صادرات السعودية غير النفطية ترتفع 22.8 بالمائة في سبتمر 2024 العميد الأكحلي: شرطة تعز ماضية في تثبيت الأمن والاستقرار بالمحافظة اللواء الجبولي: الوحدة 16 طيران مسير تلعب دورًا محوريًا وحاسما في ميدان المعركة قائد لواء الريان بالمنطقة العسكرية الثانية يؤكد أهمية تعزيز الحس الأمني تدشين برنامج الطبيب الزائر الـ41 لجرحى القوات المسلحة في مأرب انطلاق البطولة الثانية لكرة اليد لأندية محافظة مأرب اليمن يترأس الاجتماع الطارئ لمجلس الجامعة العربية على مستوى المندوبين الدائمين الارياني: مليشيات الحوثي تواصل احتجاز المئات على خلفية نيتهم الاحتفال بذكرى ثورة سبتمبر الوزير الزنداني يصل العاصمة الإيطالية للمشاركة في منتدى حوارات روما المتوسطية "صحة مأرب" يوزع 53 ألف ناموسية مشبعة بالمبيد في مديريات الوادي وحريب ورغوان
الثورة/عبدالله الخولاني –
يبدو أن الاقتصاد وقضاياه ستظل مهمشة كما كانت عليه في السابق فالساسة لازالوا يرددون أسطوانتهم المشروخة والتي اعتاد عليها شعبنا خلال العقود الماضية فهل نعيد الكرة ونخرج بخفي حنين ام نتفاءل بالمستقبل ولكن هل يدرك قادتنا أن الاقتصاد هو البوابة الحقيقية لأي تقدم وتطور وبدونه ستكون الحلول عرجاء غير مستوية والتجارب السابقة أثبتت ذلك فهل نعي الدرس جيدا¿.. هذا ما ننتظر جوابه من مؤتمر الحوار الوطني.
التخلف الاقتصادي التنموي والاجتماعي في اليمن والاختلالات الاقتصادية والتنموية الهيكلية إلى جملة متنوعة من الأسباب والعوامل الداخلية والخارجية يأتي في مقدمتهاº تبني دولة الوحدة اليمنية اقتصاد السوق الرأسمالي وآلياته باعتباره النظام الاقتصادي الرسمي للدولة,وكذلك في تبني وتنفيذ سياسات التصحيح الاقتصادي والتثبيت الهيكلي من قبل الحكومات اليمنية المتعاقبة منذ مطلع العام 1995م فمنذ ذلك الحين شهد الاقتصاد اليمني تحولات جذرية كبيرة تم خلالها إعادة هيكلة البناء الاقتصادي والتنموي للدولة وفقاٍ لنموذج السوق الليبرالي الرأسمالي الحر القائم على أنشطة القطاع الخاص ودمج الاقتصاد اليمني في الاقتصاد العالمي. وقد بدأت هذه التحولات بإجراء تعديلات جذرية في عام 1994على طبيعة الأسس الدستورية في دستور الجمهورية اليمنية المستفتى عليها خلال شهر مايو 1991م بموجبها اصبح الاقتصاد الوطني يقوم على أساس حرية النشاط الاقتصادي بما يحـقق مصلحـة الفرد والمجتمع وبما يعزز الاستقلال الوطني وباعتماد العديد من المبادئ وبالتالي أطلقت هذه المادة العنان للحرية الاقتصادية والملكية الخاصة في الاقتصاد اليمني دون تحديد الدور الاقتصادي والرقابي الإشرافي للدولة, كما أعطت للقطاع الخاص دورا أساسياٍ في تخصيص الموارد وتحديد الأسعار ملغية بذلك أي دور للقطاع العام أو للحكومة في هذا الجانب. كما ساهمت هذه التعديلات في التوصل إلى اتفاق مع المؤسسات الدولية لتنفيذ برنامج للتثبيت الاقتصادي والتكيف الهيكلي مطلع العام 1995م.
تسرع وبعد مرور اكثر من 18 عاما اظهر الواقع الاقتصادي والاجتماعي اليمني بأن تبني نظام السوق الليبرالي في اليمن كان قرارا متسرعا ولم يراع الأوضاع القائمة والمتطلبات الأساسية (الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والمؤسسية ) والتي تشكل شروطا ضرورية ولازمة لنجاح هذا النظام ويتضمن ذلك عدم التحديد الدقيق والواضح لدور كل من الدولة والقطاع الخاص في النشاط الاقتصادي كما أثبتت التجربة أن هذه الحرية واتباع سياسات التصحيح الاقتصادي والتثبيت الهيكلي كان لها نتائج وخيمة على الأداء الاقتصادي الكلي اليمني وعلى الأوضاع المعيشية والاجتماعية للمواطنين بحيث قادت هذه السياسات غير السليمة وغير الكفؤة والفاعلة المجتمع اليمني إلى الفقر والبطالة ولم تتمكن من معالجة الاختلالات الاقتصادية والتنموية ومن بناء اقتصاد يمني حقيقي سليم.
