الرئيسية - عربي ودولي - الأزمة الأوكرانية تستدعي تاريخا حافلا بالأزمات مع
الأزمة الأوكرانية تستدعي تاريخا حافلا بالأزمات مع
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

يشكل التاريخ بالنسبة لكل من روسيا وأوكرانيا سلاحا في النزاع بينهما لكن العودة إلى ذكريات اليمة من ماضيهما المشترك ولاسيما حقبة الحرب العالمية الثانية قد يعيد فتح جراح يصعب أن تندمل. ومنذ عزل الرئيس الاوكراني الموالي لروسيا فيكتور يانوكوفيتش عمد السياسيون والإعلام في الجمهوريتين السوفيتيتين السابقتين إلى استنهاض اشباح الحرب العالمية الثانية اذ تبادلوا الاتهامات بـ”الفاشية” وبالسير على خطى ادولف هتلر. وان كان الاوكرانيون يرون في روسيا قوة ذات مطامع امبريالية فإن التلفزيون الروسي من جانبه يردد أن اوكرانيا باتت تحت سيطرة “فاشيين وأتباع بانديرا” بعد تظاهرات ساحة ميدان التي تتهم موسكو اليمين المتطرف بالوقوف خلفها. وستيبان بانديرا الذي قلما ورد ذكره في روسيا قبل 2014م غير انه بات حاليا على كل لسان كان زعيم المقاتلين المناهضين للسوفييت في جيش الثوار الاوكراني خلال الحرب العالمية الثانية. وواجه جيش الثوار الاوكراني الجيش الاحمر وارتكب مجازر بحق البولنديين في غرب اوكرانيا وقاتل النازيين غير انه تعاون معهم ايضا وقد التحق بعض عناصره بالقوات الخاصة في المانيا النازية. ويبقى جيش الثوار الاوكراني من اكبر المواضيع الخلافية في تاريخ الاتحاد السوفييتي وهو يثير الكثير من الانتقادات في روسيا غير انه يعتبر في غرب اوكرانيا بطل الكفاح من اجل الاستقلال. وفي خطابه التاريخي في الكرملين في 18 اذار/مارس حول ضم القرم إلى روسيا اعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن قلقه حيال الانتشار المتزايد على حد قوله لفكر بانديرا في اوكرانيا. وقال: إن “ما يريده ورثة بانديرا الاوكرانيون دمية هتلر ذاك ابان الحرب العالمية الثانية بات واضحا للجميع”. وبرر بوتين “استعادة” روسيا للقرم في عملية وصفها الغرب بـ”الضم” بواجب حماية الناطقين بالروسية في شبه الجزيرة الاوكرانية المهددة بفعل القوميين “الفاشيين” الاوكرانيين. لكن باستشهادها بشكل متكرر بجيش الثوار الاوكراني وستيبان بانديرا فإن روسيا تجازف بتعزيز مكانتهما في الوجدان الجماعي الاوكراني. وقال سيرهي ييكيلتشيك خبير اوكرانيا في جامعة فيكتوريا الكندية: إن “اسراف السلطات الروسية في تشبيه الثوار الاوكرانيين بالقوميين الاوكرانيين ابان الحرب العالمية الثانية قد يزيد في الواقع من تقبل (الاوكرانيين) للشعارات القومية والابطال القوميين”. وحذر بأنه “كلما تدخل بوتين في الشؤون الاوكرانية فان هذا التقبل سوف يزداد”. وقالت وكالة ايتار تاس الروسية للأنباء: إن الرئيس الأوكراني المعزول فيكتور يانوكوفيتش دعا الجمعة إلى أن تجري كل مناطق البلاد استفتاء على وضعها داخل أوكرانيا بدلا من إجراء انتخابات رئاسية في 25 مايو القادم. ونقلت الوكالة عن يانوكوفيتش الذي فر إلى روسيا في فبراير قوله في كلمة لشعب أوكرانيا: “أنا معكم كرئيس بكل أفكاري وروحي وأدعو كل مواطن عاقل في أوكرانيا إلى عدم الاستسلام للمحتالين! طالبوا بإجراء استفتاء على وضع كل منطقة داخل أوكرانيا.” وجاءت تصريحات يانوكوفيتش بعد أن ضمت موسكو شبه جزيرة القرم عقب استفتاء اختار فيه السكان الانفصال عن أوكرانيا وتردد تصريحاته دعوة روسيا لقادة كييف الجدد لإجراء إصلاحات دستورية تمنح سلطات أكبر لمناطق البلاد. وقال الرئيس المعزول: “يمكن فقط لاستفتاء في كل أوكرانيا وليس انتخابات رئاسية مبكرة أن يؤدي بشكل كبير إلى استقرار الوضع السياسي ويحافظ على سيادة ووحدة أراضي أوكرانيا.” وتبقى أوكرانيا منقسمة بشدة بسبب احتجاجات أدت إلى الإطاحة بيانوكوفيتش وتتشكك كثير من المناطق الشرقية الناطقة بالروسية في سياسات الحكومة الجديدة في كييف. وكان الاوكرانيون يشتكون كثيرا من روسيا حتى قبل اندلاع الازمة الدبلوماسية الحالية. ويتهم بعض الاوكرانيين الروس حتى بأنهم سرقوا منهم تسمية “روس” وهو كان اسم اول دولة سلافية انشئت حول كييف تاركين لبلادهم اسما يعني “منطقة حدودية”. كما أن العديد من الاوكرانيين لم يغفروا حتى الآن للسلطات الروسية المعاصرة رفضها الاقرار بمسؤولية موسكو في المجاعة التي نظمها ستالين في ثلاثينيات القرن الماضي وقتلت ملايين الاوكرانيين. كما اخذ بعض السياسيين ووسائل الاعلام في اوكرانيا يشبهون السلطات الروسية بالنازيين وهو ما يثير الغضب الشديد في روسيا خصوصا وأنها تتباهى بهزمها المانيا النازية في الحرب العالمية الثانية التي يشار اليها في روسيا بـ”الحرب الوطنية الكبرى”. وفي موسكو يؤكد البرلمانيون الذي صادقوا على قانون ضم القرم إلى روسيا انهم يواصلون الكفاح السوفييتي ضد الفاشيين خلال الحرب العالمية الثانية. وعلقوا على ياقات ستراتهم وسام القديس جرجس الذي اضحى في السنوات الاخيرة في روسيا رمزا للانتصار السوفياتي على المانيا النازية. وقال البروفسور ييكيلتشيك: إن “الكفاح من اجل حقوق الناطقين بالروسية يمثل في الخطاب الرسمي الروسي الاستمرار الرمزي للحرب الوطنية الكبرى”.