الرئيسية - محليات - أياد تشوه إرثها التاريخي
أياد تشوه إرثها التاريخي
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

اكوام القمامة تؤرق حياة السكان وتنذر بكوارث صحية وبيئية

المتنفذون يسيطرون على المزارع الشاسعة.. والفقر يرتسم على وجوه أبناء المنطقة

عبدالله سيف > مديرية باجل بمحافظة الحديدة واحدة من أكبر المناطق التهامية المكتظة بالسكان تبعد عن مركز المحافظة بحوالي 55 كيلو متراٍ باتجاه الشرق حيث تتميز هذه المديرية كونها تقع على الخط الرئيسي بين (صنعاء- الحديدة) وبالمحاذاة مع محافظات الجوف وذمار وريمة الأمر الذي جعل مركزها الإداري «باجل» مدينة عامرة والحركة فيها مستمرة خلال 24 ساعة وكأنها مدينة لا تنام.. وهناك أسواق لبيع القات تبدأ من بعد صلاة العشاء وحتى الفجر وتسمى بسوق الليل كما أن حركة الناس فيها لا تتوقف والبيع والشراء يستمر إلى وقت متأخر من الليل.

وبحسب وصف أبناء المنطقة فإن مدينة باجل تمثل استراحة للعابرين والمسافرين وملتقى للتجار والمتسوقين الذين يأتون إليها من مختلف المناطق لا سيما يوم الأربعاء من كل أسبوع حيث يقام في هذا اليوم سوق باجل الأسبوعي الذي يعتبر معلماٍ من معالم هذه المدينة .. ورغم عدم الاهتمام بهذا السوق حيث الباعة فيه يفترشون الأرض لبيع معروضاتهم المختلفة كالمواد الغذائية والمصنوعات الحرفية والملابس والحيوانات وغيرها من المستلزمات إلا أن هذا السوق يشهد حركة تجارية مزدهرة ونشاطاٍ منقطع النظير ويأتي إليه المتسوقون من مختلف المناطق والمحافظات المجاورة ويقدر عدد المرتادين على هذا السوق ما بين 15-20 ألف متسوق وفي هذا السوق يتم الاعتماد على وسيلة مواصلات قديمة جداٍ وهي «العربة والحمار» حيث ترى مجاميع كبيرة يقبلون عليها لتنقل حاجياتهم وبضاعتهم من مكان إلى آخر. مواقع أثرية تندثر > وتتميز مديرية باجل عن غيرها كونها تحتوي على العديد من المواقع التاريخية والأثرية كالقلاع والحصون التي تحكي حقب تاريخية مختلفة عاشتها المنطقة والتي يعود البعض منها إلى عصر ما قبل الإسلام لكن للأسف الشديد فإن أيادي العبث لم تترك هذا الإرث التاريخي الذي لم يجد الاهتمام به وتحول البعض منه إلى مواقع عسكرية ومن هذه المواقع قلعة الشريف وحصن باجل وحصن الظاهر وغيرها من المواقع والحصون والقلاع التي بحاجة إلى لفتة كريمة من قبل الجهات المختصة لصيانتها والحفاظ عليها. تربة خصبة > وهذه المديرية التهامية حباها الله سبحانه وتعالى بأرض زراعية خصبة وتشتهر بزراعة أجود أنواع المانجو والسمسم وفيها واديان «سردد وسهام» تجري فيهما المياه في أغلب أيام السنة وهناك العديد من المزارع الكبيرة تنتشر على ضفاف الوديان وبالقرب منها والتي عندما تراها تجسد أبناء هذه المنطقة وتقول إنهم محظوظون أولاٍ لأنهم يعيشون في تلك الطبيعة الخلابة الساحرة وثانياٍ لأنهم يمتلكون تلك المزارع الضخمة لكن سرعان ما تكتشف أن تلك المزارع يمتلكها أشخاص من خارج المنطقة أغلبهم كما يقول البعض من المتنفذين. نشاط صناعي كبير > كما أن هذه المديرية تشتهر بالنشاط التجاري والصناعي منذ زمن بعيد وشهدت بناء أول مصنع الغزل والنسيج في اليمن عام 1961م ومصنع للأسمنت عام 1973م وفيها أيضا مجمع باجل للصناعات وفيها أيضا عدد كبير من المصانع التابعة للقطاع الخاص إلا أن ذلك لم ينعكس على تنمية المدينة ولم يساعدها على التطور وتوفير الخدمات الأساسية وبما يناسب هذا النشاط حيث لا تزال هذه المدينة من أفقر المناطق التهامية المحرومة من المشاريع