئيس مسعود بيزنكيان.

تحدث جيوفوار بولار، عمدة الحي السابع عشر في باريس، إلى جانب عدد من أعيان فرنسا الآخرين، حيث عبروا عن دعم قوي لخطة السيدة رجوي العشرية لإيران حرة وديمقراطية، مؤكدين أهمية التضامن الدولي مع طموحات الشعب الإيراني لإيران حرة وديمقراطية. 

وقال بولار: "أدين عقوبة الإعدام في إيران بشدة وقررت دعم خطة السيدة مريم رجوي العشرية بشكل غير مشروط - ونحن نشعر بالفخر بوجودها بيننا اليوم. تطالب هذه الخطة بإلغاء عقوبة الإعدام، وتعزز المساواة بين الرجال والنساء، وتطالب بفصل الدين عن الدولة".

وفي المؤتمر، ألقت مريم رجوي، رئيسة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية المختارة، كلمة رئيسية أطرت دعوة المؤتمر العاجلة لتحقيق العدالة وإعادة تقييم سياسة الغرب تجاه النظام الإيراني.

وتطرقت رجوي إلى حملة القمع المطولة للنظام قائلة: "خلال أكثر من أربعة عقود، شن النظام الديني في بلدي حملة قمع ودماء ضد شعب إيران دون أن يواجه المسؤولية قط. خلال سنة واحدة من رئاسة مسعود بيزنكيان - الذي قدمه النظام ك'معتدل' - تم تنفيذ ما لا يقل عن 1630 إعداماً".

وقالت إن "الذين يرتكبون هذه الجرائم اليوم هم نفس الأفراد الذين نفذوا القتل الجماعي في الثمانينيات، وأبرزها مجزرة 1988، ولم يحاسبوا أبداً. في تلك الفترة، أعدم النظام عشرات الآلاف من معارضيه، وفي 1988، أصدر الخميني فتوى أطلقت العنان لمجزرة 30,000 سجين سياسي - غالبيتهم من أعضاء تنظيم المنظمة الشعبية لمقاومة إيران".

أكدت رجوي أن "الأرواح التي بذلت من أجل حرية إيران والمعاناة التي احتملها الشعب الإيراني خلال الأربعة عقود الماضية ازهرت في رؤية المقاومة الإيرانية لإيران حرة.

ودعت إلى تغيير السياسة الدولية قائلة إن "مشكلة إيران لا تقتصر على برنامجها النووي أو صواريخها. لا يمكن تجاهل حقوق الإنسان للشعب الإيراني- حقهم في العيش بحرية- بعد الآن. بعد أربعة عقود، وصلت السياسة الغربية إلى طريق مسدود. فشلها ينبع من تجاهل العامل الأساسي: شعب إيران ومقاومته المنظمة". 

وجددت التأكيد على أن الحل لا يكمن في حرب أجنبية ولا في التساهل، بل في الإطاحة بالنظام على يد الشعب الإيراني ومقاومته. حان الوقت لإعادة تقييم الدول الغربية وتغيير سياستها جذرياً".

من جانبه، جيلبر ميتيران، رئيس مؤسسة فرانسوا ميتيران، شدد على أن المجتمع الدولي فشل في 1988 بالصمت أمام الإعدامات الجماعية في إيران- ولا يجب تكرار هذا الخطأ اليوم. قدم التحية لدانيال ميتيران، واصفاً إياه بمدافع عن حقوق الإنسان والعدالة، مؤكداً دعم المؤسسة المستمر للسيدة مريم رجوي ونضال الشعب الإيراني من أجل الحرية.

إلى ذلك، انتقد جافيد رحمان، الخبير الخاص السابق للأمم المتحدة، النظام الإيراني بسبب تصاعد وحشيته، واصفاً سجله الحقوقي بـ"المروع"، خاصة بعد الحرب البالغة 12 يوماً مع إسرائيل، حيث استهدفت السلطات السجناء السياسيين بالإعدام. 

ولفت إلى إعدام بِهروز إحساني ومهدي حسيني سراً في 27 يوليو 2025 بسبب ارتباطهما المزعوم بتنظيم المنظمة الشعبية، بعد التعذيب وتهديد عائلاتهما. حذر رحمان من أن آخرين يواجهون الإعدام المحدق، بما في ذلك خمسة سجناء نُقلوا قسرياً في 8 أغسطس، وشريفة محمدي التي أُكد حكمها بالإعدام في 16 أغسطس بمخالفة معايير المحاكمة العادلة.
 
واستنكر رحمان استخدام الإعدامات الجماعية والتعذيب والتهجير القسري كجزء من نمط منهجي يذكر بمجزرة 1988. أبرز تحرير وكالة الأنباء التابعة للحرس الثوري "فارس" في 7 يوليو الذي وصف القتل في 1988 بـ"تجربة تاريخية ناجحة" ودعا لتكراره، مؤكداً أن ثقافة الإفلات من العقاب تنبع من فشل المجتمع الدولي في محاسبة الجناة.

