الرئيسية - عربي ودولي - معضلة التدخل الخارجي وصراع المليشيات المسلحة في ليبيا
معضلة التدخل الخارجي وصراع المليشيات المسلحة في ليبيا
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

تواجه ليبيا اليوم تحديات اقتصادية وسياسية واجتماعية وأمنية ¡ حيث برزت في الآونة الأخيرة مشكلتان أساسيتان تمثلان بالاقتصاد والأمن عوضا◌ٍ عن غياب الحكومة وسط انتشار أوسع واشمل لمليشيات الجماعات الإسلامية المسلحة التي تتواجد في مختلف مدن ليبيا وتختلف تلك الجماعات مع بعضها البعض . ففي بنغازي يطرح في الأوساط السياسية والإعلامية وقنوات البث الفضائي انها جماعات إسلامية ليبرالية أي مؤيدة للتوجهات الغربية فيما يتعلق بالحقوق والحريات العامة وفي طرابلس العاصمة ومحيطها تتواجد مجموعات متطرفة وكذلك في الكفرة وسرت وبنغازي وترهونه وبني وليد وبراك الشاطئ وغيرها من المدن الليبية تنتشر الجماعات الإسلامية الراديكالية المتشددة وتعمل القوى الخارجية على تعميم ظاهرة المليشيات المسلحة على اعتبار أن الشعب الليبي غير مستفيد من تلك الجماعات . وهو ما يعني وجود اطراف دولية تغذي الصراعات الجارية في ليبيا وليست أوروبا الشرقيه بمعزل عن التأثيرات السلبية التي تشهدها البلاد في ظل حالة الصراع القائم والذي أخذ في الاتساع بصورة تزداد يوما◌ٍ بعد آخر وتأخذ أبعادا◌ٍ مختلفة تهدد امن واستقرار ليبيا وسط غياب موضوعي يتصل بمفهوم الدولة أو وجود الحكومة عوضا◌ٍ عن غياب مماثل للقوى الوطنية علما◌ٍ بأن المجاميع السياسية المتصالحة والمختلفة مع بعضها البعض إضافة إلى المليشيات المسلحة كلاهما نتاج طبيعي بحسب مراقبين لإفرازات النظام السابق الذي كان يعمل سرا◌ٍ مع القوى الخارجية وعلانية ضدالشعب ¡ حيث اتسع نطاق ذلك التأثير من خلال اتساع النتائج المترتبه على العامل الخارجي متعدد الأطراف والأبعاد بكل اشكاله المختلفة وأدواته المتنوعة التي جعلت ليبيا في الظرف الراهن بؤرة صراع بين الأجندة الخارجية والقوى المحتلة له. يقابل ذلك حالة فراغ سياسي لأي قوى وطنية صاعدة أو ناشئة وهي مسألة تبدو سابقة لأوانها بالنظر للتداعيات السلبية الجارية حاليا◌ٍ في المشهد السياسي الليبي¡ حيث قوى ليبرالية تعتبر الشق المدني للعامل الدولي ومجموعات ومليشيات مسلحة تمثل الشق العسكري لذلك العامل في واقع الفراغ السياسي داخل ساحة العمل الوطني التي تهيمن تلك القوى كمحصلة سلبية للهيمنة الخارجية مما جعل من ليبيا دائرة مغلقة لعبث التدخل الاجنبي ووكلائه في الداخل وسط حالة الاضطراب السياسي واسع النطاق . وكذلك اخفاق مؤتمر الحوار الوطني الذي لم يكن نتاجا◌ٍ طبيعيا◌ٍ لرؤى وافكار وطنية بقدر ما مثل جملة النتائج المترتبة في الجانب السياسي على الاعمال العسكرية التي نفذها حلف الناتو داخل ليبيا والتي اوجدت حالة الاحتقان الشامل في الوقت الراهن واتساع التدخل الاجنبي في واقع ما يجري من تأثيرات واضحه للعامل الدولي تتعاظم بشكل سلبي اكثر من أي وقت مضى ويرجع ذلك كما يرى متابعون لغياب الحد الأدنى من مظلة الاستقلال السياسي والوطني ما جعل معضلتي الاقتصاد والأمن تحتلان الأولوية في المشهد السياسي الليبي. وإن كانت ليبيا بمعزل تام عن خرائط البنتاجون الأميركي ومتطلباته في التقسيم الجاري داخل الوطن العربي فإنها بالتأكيد تحتل الأولوية ضمن التقاسم الأوروبي الذي تم فعلا◌ٍ في ليبيا مقابل تطوير اليات الاضطراب السياسي ودعم المليشيات المسلحة والمجاميع المختلفة كأحد اهم نتائج ذلك التقاسم الذي يضمن استقرارا◌ٍ سياسيا◌ٍ واقتصاديا◌ٍ للقوى الخارجية في بلد يشهد نزاعات داخلية . وهذا لا يعني أن النظام السابق كان النموذج والمثال وانما هو من هيأ واوجد المناخات الملائمة بحسب متابعين إلى نقل ليبيا من مرحلة الاستقرار قبل عام 1969م إلى مرحلة ما قبل سياسي بدليل ما تشهده حاليا◌ٍ ليس نتاج لتغيير وطني لان ما حدث في 69م كان نتاجا◌ٍ طبيعيا◌ٍ للعامل الايطالي المهيمن على المشهد السياسي الليبي بدليل أن ما يجري بالوقت الراهن إشراكا◌ٍ لذلك العامل من خلال بقاء القوى الخارجية مسيطرة على ليبيا شرط أساسي لبقاء الاضطراب السياسي وحالة الاحتراب الداخلي لضمان امن واستقرار تلك القوى بعيدا◌ٍ عن الآمال المشروعة أو الطموحات المرجوة لدى الشعب الليبي من إصلاح الأوضاع الداخلية وإنهاء التحديات القائمة كأمر يتوقف على التخلص من التدخل الخارجي بأدواته المحلية بدرجة اساسية لزعزعة أمن واستقرار ليبيا وإعادتها إلى مرحلة سابقة ع◌ْرفت كما يؤكد متابعون بالتقاسم الثلاثي الفرنسي والأميركي البريطاني مع إغفال ايطاليا التي دخلت كقوة نافذة في انقلاب الفاتح من سبتمبر 1969م ولا تزال مؤثرة على المشهد الليبي حتى اللحظة الراهنة ونصف المجموعات المسلحة محسوبة على تلك الدولة الاستعمارية في نظر محللين وسط غياب القوى الوطنية .