الرئيسية - محليات - مستشفى الأمراض النفسية بعدن.. ربع قرن من النسيان
مستشفى الأمراض النفسية بعدن.. ربع قرن من النسيان
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

, مدير المستشفى‮: ‬الميزانية المعتمدة صئيلة والكوادر المؤهلة قليلة , ‬أخصائية نفسية‮: ‬المجتمع تناسى هذه الشريحة من المرضى وتخلى عن واجبه تجاههم‮ مرضى‮ ‬يتماثلون للشفاء فتتخلى أسرهم عنهم ‬ممرضون‮ ‬يتحولون إلى مرضى وعزوف عن العمل في‮ ‬المستشفى‮ ‮> ‬مستشفى الأمراض النفسية والعصبية الكائن في‮ ‬مدينة الشيخ عثمان محافظة عدن قصة مروعة وحكايات‮ ‬يشيب منها الوليد‮.‬ ‮ ‬يومان في‮ ‬المستشفى حملت فيها العديد‮ ‬من التساؤلات ووضعتها أمام القائمين على أمر هذا المرفق الحيوي‮ ‬وبعد‮ ‬سماع إجابتهم عليها أصبت بحالة من الذهول وبعشرات الأسئلة‮ ‬التي‮ ‬لم أجد لها إجابات سوى انعدام الضمير وانحسار القيم الدينية والإنسانية لدى البعض وتخلي‮ ‬الدولة عن مسؤوليتها إزاء شريحة من الناس ابتلاهم الله بأمراض نفسية وعقلية‮ ‬‭,‬‮ ‬أهالي‮ ‬يتنصلون عن أبنائهم وأبناء‮ ‬يتخلون عن آبائهم وأمهاتهم‮ ‬وحكومة ممثلة بوزارة الصحة والسلطة المحلية بمحافظة عدن‮ ‬غضت الطرف عن توفير الاحتياجات اللازمة لهذا المرفق الصحي‮ ‬الحيوي‮ ‬لذلك إمكانيات المستشفى تعجز حتى على سد رمق المريض كما أن وأهل الخير‮ ‬غابوا عن هذه الشريحة من الناس‮ ‬وهناك كثير من المرضى تماثلوا للشفاء ولكن بسبب تخلي‮ ‬أهلهم عنهم فهم باقون في‮ ‬المستشفى بعضهم مر عليه أكثر من ثلاثين عاماٍ‮ ‬وكأنهم محكوم عليهم‮ ‬بالسجن المؤبد وأشياء أخرى نتابعها فيما‮ ‬يلي‮ : – ‬

ملوك راشد عوض أخصائية نفسانية تعمل في‮ ‬المستشفى منذ‮ ‬24سنة تحدثنا عن طبيعة عملها قائلة‮ :- ‬عندما‮ ‬يأتي‮ ‬المريض إلى العيادة الخارجية نقوم باستقباله والجلوس معه وعمل بحث عن حالته وحالة أسرته وبعدها‮ ‬يتم الجلوس مع الطبيب وعلى ضؤ نتائج البحث‮ ‬يتم تشخيص الحالة وبعدها‮ ‬يقوم الطبيب بتحديد العلاج اللازم وفي‮ ‬حالة أن‮ ‬يكون الطبيب مضطرباٍ‮ ‬يتدخل الطبيب مباشرة حتى تهدأ الحالة‮ ‬ومعظم الحالات المرضية التي‮ ‬تصلنا تتمثل في‮ ‬حالات فصام‮ ‬الصرع‮ ‬التخلف العقلي‮ ‬الاكتئاب‮ .