الخدمية والتنموية ولا يوجد بها شارع اسفلت عدا الخط الرئيسي بين صنعاء والحديدة والذي يمر وسط هذه المدينة وهو يشبه في وضعه الحالي بقية الشوارع الترابية من حيث الحفر والمطبات الموجودة فيه وفي كل الأحوال يظل هو الشارع الاسفلتي الوحيد إضافة إلى الخط الذي يربط المدينة بمنطقة سردد حيث توجد هناك «مزرعة سردد» التابعة للدولة والتي يقول بعض المواطنين فيها أن أوضاعها لا تسر أحداٍ كما أن بعض الموظفين يشكون بأنهم يعملون بنظام التعاقد منذ أكثر من ثلاثين سنة وما زالوا ينتظرون التثبيت رغم أنهم قربوا على التقاعد بحسب القانون¿! قمامة تملأ الشوارع > إضافة إلى نقص الخدمات المختلفة التي تعاني منها المدينة هناك أيضاٍ مشكلة القمامة التي صارت تؤرق حياة الجميع وتنذر بكوارث صحية وبيئية كبيرة حيث لا يوجد شارع ولا زقاق خالي من أكوام القمامة المنتشرة بروائحها الكريهة والمقززة في كل مكان وأمام المنازل والمحلات والتي تظل متناثرة لعدة أيام وصارت تمثل هماٍ كبيراٍ عند الجميع لا سيما والمدينة من المناطق الحارة جداٍ والباعوض فيها تراه ينافس الذباب والحشرات الأخرى كالسحب في الأرض والسماء.. وهذا طبعاٍ يقابله صمت غريب من قبل الجهات المسؤولة والسلطة المحلية. تعليم سيء > التعليم في مدينة باجل هو الآخر وضعه سيء وظاهرة الأمية منتشرة بشكل كبير وهناك العديد من الأشخاص الذين يفترض أن يكونوا في المدارس لتلقي التعليم تراهم للأسف يعملون في الأسواق والمحلات المختلفة أو على المنورات وآخرون على الأرصفة وغيرهم يتجولون لطلب الصدقات من أهل الخير وذلك ناتج عن الظروف المعيشية الصعبة التي تعيشها أغلب الأسر في هذه المديرية بحسب ما يراه البعض. كما أن من تساعده ظروفه على الدراسة يتوقف بعد الحصول على الثانوية العامة حيث لا معاهد ولا جامعات في هذه المنطقة سوى كلية المجتمع التي تتبع جامعة الحديدة ويدرس فيها ثلاثة أقسام هي «التربية والخراطة والكهرباء» وطاقتها الاستيعابية محدودة في حين مشروع المعهد المهني لم يتم إلى الآن رغم الانتهاء من بنائه منذ أكثر من خمس سنوات بتكلفة تتجاوز مليار ريال إلا أنه لم يفتح أبوابه لأسباب لا يعرفها أبناء المنطقة .. وهذا الوضع طبعاٍ مثل عائقاٍ أمام الكثير من الطلاب لمواصلة دراستهم لا سيما الفقراء والفتيات فقط من يستطيع منهم عليه الالتحاق بجامعة الحديدة التي تبعد عن منطقتهم حوالي 60 كيلو متراٍ وهي المسافة التي يجب أن يقطعها يوميا ويدفع أجرة المواصلات التي تصل إلى ألف ريال يومياٍ ذهاباٍ وإياباٍ وبالطبع هناك الكثير لا يستطيعون توفير نصف هذا المبلغ المطلوب يومياٍ مقابل المواصلات ناهيك عن المتطلبات والمصاريف الأخرى مثل الرسوم والكتب وغيرها من المتطلبات. فقر ومجاعة > خلاصة القول إن الفقر والجوع والمجاعة في هذه المدينة تقرأه بسهولة ويسر على وجوه الكثير من الناس فهناك أعداد كبيرة يعيشون حفاة عراة لا يجدون ما يأكلون ويشربون ولا ما يلبسون فلا يستطيعون شراء حاجياتهم اليومية أو ما يسدون به رمقهم ومن يستطيع من هؤلاء الفقراء شراء جزء من حاجياته فهو يشتري بعشرة ريالات سكر وعشرين ريالاٍ دقيق ومثلها الشاي والزيت وغيرها من المتطلبات التي تسد رمقهم لبعض الوقت وهناك الكثير والكثير من هذه الحالات ممن يعيشون هذه الحياة البائسة ويمشون حفاة عراة لأنهم لا يجدون قيمة الحذاء ولا الرداء وبالمقابل يوجد أيضاٍ في هذه المدينة ثراء فاحش تجده عند البعض ممن يركبون آخر موديلات السيارات ويلبسون أفضل الملابس لكنهم قليل جدا.