اختلالات ويؤكد الاقتصاديون أن الاختلالات والتحديات الاقتصادية التنموية التي تعاني منها اليمن تشكل أحد أسباب نشوء الصراعات والنزاعات الداخلية والحروب الأهلية وعاملاٍ أساسياٍ لاستمرارها واتساع نطاقها. فعملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية المتوازنة والعادلة وانخفاض معدلات البطالة والفقر تساهم بصورة أساسية في توفير الظروف المناسبة لتحقيق عوامل الاستقرار السياسي والاجتماعي والأمني.
بناء اقتصادي إن اليمن عبر تاريخه القديم والحديث والمعاصر لم يخل من مشاكل ونزاعات سياسية ومع ذلك فإنه مهما كبر حجم المشاكل السياسية فإنها لن تشكل مصدر قلق فعلياٍ إذا ما كان اليمن يمتلك بناء اقتصادياٍ قوياٍ وسليماٍ فالإشكالية الرئيسية القائمة حالياٍ تتمثل في الغياب المزدوج للقطاعات والأنشطة المنتجة في الدولة (باستثناء قطاع النفط والغاز) وفي القطاع الخاص الأمر الذي ساهم بصورة كبيرة في اتساع وارتفاع معدلات الفقر والبطالة وفي ظل هذه الأوضاع أصبحت الحالة الاجتماعية والبيئة العامة جاهزة للاستثمارات السياسية بمشاريعها المختلفة ومن ثم فإن إقامة هذا البناء سوف يساهم من ناحية في معالجة الاختلالات الاقتصادية والتنموية وفي تحقيق استقرار الدولة اليمنية وضمان نموها.
التغيير الاقتصادي تمر اليمن حالياٍ بلحظة تاريخية فاصلة وغير مسبوقة في تاريخها المعاصر ممثلا بالتغيير السياسي الكبير والذي لا بد أن يتعزز ويكتمل بإحداث التغيير الاقتصادي والتنموي والاجتماعي بصورة حقيقية وجذرية وبما يعزز متطلبات واحتياجات التغيير السياسي الذي حدث وفي الوقت نفسه يلبي ويحقق أمال وطموحات الشعب اليمني وتضحياته وصبره الطويل في العيش بكرامة والرخاء الاقتصادي وهذا لن يتحقق إلا من خلال معالجة أوجه القصور في الدستور الحالي الذي سعت تعديلاته المتصلة بالاقتصاد لمواءمة الأسس الاقتصادية مع التوجه العام للدولة المتمثل في تبني نظام السوق الرأسمالي ومعالجة أوجه القصور والغموض والتعارض العائدة في الأصل لتباين أسس نظامي الحكم في شطري اليمن طبقاٍ لدستوري 1970 و 1978. وينطبق ذلك على المادة 6 من دستور 1991م حيث كانت تتضمن مجموعة من المبادئ الاقتصادية المتناقضة وكان تعديلها بغرض إيضاح التوجه الاقتصادي للدولة.
ظواهر سلبية وبصورة عامة يمكن القول بأن اتباع اليمن لسياسة تحرير التجارة بصورة فجائية وغير منظمة وغير رشيدة أدى إلى بروز العديد من الظواهر السلبية التي تتعارض مع آليات السوق وقواعد وأصول المنافسة الشريفة مثل الاستيراد من غير بلد المنشأ وما ترتب على ذك من إغراق الأسواق المحلية بالعديد من السلع والمنتجات الرديئة وغير الصالحة للاستخدام في بعض الأحيان. كما ساهم تحرير التجارة في تفشي ظاهرة التهريب والتهرب الجمركي. إضافة إلى ذلك تسبب فتح الأسواق المحلية لكافة السلع والمنتجات الصناعية المستوردة بصورة كاملة غير متدرجة في تعرض معظم المنتجات المصنعة محلياٍ إلى منافسة شديدة من قبل مثيلاتها المستوردة التي أغرقت الأسواق اليمنية وبالتالي عدم قدرة الصناعات المحلية بوجه عام على الصمود والمنافسة في الأسواق المحلية فضلاٍ عن الأسواق الخارجية بحيث اضطرت بعض المنشآت الصناعية اليمنية إلى التوقف وتسريح عمالها.
