إن القضاء على #الفقر هو الخطوة الأساسية لتحقيق النهضة الريفية الشاملة، لذلك أصبحت الثقافة قوة دافعة جديدة تعزز هذا المسار. ففي كل أنحاء الصين، استُخدمت الثقافة كأداة فعالة لتمكين القرى من التخلص من الفقر وتحقيق التنمية المستدامة.
علي سبيل المثال، في قرية زيجينغ بمدينة هانغتشو بمقاطعة تشجيانغ، تمثل مزامير الخيزران التي ينتجها السكان المحليون 85٪ من سوق مزامير الخيزران العالمي. كان القرويون في الماضي يعتمدون على "بيع المنتجات"، أما اليوم فقد تحولوا إلى "بيع الثقافة". فالمزمار لم يعد مجرد آلة موسيقية، بل أصبح رمزا ثقافيا يجسد روح الحرفيين وسحر الفنون التقليدية. ومن خلال بناء العلامات التجارية وتنظيم الفعاليات الثقافية وجذب السياح لتجربة صناعة المزامير، حققت القرية نقلة نوعية من الفقر إلى الازدهار.
وفي قرية تشينيووا بمحافظة جياشيان في مقاطعة شنشي، وهي قرية صغيرة تقع على بعد أكثر من 15 كيلومترا من النهر الأصفر وتضم أكثر من 300 أسرة، وجد السكان طريقهم الخاص للتنمية عبر الثقافة. فبدلا من الاعتماد على الموارد الطبيعية، استخرجت القرية ثقافتها الزراعية المحلية وعاداتها الشعبية، وأنشأت عشر قاعات عرض تجمع أدوات الزراعة والملابس القديمة والأشياء التراثية، لتروي حكاية القرية عبر الأجيال.
كما كتب القرويون وأخرجوا ومثلوا عروضا مسرحية حيّة يشارك فيها أكثر من 150 مزارعا، يرتدون ملابسهم اليومية ويحملون أدواتهم الزراعية وحتى يقود بعضهم أبقاره إلى المسرح. العروض بسيطة وصادقة، لكنها تنبض بالحياة، وتعكس حضارة الزراعة وروح الفلاحين أمام الزوار المحليين والأجانب، مما جعلها مصدرا جديدا للدخل وفرصة لتحسين الحياة.
لقد أثبتت التجارب أن الثقافة ليست مجرد تراثٍ يُحافظ عليه، بل هي أيضا قوة اقتصادية وروحية تساعد على القضاء على الفقر وتعزيز الثقة بالنفس في القرى. من تشجيانغ إلى شنشي، تتحول القرى الصينية تدريجيا من الفقر إلى الازدهار بفضل الجمع بين الثقافة والسياحة والزراعة. المزارعون هم أبطال هذا التحول؛ فهم يعرضون بصدق لهجتهم المحلية ومشاعرهم الأصيلة وذكرياتهم الجميلة، ليصنعوا بأنفسهم قصة النهوض من الفقر نحو حياة أفضل.
وهكذا، تصبح الثقافة في الصين جسرا يربط بين القضاء على الفقر والنهضة الريفية ويمنح القرى طاقتها الدائمة نحو مستقبل أكثر إشراقا.

نقلا عن قناة CGTN Arabic في إطار التبادل الإعلامي