الرئيسية - عربي ودولي - الفساد السياسي يعيق أداء الحكومات الحديثة
الفساد السياسي يعيق أداء الحكومات الحديثة
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

تتعاقب الحكومات على حكم شعوبها عن طريق الانتخابات التي يصوت عليها الشعب في اختيار من يمثله في الحكومة , وما يميز حكومة عن أخرى ليس في التطور والارتقاء فحسب , بل أيضاٍ في الخروج عن دائرة الفساد أو بالأخص الخروج عن الترتيبات المتأخرة في الترتيب العالمي للفساد ,ويعتبر الفساد بكافة أشكاله داءٍ وبيلاٍ وخطراٍ محدقاٍ ينخر في مفاصل الدولة كما تنخر الارضة في الشجر وتؤدي في النهاية الى اسقاطها و القضاء عليها و كذلك الحال بالنسبة للفساد . ويعد احد اخطر أشكال الفساد و مظاهره هو الفساد السياسي او فساد النخبة السياسية وقد اعتبرته كافة الدراسات على قمة الهرم بين أشكال الفساد الاخرى (الاداري و الاقتصادي) وسبباٍ لها في نفس الوقت ,فأحد عوامل ديمومة من هم على السلطة من الفاسدين هو انتشار ثقافة الفساد على حساب مفاهيم النزاهة و العفة و الاخلاق. ويعرف الفساد السياسي بمعناه الأوسع بأنه إساءة استخدام السلطة العامة (الحكومية) لأهداف غير مشروعة وعادة ما تكون سرية لتحقيق مكاسب وأغراض شخصية. وتعتبر كل أنواع الأنظمة السياسية معرضة للفساد السياسي التي تتنوع أشكاله إلا أن اكثرها شيوعاٍ هي المحسوبية والرشوة والابتزاز وممارسة النفوذ والاحتيال ومحاباة الأقارب. وأوضح بيتر ايغن رئيس منظمة الشفافية الدولية أن الفساد آفة اجتماعية تغزو المجتمع وتخربه , وأشار إلى أن الفساد يقوم على أساس الاستعمال السيئ للسلطة تحقيقا لمنافع خاصة على حساب المجتمع. وهي حالة لا يكاد يخلو منها مجتمع ما إلا انها قد تزداد ظهورا فتتجسد ظاهرة يعاني منها المجتمع فينشط في محاربتها والحد منها أو قد لا تبدو واضحة في مجتمع آخر فلا يؤكد عليها. وقد نشرت منظمة الشفافية الدولية تقريرا بشأن مستويات الفساد في القطاع العام في مختلف بلدان العالم بناء على 13 دراسة مسحية لتصنيف الفساد , وشمل التقرير 177 بلدا بناء على مصادر بيانات مستمدة من مؤسسات مستقلة متخصصة في الحكم الرشيد وتحليل المناخ الذي تقام فيه الأعمال. وذكرت المنظمة إن الدول التي تشهد عنفاٍ أكثر من غيرها في منطقة الشرق الأوسط هي الدول التي يتفشى فيها الفساد وتزداد الأوضاع فيها سوءا بسبب غياب الاستقرار السياسي ما يسمح بانتشار الانتهاكات. وأضافت المنظمة الدولية أن أربعة أخماس البلدان في الشرق الأوسط يقل تصنيفها عن درجة خمسين علما بأن مقياس صفر لتصنيف البلدان من حيث الفساد يعني أن البلد موغل في الفساد في حين أن مقياس 100 يعني أن البلد يخلو من الفساد بشكل تام , واستندت المنظمة إلى آراء خبراء محليين وعالميين بشأن الفساد في القطاع العام. وجاء متوسط تصنيف بعض بلدان المنطقة في الدرجة 37 بما يقل عن المتوسط العالمي وهو الدرجة 43 أي أقل من درجة 50 من أصل 100. وقد انخفض تصنيف ثلاثة بلدان في الشرق الأوسط الذي شهد اضطرابات مستمرة خلال السنة الماضية ,إذ انخفض تصنيف اليمن بخمس نقاط ليستقر عند الدرجة 18 في حين انخفض تصنيف سوريا بتسع نقاط ليستقر عند الدرجة 17 وانخفض تصنيف ليبيا بست نقاط ليستقر عند الدرجة 15, أما العراق فتراجع تصنيفه من 18 إلى 16. وأوضح مدير الشفافية الدولية لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كريستوف ويلكي أن ما يحتاجه بلد ما لاجتثاث الفساد يتطلب دائما وجود مؤسسات يديرها أشخاص يتحلون بمستويات من النزاهة ونظام إشراف مستقل كون هذه الأمور تختفي مباشرة عندما ينتشر الصراع. وأضاف ويلكر: إن هناك إحساسا عاما بتفشي الفساد السياسي في منطقة الشرق الأوسط بما في ذلك أجهزة الشرطة والقضاء والإدارات الحكومية المعنية بالمشتريات العامة. وأظهر استطلاع للرأي أجراه مركز الشفافية الدولية أن الفساد ازداد سوءا في معظم الدول العربية منذ ما يعرف بـ “الربيع العربي” رغم أن الغضب على فساد المسؤولين كان سببا رئيسيا في تفجير احتجاجات عام 2011م . وكشف المسح أن معظم الذين شاركوا بمصر وتونس واليمن في الاستطلاع شعروا أن “مستوى الفساد زاد خلال العامين الماضيين”. وأظهر المسح أيضا استياء متناميا في عدد كبير من الدول العربية التي لم تشهد احتجاجات لكن “الربيع العربي” صعد التوترات السياسية فيها. أما في الدول الأجنبية فقد جاءت الدنمارك ونيوزيلندا في المرتبة الأولى من حيث ابتعادهما عن مظاهر الفساد , حيث حصلتا على الدرجة 91 في حين جاءت فنلندا والسويد والنرويج بعدهما وذلك بفضل توافر حرية التعبير وإتباع إجراءات شفافة عند وضع الميزانيات وتوافر آليات قوية للمساءلة. وفي المرتبة الأخيرة من تصنيف منظمة الشفافية الدولية حلت كل من أفغانستان وكوريا الشمالية والصومال إذ لم تحصل سوى على الدرجة 8 والقريبة من درجة الصفر التي يكون فيها الفساد مستفحاٍ . يصدر مؤشر مدركات الفساد 2013م الصادر عن الشفافية الدولية بمثابة تحذير من أن إساءة استخدام السلطة والتعاملات السرية والرشوة هي مشكلات مستمرة في تخريب المجتمعات في شتى أنحاء العالم. ويْظهر المؤشر أن جميع الدول ما زالت تواجه تهديد الفساد على جميع المستويات الحكومية º من إصدار التراخيص المحلية وحتى إنفاذ القوانين واللوائح التي تحكم البلدان .