شخصنة الثروة المادة (8) من الدستور الحالي تنص “الثروات الطبيعية بجـميع أنواعها ومصادر الطاقة الموجودة في باطن الأرض أو فوقها أو في المياه الإقليمية أو الامتداد القاري والمنطقة الاقتصادية الخـالصة ملك للدولة وهي التـي تكفل استغلالها للمصلحـة العامـة” حيث سمحت هذه المادة للدولة التي شخصنتها في المجموعة الحاكمة وفتح الباب للفساد وهدر الثروات الطبيعية بصورة كبيرة حتى بلغ الحال بأن بعض وزراء وزارة المالية كانوا يشيرون بأنهم غير قادرين على الاطلاع على الموارد النفطية والغازية.
العدالة الاجتماعية على الرغم من أن العدالة الاجتماعية الإسلامية تمثل المبدأ الأول للأساس الذي يقوم عليه النظام الاقتصادي اليمني إلا أن هذه العدالة قد اقتصرت على جانب واحد وهو العلاقات الاقتصادية فقط دون الاجتماعية. علماٍ بأن النص في دستور 1991 كان ” العدالة الاجتماعية الإسلامية في العلاقات الإنتاجية والاجتماعية كما أن الدستور الساري لا يتضمن أي فصل خاص بالحقوق الاقتصادية وتم إدراج بعضها في الفصل الثالث “الأسس الاجتماعية والثقافية وفي الباب الثاني “حقوق وواجبات المواطنين الأساسية.
قصور تمثل الخطوة الأولى والأساسية لتحقيق العدالة الاجتماعية التي يتمناها اليمنيون بما في ذلك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وكذلك تحقيق عدالة توزيع الناتج القومي بين مختلف الفئات الاجتماعية وبين مختلف المحافظات والمديريات خصوصا المناطق الأكثر فقرا والعمل بصورة حازمة على ضبط الأثمان ومكافحة الاستغلال والاحتكار والغش في إعداد دستور يمني جديد يساهم في تحقيق ذلك ويحفظ كل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية. فعادة ما يصور الأمر بالنسبة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في أن العيب كله كان يكمن خلال الفترة السابقة في تطبيق نصوص الدستور فقط لكن في واقع الأمر فإن نصوص دستور الجمهورية اليمنية الساري حالياٍ متقادمة جداِ ويعتريها العديد من جوانب القصور بالنظر للتطورات والمستجدات المحلية والإقليمية الراهنة وهذا يستوجب بالضرورة تطويرها والتوسع فيها خاصة وأن نصوص الدساتير الحديثة (مثل دساتير جنوب إفريقيا والبرازيل وبوليفيا) قد توسعت في النص على الحقوق الاجتماعية والاقتصادية بالتفصيل لتحصينها في مواجهة أي انحراف لاحق عنها في القوانين.
تخبط اقتصادي ويرى الخبير الاقتصادي الدكتور علي سيف كليب أن اليمن ليس لها نهج اقتصادي واضح المعالم فهناك تخبط بين النظام الرأسمالي أي نظام السوق وبين التخطيط المركزي (الاشتراكي)ومحاولة تطبيق الصيرفة الإسلامية وهذا التخبط ألقى بظلاله على الحالة الاقتصادية لليمن وعلى الوضع المعيشي للمواطن وهوما يتطلب الاهتمام وعلى نطاق واسع بالجانب الاقتصادي والكلام للدكتور كليب الذي يشير إلى أهمية وضع الخطط والبرامج التي تتناسب مع الحالة اليمنية فلا ضير من إعطاء حرية للسوق شرط أن تكون حرية مسئولة وأن لا يترك للقطاع الخاص الحبل على الغارب فهناك حقوق وواجبات فلا تصادر حقوقهم ولا يعفون من واجباتهم. ويضيف الخبير الاقتصادي أن هناك نهجاٍ اقتصادياٍ يختلف الباحثون في إسناده فمنهم من يسميه باقتصاد السوق الاجتماعي وآخر يسميه الطريق الثالث وهناك من يرى أنه منهج الاقتصاد الإسلامي وهو يعمل على تشجيع القطاع الخاص ومنحه الحرية للعمل وفق ضوابط ويشجعه على القيام بواجبه. ويشدد كليب على ضرورة قيام الدولة بوضع خطة استراتيجية لتنمية المحافظات على مستوى المدن والأرياف وبما يحقق العدالة الاجتماعية.