الرئيسية - عربي ودولي - ثورة الياسمين
ثورة الياسمين
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

منذ 17 ديسمبر 2011م¡ وحتى 17 من الشهر الجاري 2013م¡ ثلاث سنوات مرت على ثورة الياسمين في تونس وتطوراتها وصولا◌ٍ إلى مرحلة الاحتجاجات الشعبية¡ وبالنظر لما قبل تلك الاحتجاجات فإن النظام التونسي السابق كان غارقا◌ٍ في الأخطاء والسلبيات¡ حيث طور آلية التبعية والارتهان للقوى الخارجية وجعل من الاقتصاد التونسي حقل تجارب لتعاليم وإرشادات البنك الدولي وأدخل تونس في أزمة اقتصادية كانت الاحتجاجات الشعبية إحدى أهم نتائجها السياسية. ولكن بالمقاربة النظرية العاجلة فإن الوضع الراهن الذي تمر به تونس أسوأ من الوضع الذي انقلبت عليه وذلك ليس تبرئة للنظام السابق الذي فشل سياسيا◌ٍ واقتصاديا◌ٍ وأدخل البلاد دائرة الأزمة¡ لكن النظام القائم لم يحقق مطالب الثورة الشعبية بالكامل وما تزال تونس في أحوالها السياسية والاقتصادية أسوأ بكثير مما كانت عليه قبل قيام ثورة الياسمين في ذكراها الثالثة. إذ تعاني تونس اليوم أزمة اقتصادية تضاعفت بشكل أوسع وأشمل فضلا◌ٍ عن اضطرابات سياسية وأعمال عنف تنفذها مليشيات مسلحة ناهيك عن التدهور الأمني وسط المراوحة القائمة والشد والجذب بخصوص عملية الحوار وما ترتب عليه من تشكيل للرباعية تعمقت من خلالها الخلافات السياسية وصار المختلفون سياسيا◌ٍ يقدمون وجوها◌ٍ وشخصيات لرئاسة الحكومة من عهد الحبيب بورقية. وما أوجدته من أزمة مجتمعية شاملة كان من نتائجها توزيع المؤثرات الخارجية وإحباط تونس وإعطاء أولوية للعامل الدولي وتراجع مفهوم الدولة الوطنية وتبددت الآمال والطموحات المشروعة التي كانت تراود الشعب التونسي في إيجاد قرار سياسي وطني ومستقل لا تديره قوى الخارج ولا تتصارع داخل تونس من خلال أعمال اغتيالات سياسية واضطرابات. فوسط تراجع النمو الاقتصادي التونسي لم يكن هناك بديل لأزمة البلاد عقب الاحتجاجات غير مضاعفة الأزمة ونقلها من المنطقة الساكنة إلى المنطقة الساخنة¡ حيث دخل المشهد السياسي التونسي منعطفا◌ٍ خطيرا◌ٍ تخللته أجواء التوتر بين فرقاء العملية السياسية¡ وهو ما يوجب قبل الجدل الجاري حول انعقاد مؤتمر الحوار من عدمه على الأطراف السياسية والقوى الفاعلة تقييم مرحلة الثورة الشعبية لتجاوز الخلافات القائمة وإنهاء حالة الاحتقانات السياسية التي تهدد المشهد التونسي بعدم التماسك وارتفاع حدة الاضطرابات التي تهدد مسار الحلول الوطنية¡ خاصة وأن تونس في المرحلة الراهنة عادت بشكل أوسع من الناحية السلبية بالنظر إلى أوضاعها الداخلية إلى مرحلة ما قبل سياسي بحكم الأحداث المتلاحقة ويرجع ذلك إلى سببين رئيسيين الأزمة المتراكمة التي خلفها النظام السابق والتدخل الأجنبي. الأمر الذي يتطلب قدرا◌ٍ عاليا◌ٍ من العقلانية السياسية للحد من تنامي التدخل الخارجي باعتباره اللاعب الأساسي في ساحة العمل التونسية وعلى أن يكون التوافق حول أي مدى نجحت الثورة الشعبية في تحرير القرار السياسي التونسي من التعبية والارتهان وإلى أي مدى أيضا◌ٍ نجحت تلك الثورة في ترسيخ مبدأ استقرار تونس كشرط لإنهاء أزمتها الراهنة.