‬ واسمح لي‮ ‬هنا أن أقول لك إن المجتمع تناسى هذه الشريحة من المرضى وتخلى عن واجبه الديني‮ ‬والإنساني‮ ‬إزاءهم حيث نعاني‮ ‬في‮ ‬المستشفى من مشكلات كثيرة لعل أهمها تخلي‮ ‬الآباء عن ابنائهم‮ ‬وتخلي‮ ‬الأبناء عن آبائهم و أمهاتهم‮ ‬بسبب مرضهم وبحجة انهم قد أصبحوا مصدر قلق وإزعاج لهم حتى حين نتصل بهم بعد أن‮ ‬يتماثل ذووهم للشفاء لايردون على تلفون المستشفى وبعض المرضى لهم أكثر من‮ ‬25‮ ‬عاماٍ‮ ‬بل أوصلنا العديد من المرضى إلى محافظاتهم و‮ ‬يحدث أن أهلهم‮ ‬يرفضون استلامهم‮ ‬وحوالي‮ ‬نصف المرضى مقطوعة صلتهم بأهاليهم انقطاع تام‮.‬ سجن مؤبد ‮- ‬وفي‮ ‬هذه الحالة ماذا تعملون هل‮ ‬يظل المرض أسير المستشفى كالمحكوم عليه بالسجن المؤبد ¿‮ ‬ ‮< ‬لا ليس سجناٍ‮ ‬ولكن حرصاٍ‮ ‬منا أن لا تنتكس حالة المريض فنبقيه في‮ ‬المستشفى لنضمن تناوله العلاج فالمريض النفسي‮ ‬والعصبي‮ ‬لابد من انتظامه على الدواء فإذا استلمته أسرته نظمن أنها ستلتزم في‮ ‬إعطائه الدواء وقد حصلت أننا أخرجنا أحد المرضى بعد أن تشافى وضرب في‮ ‬الشارع ثم تم إعادته إلى المستشفى وبعدها بفترة قصيرة توفي‮ ‬وجاء أهله وعملوا مشكلة كيف توفي‮ ‬ولماذا أخرجتموه وهم لم‮ ‬يسألوا عنه منذ سنوات طويلة وهناك حالات‮ ‬يقف الميراث كأحد أسباب تخلي‮ ‬الأسرة عن مريضها وهنا تتدخل سهام عبده علي‮ ‬مديرة إدارة التمريض بمستشفى‮ ‬الأمراض العقلية والنفسية قائلة بل لا تستغرب أن البعض‮ ‬يأتي‮ ‬ليقول لك‮ ‬إن المريض المتوفي‮ ‬كان شيخ قبيلة أو أنه العائل الوحيد للأسرة وهم لا‮ ‬يسألون عنه لفترات تزيد عن عشرين سنة بل لدينا مرضى ومريضات انقطع عنهم أهلهم منذ أكثر من ثلاثين سنة وعلى سبيل المثال امرأة جاء بها أهلها وعمرها عشرون سنة الآن عمرها خمسون سنة لذلك من الصعب الآن‮ ‬أن نخرج مريضاٍ‮ ‬مالم‮ ‬تأتي‮ ‬أسرته لاستلامه أو أسرتها لاستلامها وهذه مشكلة فعلا‮ ‬بحاجة إلى حلول وقوانين تنظم ذلك‮.‬ ‮ ‬وتضيف مديرة إدارة التمريض هذا المستشفى الوحيد على مستوى الجمهورية بل أول مستشفى تخصصي‮ ‬على مستوى الشرق الأوسط افتتح عام‮ ‬1965م وتم إضافة مبان إليه عام‮ ‬1978م وافتتحت في‮ ‬1986م ومن تلك الفترة لم‮ ‬يشهد أي‮ ‬ترميمات بل لم‮ ‬يزرنا وزير صحة منذ‮ ‬25سنة أي‮ ‬على الأقل‮ ‬منذ التحاقي‮ ‬بالمستشفى لم أر ولم أسمع عن وزير صحة‮ ‬أو مسئول في‮ ‬المحافظة زار المستشفى باستثناء أحمد الكحلاني‮ ‬محافظ عدن السابق‮ .