الرئيسية - عربي ودولي - حكاية جندي ياباني قضى (30) عاما في الأدغال
حكاية جندي ياباني قضى (30) عاما في الأدغال
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

رحل الجندي الياباني/ هيرو أونودا عن دنياه أواخر الشهر الماضي تاركا قصة نادرة لحياته العسكرية الشجاعة في أداء الواجب والانصياع لأوامر قادته كمثال ينبغي أن يحتذي به كل جنود العالم العربي والأسيوي .. أونودا آخر جندي يستسلم بعد أن ظل رافضا وقت انتهاء الحرب العالمية الثانية ولم يصدق خسارة بلاده وإعلان استسلامها في 15 أغسطس 1945م ظنا منه أن الخبر مجرد إشاعة وخدعة من أعدائه وظل 30 عاما بعدها مختبئا في جزيرة ليوبانغ الفلبينية.. أونودا الذي كان جندي استخبارات ومدربا لحرب العصابات إبان الحرب العالمية الثانية.. بدأت قصته الغريبة في عام 1944م عندما تم إرساله إلى جزيرة ليوبانغ الفلبينية كأحد عناصر الاستخبارات الحربية للإمبراطور لجمع المعلومات عن القوات الأميركية المتمركزة هناك وصدرت له الأوامر بأن لا يغادر مكانه نهائيا حتى تصله الإمدادات.. وانصاع أونودا للأوامر مع ثلاثة جنود آخرين حتى بعد هزيمة اليابان عام 1945م حيث ظلوا يبحثون في المنطقة عن الإمدادات العسكرية ويهاجمون السكان المحليين وأحيانا يشتبكون مع القوات الفلبينية .. ولم يعلم أحد بوجوده ورفاقه في الفلبين إلا في عام 1950م عندما عاد أحد الجنود اليابانيين الثلاثة إلى بلاده وأخبر قيادة الجيش الياباني بأمرهم فقامت الطائرات اليابانية بإلقاء منشورات فوق جزيرة لوبانغ الفلبينية التي كان يختبئ فيها أونودا ورفيقاه تفيد بأن الحرب انتهت وأن الجيش الياباني خسر المعركة منذ زمن بعيد .. ولكن أونودا وزميله لم يصدقوا ذلك وظلوا في موقعهم القتالي بل واشتبكوا مع الجنود الفلبينيين عدة مرات دون أن يتمكنوا من إلقاء القبض عليهم لكن أحدهم قتل في عام1954م وبعد تسع سنوات فاشلة من البحث ظنت اليابان والفلبين أن أونودا ورفيقه توفيا فأوقفت عمليات البحث عنهما في عام 1959م وتم الإعلان عن وفاتهما رسميا .. وفي عام 1972م ظهر أونودا والجندي مع رفيقه الجندي الذي ظل على قيد الحياة في اشتباك مع جنود فلبينيين لقي فيه زميله حتفه بينما تمكن أونودا من الفرار مجددا .. بعدها أرسلت اليابان أفرادا من عائلته لإقناعه من خلال مكبرات الصوت بالعودة إلى بلاده غير أنه رفض مجرد مناقشة الفكرة ولم يقتنع أونودا بالعودة إلى بلاده إلا بعد أن أرسلت طوكيو قائده العسكري السابق وأمره بترك سلاحه وذخيرته التي كانت في حالة جيدة وأعفاه رسميا من مهمته وكان ذلك في عام 1974م وسلم أونودا سيف الساموراي الخاص به وهولا يزال يرتدي ملابس الخدمة التي تآكلت وحينها حصل أونودا على عفو من الرئيس الفلبيني فيرديناند ماركوس لقتله جنود فلبينيين واستقبل استقبال الأبطال عندما عاد إلى اليابان في مارس 1974م وتناقلت الوسائل الإعلامية اليابانية والغربية خبر عودته إلى وطنه واستقبل استقبال الأبطال ونشرت معظم الصحف العالمية مؤتمره الصحفي الذي عقده ثاني يوم من وصوله إلى طوكيو وقال أونودا في المؤتمر إن همه الوحيد خلال الثلاثة عقود التي قضاها في الغابة كان تنفيذ الأوامر .. وكتب في سيرته الذاتية التي حملت عنوان (لا استسلام ــ حربي التي استمرت ثلاثين عاما) “عندما رأيت آلاف السيارات في طوكيو تتحرك على طول الشوارع والطرق السريعة دون إشارة في أي مكان على استمرار الحرب لعنت نفسي لمدة 30 عاما في لوبانغ كنت أقوم يوميا بتلميع سلاحي لماذا كنت أفعل ذلك لمدة ثلاثين عاما كنت أظن أنني أفعل شيئا لبلدي ولكن الآن يبدو الأمر كما لو كنت تسببت في الكثير من المتاعب للكثير من الناس” وأضاف: لقد شيدت عالما خياليا يتلاءم مع القسم الذي حلفته .. قد يكون ذلك فعلا هو شعور أونودا بنفسه لكنه لا يمحو شعور الآخرين به فهو بالنسبة لليابانيين مصدر فخر ومثال للمبادئ .. وفي هذا السياق قالت عنه افتتاحية صحيفة (ماينيتشي شيمبون) اليابانية : بالنسبة لهذا الجندي كان لأداء الواجب الأولوية على المشاعر الشخصية لقد أظهر لنا أونودا أنه يوجد في الحياة ما هو أكثر بكثير من مجرد الترف المادي والسعي وراء الرغبات الشخصية هناك الجانب الروحي شيء ربما كنا قد نسيناه.