الرئيسية - الدين والحياة - الصوم المقبول مرهون بالإخلاص وحفظ الجوارح من الآثام
الصوم المقبول مرهون بالإخلاص وحفظ الجوارح من الآثام
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

الدين والحياة‮/ ‬وليد المشيرعي – رياض مطهر الكبسي –

كل عام وأنتم بخير‮.. ‬هانحن وقد استقبلنا شهر رمضان المبارك‮ .. ‬هذا الشهر العظيم الذي‮ ‬اختصه الله دون شهور السنة بالذكر في‮ ‬القرآن الكريم تكريماٍ‮ ‬وتعظيماٍ‮ ‬له‮.. ‬نتساءل عن فضل هذا الشهرالكريم¿ ولماذا اختصه الله بهذه المكانة¿ وكيف‮ ‬يكون صومنا مقبولاٍ‮ ‬ومخلصاٍ‮ ‬لنا من ذنوبنا وآثامنا وتحقيق وعد رسولنا الكريم‮: (‬من صام رمضان إيماناٍ‮ ‬واحتساباٍ‮ ‬غفر له ما تقدم من ذنبه)¿‮ ‬ هذه التساؤلات وغيرها طرحناها على عدد من علماء الإسلام ودعاته‮. . ‬وفي‮ ‬مايلي‮ ‬نعرض ما أفادونا به عن الشهر الكريم الذي‮ ‬فرحنا بمقدمه وأصبحنا نعيش أجواءه العابقة بالرحمة والمغفرة‮:‬

في‮ ‬البداية‮ ‬يعيش بنا رائد الإعجاز العلمي‮ ‬في‮ ‬القرآن والسنة‮.. ‬د‮ .‬زغلول النجار‮.. ‬في‮ ‬أجواء القرآن الكريم‮.. ‬حيث‮ ‬يوضح لنا سر الاهتمام بشهر الصيام في‮ ‬كتاب الله فيقول‮: ‬رمضان أشرف شهور السنة عند الله عز وجل ولذلك ذكره سبحانه باسمه مفصلاٍ‮ ‬في‮ ‬القرآن فقال‮: (‬شهر رمضان الذي‮ ‬أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان‮).. ‬فكان بذلك الشهر الوحيد الذي‮ ‬ذكر في‮ ‬كتاب الله الخالد‮.. ‬بينما جمعت الأشهر الحرم على فضلها تحت هذا المسمى وفصلت أسماؤها في‮ ‬أحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهي‮: ‬ذو القعدة‮.. ‬وذو الحجة‮.. ‬والمحرم‮.. ‬ورجب‮).‬ كل هذا‮ ‬يؤكد أن لشهر رمضان مكانة عظيمة عند الله عز وجل‮.. ‬كما كان لهذا الشهر المبارك مكانة كبيرة عند رسول الله الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم حيث تعددت أحاديثه الشريفة في‮ ‬الحث على العبادة والطاعة فيه‮.. ‬وتجلى لنا بعض مظاهر الإعجاز العلمي‮ ‬في‮ ‬بعضها بعد ذلك‮.. ‬فهو صلى الله عليه وآله وسلم القائل‮ (‬صوموا تصحوا‮).‬ إعجاز نبوي وهذا الحديث النبوي‮ ‬الشريف‮ ‬يكشف عن جانب من جوانب إعجاز البلاغ‮ ‬النبوي‮.. ‬حيث أكد الأطباء وعلماء النفس أن لفريضة الصوم منافع طبية ونفسية عديدة إلى جانب منافعها الروحية‮.. ‬فإذا كان في‮ ‬الصيام فرصة كبيرة لتقوية الروح‮.. ‬ففيه فرصة أكبر لتقوية البدن‮.. ‬فإن كثيراٍ‮ ‬مما‮ ‬يصيب الناس إنما هو ناشئ من بطونهم التي‮ ‬يتخمونها بكل ما تشتهي‮.‬ ولقد أظهرت نتائج الدراسات والتجارب كما‮ ‬يقول د‮ .‬زغلول أن الأداء البدني‮ ‬للصائم من طلوع الفجر الصادق إلى الغروب أفضل من أداء‮ ‬غير الصائم‮.. ‬لتحسن درجة تحمل البدن للمجهودات العضلية‮.‬ ويحدثنا د‮ .