الرئيسية - عربي ودولي - تأثيرات الصراع على كعكعة السلطة بافريقيا الوسطى
تأثيرات الصراع على كعكعة السلطة بافريقيا الوسطى
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

* يوم اثر آخر يتعقد المشهد السياسي في افريقيا الوسطى وينحدر نحو النفق المظلم بتشابكاته المتعددة العوامل داخليا واقليميا تفسخ على اثره النسيج الفسيفسائي للمجتمع بفعل استمرار الصراع العسكري الذي خلف اوضاعا مزرية على مستوى الفقر او النزوح الجماعي لسكان هذه الجمهورية الفقيرة دون معالجات او حلول سياسية وعجز دولي يفرمل على الاقل المآسي الانسانية الحاصلة و تدل المعطيات المتوفرة على أن القادم قد يكون الأسوأ في ظل استمرار الصراع الطائفي بين المسلمين والمسيحيين الذي اسفر عن مصرع اكثر من ألف شخص جراء العنف الطائفي في افريقيا الوسطى منذ وصول قوات حفظ سلام افريقية وقوات فرنسية إلى البلاد في نهاية العام المنصرم وسط تحذيرات اممية من كارثة إنسانية محدقة. بهذه الجمهورية .. مما صاعد من حدة الضغوط الدولية والاقليمية على الرئيس ميشيل ديوتوديا الذي اجبر على تقديم استقالته من منصبه في قمة اقليمية عقدت في العاصمة التشادية نجامينا امس بحضور كافة أعضاء المجلس الانتقالي في جمهورية افريقيا الوسطى خصصت لبحث سبل وقف العنف المستشري في البلاد. و ديوتوديا هو أول رئيس مسلم لجمهورية افريقيا الوسطى يرفض التنحي عن منصبه. وأدى استيلاؤه على السلطة في العام الماضي إلى نزوح خمس سكان افريقيا الوسطى من ديارهم هربا من القتال الذي اندلع بين ميليشيات مسلمة وأخرى مسيحية. وهجر معظم سكان القرى قراهم وفي الشهر الأخير فقط تضاعف عدد النازحين بمن فيهم نصف سكان العاصمة بانغي. وأعلن عن استقالة ميشيل ديوتوديا في بيان أصدرته ايكاس المجموعة الاقتصادية لدول وسط افريقيا المكونة من عشر دول. كما استقال من منصبه أيضا رئيس وزراء جمهورية افريقيا الوسطى نيكولاس تينغاي الذي كان على علاقة متوترة بميشيل ديوتوديا. وبموجب اتفاق برعاية قوى إقليمية العام الماضي كان منوطا بالمجلس الوطني الانتقالي اختيار زعيم انتقالي يتولى زمام الأمور في افريقيا الوسطى حتى الانتخابات المقررة في 2014م. ووصل تحالف متمردي سيليكا إلى السلطة في مارس الماضي بعد الإطاحة بالرئيس فرانسوا بوزيزي الذي ينتمي للأغلبية المسيحية في البلاد. وبالرغم من أن ديوتوديا خرج رسميا من تحالف سيليكا إلا أنه أخفق في السيطرة على الجماعة المتمردة. فقد دفع سلوك الجماعة بمسيحيين إلى تشكيل جماعات للحماية ما أدى إلى مسلسل من هجمات الانتقام الدامية. ومع تحول العنف إلى صراع طائفي تشتبك فيه عناصر “سيليكا” مع جماعات مسيحية مسلحة أرسل الاتحاد الأفريقي قوة “ميسا” وهو الاسم المختصر لبعثة حفظ السلام إلى أفريقيا الوسطى قوامها 4000 جندي فيما أرسلت فرنسا 1600 من جنودها إلى البلاد ضمن عملية سمتها “سانغاريس? أي “الفراشة الحمراء”. ويشكل المسلمون 15 % فقط من سكان أفريقيا الوسطى بينما تبلغ نسبة المسيحيين حوالي 50 % أما بقية السكان فإنها تدين بما يسمى “ديانات محلية” والظاهرة الأكثر لفتا للأنظار في البلاد هي تعدد القبائل فرغم أن عدد سكان البلاد لا يتجاوز 4.5 مليون نسمة إلا أن هناك 80 قبيلة مختلفة وقد ظل الحكم في أفريقيا الوسطى منذ استقلالها في يد الغالبية المسيحية حيث يعتبر ديوتوديا أول رئيس مسلم للبلاد. وقد يكون تاريخ الاضطرابات بين ثورات عسكرية ومحاولات انقلاب واغتصاب للسلطة على أيدي المتمردين أطول من قائمة الانتخابات التي أجريت فلم تعرف جمهورية أفريقيا الوسطى استقرارا سياسيا أو انتقالا سلسا للسلطة منذ أن أطلقت الجمعية الوطنية الفرنسية اسم هذه الدولة رسميا في سبتمبر 1958م.

ولا يمكن فهم الأهمية السياسية والاستراتيجية لجمهورية أفريقيا الوسطى دون المرور على ما تمثله تلك الدولة الحبيسة التي لا تطل على بحار أو محيطات ولا تمتلك أي موانئ من أهمية اقتصادية كبرى في قلب القارة فهي تمتلك موارد طبيعية هائلة وتعد مركزا تجاريا عالميا للألماس الذي تمثل صادراته نحو 60 % من الدخل القومي لهذا البلد وتحتل بهذه النسبة موقع ريادة أفريقيا في هذه التجارة.