‬ مرضى منسيون ‮ ‬طلبت من مديرة التمريض زيارة‮ ‬المرضى فلم تمانع‮ ‬واشترطت عدم التصوير لدواعُ‮ ‬إنسانية واصطحبتنا إلى قسم‮ (‬1‮) ‬رجال وأول ما فتح باب القسم تجمع المرضى عند البوابة وعند دخولنا‮ ‬القسم هاجم احد المرضى مديرة التمريض ولولا تدخل بعض الممرضين الذين تمكنوا من الإمساك بالمريض قبل وصوله إليها‮ ‬فالتفتت نحوي‮ ‬مرددة هذا المريض حالته هادئة ومستقرة بالنسبة للمرضى الآخرين فتحدثت مع بعض المرضى‮ ‬منهم‮ ( ‬ج‮ ‬م‮) ‬من تعز‮ ‬له‮ ‬10‮ ‬سنوات في‮ ‬المستشفى‮ (‬و‭, ‬ح‮ ) ‬من لحج جاء من روسيا إلى المستشفى قبل‮ ‬18‮ ‬سنة كان‮ ‬يدرس طيران و‮( ‬خ‮ ‬‭,‬ح‮ ) ‬من الضالع‮ ‬أكثر من عام‮ ‬و(أ‮ ‬‭,‬ح‮ ) ‬ذمار معبر و(أ‮ ‬‭,‬ع‮ ) ‬لاجئ صومالي‮ ‬ومن خلال الحديث‮ ‬تبين لي‮ ‬منلم تخلي‮ ‬أهاليهم‮ ‬عنهم وهو ما أكدته لنا مديرة التمريض باستثناء اللاجئ الصومالي‮ ‬الذي‮ ‬يحظى باهتمام ورعاية من قبل أهله ومفوضية اللاجئين‮ ‬التي‮ ‬توفر له كل احتياجاته‮ ‬بما فيها الأدوية‮ ‬غير المجودة في‮ ‬صيدلية المستشفى والمريض‮ (‬و‭, ‬ح‮) ‬التي‮ ‬تزوره أمه بين فترة وأخرى‮ ‬وأقدم مريضة هي‮ (‬ف‮ ‬م‮ ) ‬من حضرموت لها‮ ‬30‮ ‬سنة منذ جاء بها أهلها إلى المستشفى ولم‮ ‬يسأل عليها احد طوال‮ ‬تلك السنوات‮ .‬ ممرضون تحولوا إلى مرضى ‮- ‬تعاود الباحثة النفسانية ملوك راشد حديثها‮ ‬قائلة‮ : ‬المجتمع‮ ‬ينظر الينا بدونية ولا‮ ‬يتردد الكثير من التعامل معنا كمجانين ومع ذلك نحن نحترم عملنا ونعرف قيمة رسالتنا التي‮ ‬نؤديها تجاه هذه الشريحة من المرضى‮ ‬وهنا تتدخل سهام مديرة التمريض لتؤكد ما ذهبت إليه زميلتها مع التأكيد أن كل المعاناة التي‮ ‬يواجهها العاملون في‮ ‬المستشفى مع قلتهم طبعاٍ‮ ‬لا نجد أي‮ ‬تحفيز أو أي‮ ‬تقدير من وزارة الصحة‮ ‬فلا نحصل على طبيعة عمل ولا علاوة مناوبة‮ ‬وبدل مواصلات أسوة بزملائنا من العاملين في‮ ‬المستشفيات الحكومية الأخرى مع انه‮ ‬ينبغي‮ ‬أن نكون متميزين عن‮ ‬غيرنا نتيجة لخصوصية عملنا ‮ ‬وتواصل حديثها‮ :- ‬أنت تعرف أن عدداٍ‮ ‬من الممرضين نتيجة للاحتكاك تحولوا إلى مرضى وكثير من هم تم الاعتداء عليهم من قبل المرضى منهم من كسرت أسنانه ومنهم من كسرت أيديهم وأرجلهم‮ ‬أضف إلى ذلك سنوات الخدمة‮ ‬يجب إن‮ ‬يعاد النظر فيها‮ ‬ومن الظلم أن نتساوى مع العاملين في‮ ‬القطاعات الأخرى‮ ‬لدينا‮ (‬113‮) ‬منهم‮ ( ‬14‮) ‬موزعون‮ ‬على‮ (‬5‮ )‬أقسام التي‮ ‬تعمل حاليا‮ (‬4‮ ) ‬رجال وقسم للنساء ولكل قسم‮ ( ‬2‮ ) ‬ممرضين في‮ ‬الصباح وممرض في‮ ‬المساء وهذا العدد‮ ‬غير كاف‮ ‬نتيجة لطبيعة المرضى‮ ‬فالمستشفى لم‮ ‬يرفد بكادر جديد منذ سنوات طويلة فالجميع‮ ‬يتهرب من العمل بالمستشفى لذلك لجأنا إلى التعاقد‮ ‬وبمرتبات زهيدة ونقوم بتدريب المتعاقدين على كيفية التعامل مع المرضى على أمل أن‮ ‬يتم تثبيتهم ولكن دون جدوى فلدينا متعاقدون