‬زغلول عن بعض فوائد الصوم الصحية‮.. ‬فيقول‮: ‬من المعروف أن الصوم‮ ‬يسبب انصهار الدهون في‮ ‬الجسم‮.. ‬ما‮ ‬يؤدي‮ ‬إلى زيادة في‮ ‬الأحماض الدهنية الحرة في‮ ‬الدم‮.. ‬فتصبح هذه الأحماض هي‮ ‬المصدر الرئيس لطاقة الصائم بدلاٍ‮ ‬من الجلوكوز في‮ ‬حالة المفطر‮.. ‬وهذا‮ ‬يساعد على تقليل استهلاك مادة‮ (‬الجليكوجين‮) ‬في‮ ‬كل من العضلات والكبد أثناء بذل الجهد من قبل الصائم‮.. ‬ويساعد كذلك على ضبط مستوى سكر الجلوكوز في‮ ‬الدم‮.. ‬الذي‮ ‬يؤدي‮ ‬نقصه إلى الشعور الكامل بالإعياء‮.‬ وإضافة إلى ذلك فإن حالة الرضا النفسي‮ ‬للصائم‮.. ‬وارتفاع معنوياته لشعوره بالقرب من خالقه سبحانه وتعالى ولإحساسه بالقيام بعبادة من أشرف العبادات في‮ ‬شهر‮ ‬يعتبر أفضل شهور السنة على الإطلاق وأكثرها بركة ورحمة ومغفرة وعتقاٍ‮ ‬من النار‮.. ‬كل ذلك‮ ‬يؤدي‮ ‬إلى زيادة واضحة في‮ ‬داخل جسم الإنسان لعدد من الهرمونات النافعة مثل مجموعة‮.. (‬الأندروفين‮) ‬التي‮ ‬يعزى إليها تحسن الأداء البدني‮ ‬وقلة الشعور بالإعياء أو الإجهاد‮.‬ ومن هنا شرع ربنا تبارك وتعالى لنا الصيام في‮ ‬شهر رمضان‮.. ‬وجعله أحد أركان الإسلام‮.. ‬كما شرع لنا نبينا صلى الله عليه وآله وسلم‮ (‬صوم التطوع‮) ‬و”صوم الكفارات‮) ‬و”صوم النذر‮) ‬على مدار السنة‮.. ‬وكان صلى الله عليه وآله وسلم من المواظبين على صيام التطوع‮.. ‬وأوصى أمته بالصوم‮.. ‬ووصفه بأنه عبادة من أعظم العبادات لله‮.. ‬ووسيلة من وسائل المحافظة على صحة الأبدان‮.. ‬وسلامة الأرواح‮.. ‬وطهارة النفوس فقال‮ (‬صوموا تصحوا‮).‬ أخلاقيات الصيام فضيلة الشيخ الدكتور علي‮ ‬حمود السعيدي‮ ‬الوكيل المساعد بوزارة الأوقاف والإرشاد‮ ‬يحدثنا عن الآداب والأخلاقيات التي‮ ‬ينبغي‮ ‬أن‮ ‬يحرص عليها الصائم لكي‮ ‬يكتمل أجره وثوابه ويكون صومه مقبولاٍ‮.. ‬فيقول‮: ‬ينبغي‮ ‬أن تتجسد في‮ ‬سلوكيات الصائم كل قيم وأخلاقيات الإسلام‮.. ‬وأن تكون سلوكياته متناسقة مع الحكمة من صيام رمضان‮.. ‬فيبتعد عن الخصام والشقاق وقطع صلة الأرحام‮.. ‬ويلزم نفسه الطريق المستقيم الذي‮ ‬ينتهي‮ ‬به إلى إرضاء الله‮.. ‬عز وجل‮.. ‬ليكون جزاؤه عند الله تعالى قبول صيامه والحصول على ثوابه‮.. ‬وهنا‮ ‬يلزم المسلم أن‮ ‬يوجه سلوكه إلى فعل الخير والبعد عن الشر‮.. ‬بمعنى أن تكون أقواله وأعماله كلها تتفق مع ما جاءت به الشريعة الإسلامية من التسامح والتواضع وحب الخير لكل الناس وبذل الجهد والعطاء‮.‬ وعن خصائص ومواصفات الصوم المقبول الذي‮ ‬يضاعف الله عليه الأجر والثواب‮ ‬يقول د‮ . ‬السعيدي‮: ‬ينبغي‮ ‬أن‮ ‬يخلص المسلم في‮ ‬عبادته لكي‮ ‬يكون صومه مقبولاٍ‮ ‬عند ربه سبحانه وتعالى‮.. ‬وأن‮ ‬يكف جوارحه وشهواته ويمتنع عن المفطرات وعن المعاصي‮ ‬ما ظهر منها وما بطن‮.. ‬ويمتنع عن الزور وعن العمل به‮.. ‬فرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم‮ ‬يقول‮: (‬من لم‮ ‬يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في‮ ‬أن‮ ‬يدع طعامه وشرابه‮) ‬والمراد بقول الزور‮: ‬الكذب‮.. ‬قال بعض العلماء‮: ‬خصلتان تفسدان الصيام‮: ‬الغيبة والكذب‮.