الرئيسية - عربي ودولي - البرازيل تواجه ماضيها بعد 50 عاما على الانقلاب العسكري
البرازيل تواجه ماضيها بعد 50 عاما على الانقلاب العسكري
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

بعد خمسين على انقلاب 1965 الذي تحل ذكراه اليوم ما زالت البرازيل البلد الوحيد في اميركا الجنوبية الذي لم يجر محاكمات بعد لجرائم الديكتاتورية على رغم تشكيل لجنة للحقيقة لم تحرز سوى تقدم طفيف. وقد ترافقت العودة الى الديموقراطية في 1985 مع افلات مسؤولين عن انتهاكات حقوق الانسان من العقاب. وقال فيرجيليو ارياس استاذ التاريخ في جامعة برازيليا “توصلت الارجنتين والتشيلي والاورغواي الى الحقيقة وحاكمت المسؤولين عن اعمال القمع. اما في البرازيل التي انتقلت الى الديموقراطية فقد راهنت النخبة على النسيان على غرار ما حصل في اسبانيا الى حد ما. وتقل اعمار نصف الشعب اليوم عن 30 عاما ولا يعرفون شيئا عن تلك الفترة”. وتتزامن الذكرى الخمسون للانقلاب مع المرحلة الاخيرة من اعمال لجنة الحقيقة التي تعد اهم خطوة اتخذتها البرازيل لكشف ملابسات تلك “الفترة القاتمة” التي استمرت 21 عاما وحصدت 400 قتيل على الاقل. وقد اسست هذه اللجنة في 16 (مايو) 2012م الرئيسة ديلما روسيف التي سجنها النظام العسكري وأخضعها للتعذيب على ان تنهي اعمالها في (ديسمبر). وفي تصريح لوكالة فرانس برس قال جير كريشك رئيس حركة عدالة وحقوق الانسان التي تجري تحقيقا حول الديكتاتورية منذ سنوات ان “لجنة الحقيقة هي الفرصة الاخيرة لكشف ملابسات تاريخنا. وسيشكل تقريرها النهائي تقدما مهما لخدمة ذاكرة البلاد”.

وقد اعدت اللجنة حتى الآن تقريرا مفصلا عن عمليات القمع التي صدرت اوامر على مستويات الدولة للقيام بها مشيرة الى ان مراكز التعذيب كانت تقام حتى في الجامعات. وتعترف البرازيل رسميا بمقتل واختفاء حوالى 400 شخص (كذلك تعذيب 20 الفا) في مقابل 30 الف قتيل في الارجنتين وما يفوق 3200 قتيل في تشيلي. وتعتبر اللجنة ان عدد الضحايا قد يفوق العدد المعروف بسبب وجود قتلى “مجهولين” من سكان البلاد الاصليين والفلاحين كما تقول ماريا ريتا كيل العضو في اللجنة. ويقول الاستاذ في جامعة ساو باولو الرسمية ماركوس دل رويو “مورست ضغوط لاجراء الاصلاح الزراعي وتعرضت المنظمات الفلاحية للتنكيل”. واكد كريشك ان “الديكتاتورية البرازيلية كانت اشد توحشا من الديكتاتوريات الاخرى واشد خبثا. فقد حرص العسكريون على الا يخلفوا اي اثر وراءهم”. وتوسعت تحقيقات اللجنة لتشمل البلدان المجاورة في اطار خطة كوندور التي اقامتها الديكتاتوريات في اميركا اللاتينية في السبعينات والثمانينيات. وفي منتصف نوفمبر نبش رفات الرئيس البرازيلي السابق جواو غولارت الذي اطاحه انقلاب وتوفي في 1976م في الارجنتين لمعرفة هل مات مسموما ام لا. وفي خضم الحرب الباردة وانقسام العالم بين الكتلتين الشيوعية والرأسمالية كانت القطاعات المحافظة في البرازيل تتخوف من انحراف حكومة غولارت الى اليسار. واكد دل رويو ان “الانقلاب وحد المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة واكثرية طبقات الملاكين وقسم كبير من البورجوازية”. وقالت سيسيليا كوامبرا نائبة رئيسة مجموعة “لن يتكرر التعذيب” لوكالة فرانس برس ان “التقدم الذي احرزته لجنة الحقيقة طفيف جدا فالمحفوظات العسكرية لم تفتح. نعرف امورا قليلة جدا عن تلك الفترة حتى نحن الذين زج بنا في السجون وتعرضنا للتعذيب وبقينا على قيد الحياة. وهذا الانعدام للشفافية هو نوع من التعذيب الدائم لنا”. وتعتبر عائلات الضحايا والمفقودين ان اللجنة ولدت مقيدة لانها انشئت في اطار قانون العفو العام في 1979م. واعتبرت محكمة الدول الاميركية لحقوق الانسان في 2010م ان هذا القانون الذي اتاح عودة المنفيين السياسيين لكنه يحمي ايضا الجهات المسؤولة عن التعذيب “لم يسفر عن نتائج قانونية” فيما لا تزال المحكمة البرازيلية العليا تعتبره ساري المفعول. وتولى حكم البرازيل في السنوات العشرين الماضية رؤساء تصدوا للديكتاتورية مثل فرناندو انريكي كاردوزو (1995-2002م) ولويس ايناسيو لولا دا سيلفا (2002- 2010م) وديلما روسيف. وقد اصطدموا جميعا بمقاومة شديدة ابداها المسؤولون العسكريون الذين يرفضون كشف خفايا تلك المرحلة.