لأكثر من‮ ‬15‮ ‬سنة لم‮ ‬يتم تثبيتهم والبعض توفي‮ ‬وهو متعاقد‮ ‬وإذا لم تتنبه الجهات المختصة‮ ‬وخاصة وزارة الصحة لهذه القضية‮ ‬فربما‮ ‬يتم إغلاق المستشفى‮ ‬بعد فترة خاصة وأن الكثير على وشك التقاعد‮ ‬وأضف إلى ذلك‮ ‬ميزانية الغذاء والدواء للمرضى‮ ‬غير كافُ‮ ‬نهائيا إذا ما عرفنا أن أدوية الأمراض النفسية والعقلية أسعارها مرتفعة واعتماد‮ ‬400‮ ‬إلف ريال للدواء مبلغ‮ ‬ضئيل جدا لذلك فإننا لا نستطيع توفير العلاج للمرضى نتيجة لارتفاع سعره‮ .‬ شحة في‮ ‬الكادر والامكانيات حملنا كل هذه الهموم واتجهنا إلى مكتب الدكتور ثابت قاسم محسن مدير عام مستشفى الأمراض النفسية والعصبية فتحدث إلينا قائلا‮ :- ‬لم تمر على فترة استلامي‮ ‬للعمل سوى اسبوعين فقط‮ ‬وفعلا المستشفى في‮ ‬حالة‮ ‬يرثى لها ونحن نحاول إعادة الأمور إلى نصابها ولكن الأمر‮ ‬يتطلب إلى تكاتف الجهود وتوفير الإمكانيات العاجلة من قبل وزارة الصحة‮ ‬ومكتب الصحة عدن والسلطة المحلية في‮ ‬المحافظة‮ ‬وقد طلب منا عمل تقرير عن أوضاع المستشفى وقد تم رفع هذا التقرير إلى مكتب الصحة‮ ‬وأرفقنا به الاحتياجات الضرورية ليتمكن المستشفى من القيام بواجبه تجاه هذه الشريحة من المرضى‮ ‬لذلك لن أكرر ما تم طرحه من قبل مديرة التمريض والباحثة النفسية‮ ‬وعليه أقول‮ ‬أن المستشفى بحاجة إلى إعادة ترميم كل مرافقه فهو لم‮ ‬يرمم منذ إنشائه فدورات المياه معطلة وشبكة التكييف خارج الجاهزية وتأهيل الحدائق الخارجية للمبنى والداخلية الخاصة بالمرضى والتي‮ ‬تستخدم للعلاج الترفيهي‮ ‬ورفع السور المجاور لمساكن المواطنين وتوفير مولد كهربائي‮ ‬كون الموجود‮ ‬250‮ ‬كيلو مقدماٍ‮ ‬من قنصلية عمان هدية للمستشفى لم‮ ‬يعد‮ ‬يغطي‮ ‬حاجة المستشفى‮ ‬وتوجد لدينا سيارة إسعاف مقدمة هدية من بيت المرحوم هائل سعيد انعم عام‮ ‬2000م‮ ‬وهي‮ ‬متهالكة وغير صالحة لذلك فنحن بحاجة ماسة إلى سيارة إسعاف وسيارة أخرى لتوفير متطلبات المستشفى‮ ‬وبحاجة إلى تزويدنا‮ ‬بالكوادر المتخصصة‮ ‬محلية وأجنبية‮ ‬حيث وأنه لا‮ ‬يوجد في‮ ‬المستشفى سوى طبيبين اخصائيين فقط‮ ‬و65‮ ‬ممرضاٍ‮ ‬وممرضة أربعة فقط من‮ ‬يحملون شهادة البكالوريوس‮ ‬وأكثر من‮ (‬140‮ ) ‬موظفا إداريا‮ ‬كذلك الموازنة التشغيلية الحالية لا تكفي‮ ‬ولم‮ ‬يطرأ عليها أي‮ ‬زيادة منذ أكثر من ثمان‮ ‬سنوات مع الأخذ بالاعتبار الفوارق في‮ ‬الأسعار خلال تلك السنوات‮ ‬وخاصة في‮ ‬الأغذية والملبوسات والأدوية والمستلزمات الطبية‮ ‬والنظافة والصيانة‮.‬