‬ والذي‮ ‬يكف عن الطعام‮.. ‬والشراب فيجوع ويعطش لكنه لا‮ ‬يكف نفسه عن الغيبة أو الزور أو العمل به ولا‮ ‬يحفظ جوارحه عن الآثام أو‮ ‬يصوم ويفطر على الحرام أو على لحوم الناس بالغيبة ونحوها‮.. ‬هذا الإنسان لا‮ ‬يجني‮ ‬من صيامه إلا الجوع والعطش‮.. ‬كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم‮: (‬كم من صائم ليس له من صومه إلا الجوع والعطش‮).‬ وعن أبي‮ ‬سعيد الخدري‮ ‬رضي‮ ‬الله عنه عن النبي‮ ‬صلى الله عليه وآله وسلم قال‮: (‬من صام رمضان وعرف حدوده وتحفظ مما‮ ‬ينبغي‮ ‬له أن‮ ‬يتحفظ منه كفر ما قبله‮) . ‬وقال صلى الله عليه وآله وسلم‮: (‬إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك ويدك‮).‬ إن الصيام بهذا المعنى‮ ‬يكون كاملاٍ‮ ‬مقبولاٍ‮.. ‬ويتكفل الله سبحانه وتعالى بجزاء الصائمين‮.. ‬كما جاء في‮ ‬الحديث‮: (‬كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي‮ ‬وأنا أجزي‮ ‬به‮).‬ إن الصيام أمانة‮ ‬يجب على المؤمن أن‮ ‬يؤديها على أكمل وجه وأتمه وأن‮ ‬يصون صيامه من كل ما‮ ‬يبطله أو‮ ‬ينقصه ثوابه‮.. ‬وأن‮ ‬يتحاشى قول الزور‮.. ‬والعمل به وأن‮ ‬يتخلى عن الرذائل ويتحلى بالفضائل ليستحق أن‮ ‬يتكفل الله بجزائه وأن‮ ‬يثمر صيامه أعظم الثمرات‮.‬ تكفير الذنوب وعن الذنوب والمعاصي‮ ‬التي‮ ‬يغفرها الصوم‮ ‬يقول الشيخ جبري‮ ‬ابراهيم حسن مدير عام الوعظ والإرشاد بوزارة الأوقاف‮: ‬رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم‮ ‬يقول في‮ ‬الحديث الصحيح‮: (‬من صام رمضان إيماناٍ‮ ‬واحتساباٍ‮ ‬غفر له ما تقدم من ذنبه‮).. ‬وهذا الحديث الشريف‮ ‬يؤكد أن الصيام جزاؤه عظيم وثوابه جزيل‮.. ‬وللصيام آداب وأحكام‮ ‬يجب أن‮ ‬يلتزم بها المؤمن لينال الأجر العظيم والفضل الكبير من الله عز وجل‮.. ‬فمن صام رمضان معتقداٍ‮ ‬وموقناٍ‮ ‬أن صومه فرضه الله تعالى‮.. ‬فاجتهد في‮ ‬تأدية هذه الفريضة‮.. ‬وحرص كل الحرص على سلامتها وتأديتها على الوجه الأكمل‮.. ‬فله جزاؤه عند الله تعالى‮.. ‬وعلامة ذلك ألا‮ ‬يستثقل الصوم ولا‮ ‬يرى أيامه طويلة وإنما‮ ‬يكون عبادة محببة إلى نفسه‮.. ‬وهذا الصائم‮ ‬يغفر الله عز وجل له ما تقدم من ذنبه‮.. ‬والمراد أن الله عز وجل‮ ‬يغفر للصائم الصغائر من ذنوبه‮.. ‬أما الكبائر فإنها لا تكفر إلا بالتوبة منها‮.. ‬بمعنى ترك الذنب والعزم على ألا‮ ‬يعود‮.. ‬والندم على ما فات‮.. ‬ورد المظالم إلى أهلها‮.‬ فالصيام‮ ‬يكفر الصغائر فقط دون الكبائر‮.. ‬والدليل على ذلك قول رسول الله‮.. ‬صلى الله عليه وآله وسلم‮: (‬الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة‮.. ‬ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهما‮.. ‬إذا اجتنبت الكبائر‮).‬ فالحديث النبوي‮ ‬الشريف بين أن العبادات تزيل كل الذنوب ويغفر الله تعالى بها الذنوب‮.. ‬فإن وقعت صغيرة فإن الله عز وجل‮ ‬يغفرها للمؤمن ببركة طاعته‮.. ‬فالعبادات لا تكفر كبائر الذنوب إنما الذي‮ ‬يكفرها هو التوبة النصوح‮.. ‬وذلك بالعزم على ألا‮ ‬يعود المؤمن إلى ما كان عليه‮.. ‬والندم على ما فعل‮.. ‬ورد المظالم إلى أهلها‮.. ‬وإن كانت هناك حقوق‮ ‬يمكن ردها فعليه أن‮ ‬يفعل فوراٍ‮ ‬حتى‮ ‬يكتب الله له كامل الأجر والثواب‮.‬