ووثّق رحمان، معتمداً على تقريره للأمم المتحدة في يوليو 2024، جرائم النظام- الإعدامات العشوائية، التعذيب، والاختفاء القسري- ضد عشرات الآلاف من الخصوم السياسيين بين 1979 و1988، مؤهلاً إياها كجرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية، وختم بدعوة لتأسيس آلية مساءلة دولية للتحقيق ومحاكمة المسؤولين.

وإلى ذلك، حذر الدكتور مارك إليس من موجة إعدامات غير مسبوقة تُستخدم كأداة للقمع السياسي في إيران، مشيراً إلى تدمير النظام العمد للمقابر الجماعية كجزء من استراتيجية لإزالة أدلة الجرائم الماضية. 

وشدد إليس على أن الإعدامات وتدنيس المقابر انتهاكات قانونية تهدف إلى تعزيز الإفلات، واصفاً إياها بحملة أوسع تشمل جرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية. أعلن أن الاتحاد الدولي للشركات القانونية سيشرف على برنامج لإبراز هذه الجرائم وتحقيق العدالة للضحايا، مؤكداً أن الزمن لن يحمي الجناة.

فيما شددت هيرتا داوبلر-جملاين على أن المؤتمر عُقد تذكاراً لمجزرة 1988، معتبرة أنه من المؤسف أن لم يُحاسب الجناة بعد. قالت: "يجب محاكمتهم وسجنهم". 

وأضافت أن المجزرة لم تكن نهاية جرائم النظام، فهو اليوم يرتكب جريمة أخرى: تدمير قبور المقاتلين من أجل الحرية. "ما أفظع هذه الجريمة! هذا سلوك المجرمين النموذجي - يريدون محو أدلة جرائمهم. لكن يجب إيقاف ذلك أيضاً".

وختمت بدعوة مباشرة للحكومات الأوروبية: "يجب ألا يتفاوضوا مع مثل هذا النظام إلا إذا طالبهم بوضوح: توقفوا الإعدامات وتوقفوا تدمير المقابر".

بدوره، شدد ألان فيفيان، الوزير الفرنسي السابق ورئيس الوكالة الحكومية المكافحة للطوائف، على الحاجة الملحة للتعبئة الجماعية- سياسية وغير سياسية- للحفاظ على الضغط على النظام الإيراني، الذي وصفه بقادر على ارتكاب أي جريمة، خاصة اختطاف الرهائن. 

وحذر من سعي النظام للسلاح النووي، مؤكداً أن نجاحه سيؤدي إلى عواقب وخيمة للجميع، داعياً إلى اتخاذ إجراء فوري، ومطالباً المواطنين بضغط قادتهم السياسيين وتجنب الوقوع في مفاوضات لا نهائية، مثل تلك القائمة حالياً، وداعياً إلى رد دولي موحد وحازم لمواجهة تهديدات النظام.

ودعا فولفغانغ شومبورغ، القاضي السابق في المحكمة الاتحادية الألمانية والمحاكم الدولية، المجتمع الدولي لتجاوز رجال الدين الحاكمين في إيران ورفض البدائل السطحية. انتقد الشخصيات الملكية الباحثة عن السلطة، متأكداً من تمييز الشعب الإيراني، ومدح قيادة السيدة مريم رجوي وخطتها العشرية كمسار ديمقراطي واضح لإيران، مشيداً بها لفتح الطريق نحو مستقبل أفضل، مؤكداً أن هذه الخطة تمثل أساساً متيناً لحكومة ما بعد النظام ملتزمة بالعدالة وحقوق الإنسان.

بينما حذرت سونيا بيسركو، مؤسسة ولجنة هلسنكي لحقوق الإنسان في صربيا وأحد أعضاء لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة حول انتهاكات حقوق الإنسان في كوريا الشمالية (2013-2014)، من أن المجتمع الإيراني جاهز للتغيير، لكن النظام شدد قمعه لمنع ذلك المستقبل. 

واستنكرت تمجيد النظام الأخير لمجزرة 1988 كـ"تجربة تاريخية ناجحة"، معتبرة إياها إشارة خطيرة لتجديد الجرائم، وشددت على أن تزايد الإعدامات والتعذيب والتهجير القسري يتبع نمطاً متشابهاً أدى إلى القتل الجماعي السابق، داعية المجتمع الدولي للتدخل قبل تكرار التاريخ.

وشدد جاك بوتو على أن المقاومة هي الرد الشرعي الوحيد على الديكتاتورية - سواء كانت ملكية الماضي أو الطغيان الديني الحالي المسؤول عن آلاف الإعدامات السياسية، مؤكداً دعمه للتغيير الديمقراطي، مستنداً إلى 15 عاماً من التعاون مع المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، خاصة تنظيم المنظمة الشعبية، معتبراً إياه البديل الجاد والشرعي الوحيد للنظام الحالي، وداعياً الحكومات الغربية والدبلوماسية الدولية لدعمه بتوضيح وتصميم أكبر.

ووصف المؤتمر بأنه تذكير قوي بجرائم النظام الإيراني المستمرة والحاجة الملحة للمساءلة الدولية، حيث دعا المتحدثون جميعاً إلى تغيير السياسة الغربية ودعم نضال الشعب الإيراني من أجل الحرية والعدالة.