الرئيسية - عربي ودولي - عمال العالم يطالبون بتحسين ظروفهم بعد 124 عاما من النضال المتواصل
عمال العالم يطالبون بتحسين ظروفهم بعد 124 عاما من النضال المتواصل
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

تحتفل بلادنا اليوم مع سائر دول العالم بعيد العمال العالمي الرابع والعشرين بعد المائة الذي يصادف الأول من مايو من كل عام وذلك تكريماٍ لهم ولدورهم وتقديراٍ للعامل وجهده وعرقه وتعاطفاٍ معه ومساندته في جميع مجالات العمل حيث تأتي هذه المناسبة في وقت تراجعت فيه حقوق العمال وكذا بيئة العمل وتوسع البطالة وتنامي النفوذ الرأس مالي والعولمة التي أسهمت بالتحكم في اقتصاديات دول العالم خاصة في ظل الظروف الراهنة مما أدى إلى سحق جهود ومكتسبات حقوق العمال.. وتعتبر هذه الاحتفالية مناسبة هامة نتذكر من خلالها إنجازات العمال الهادفة لتطور الوطن ورقيه وازدهاره ولنستذكر ما تحقق لعالمنا من نماء في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية وتعدد الخدمات العمالية لتشمل المتطلبات الأساسية في حياة العامل من تهيئة لفرص العمل والتدريب والتثقيف العمالي والتنسيق مع الشركاء الاجتماعيين لتوفير بيئة عمل آمنة ومستقرة كما تعد مناسبة لتقديم أجمل معاني الوفاء لكل السواعد التي أسهمت وتسهم كل يوم في ازدهار البلد واقتصاده.. وستقام بهذه المناسبة احتفالات تكريمية في معظم دول العالم يتم من خلالها تكريم المبرزين في مختلف ميادين العمل والإنتاج كتقليد سنوي تأكيداٍ على الدور الذي تلعبه شريحة العمال في رفاهية المجتمع وتطوره وخدمة الوطن والمواطن باعتبارهم المحرك الأساس لعملية التنمية المستدامة.. يذكر أن عيد العمال العالمي أو يوم العمال هو احتفال سنوي يقام حول العالم احتفاءٍ بالعمال وهو يوم عطلة رسمي في العديد من الدول.. وتنحصر مطالب العمال (وهم شريحة واسعة في كل الأوطان) في مطلبين أساسيين هما: الأجور العادلة مقابل الجهد الذي يقومون به وكذا الأمن الوظيفي وهي المعضلة الكبرى التي يواجهها العمال في كل دول العالم رغم وجود العديد من القوانين والمواثيق إلا أن أرباب العمل ما زالوا هم المتحكمين في مصير الكثير من العمال وأسرهم.. ورغم أهمية الدور الذي يلعبونه فقد تعرض العمال لشتى صنوف القهر والتعذيب والعمل في الظروف القاسية وغير الملائمة وليس أدل على ذلك من نظرة سريعة إلى التاريخ الذي يخبرنا عما تعرض له العمال في أغلب الحضارات القديمة فكانوا يستعبدون ويستغلون في أعمال قاسية شاقة دون تأمين مستلزمات راحتهم الحياتية فكانوا يجبرون على العمل في المناجم وتعبيد الطرق وبناء القصور والأسوار وغيرها.. الحركة العمالية في اليمن وللحركة العمالية في اليمن تاريخ طويل على مسار حركة النضال الوطني والمشاركة في حركة التغيير التي شهدتها اليمن إذ لم يقتصر دور العمال على العمل المهني في مجال النهضة العمرانية والخدماتية والصناعية بل تعداه إلى المساهمة في العمل الوطني.. ففي شمال الوطن (سابقاٍ) شارك العمال -الذين طردتهم السلطة البريطانية من عدن بسبب مشاركتهم في المظاهرات المعادية لها- شاركوا لحظة إعلان ثورة السادس والعشرين من سبتمبر في الدفاع عن الثورة – تحديداٍ في مدينة تعز- وكذلك في الدفاع عنها أما في جنوب الوطن (سابقاٍ) فكان للحركة العمالية باع طويل في توحيد الحركة الوطنية اليمنية ومجابهة المخططات البريطانية وامتد دورهم في دعم ثورة السادس والعشرين من سبتمبر والدفاع عنها والمشاركة الفعلية في ثورة الرابع عشر من اكتوبر.. وكانت بداية ظهور الحركة العمالية عندما تزايد عدد العمال اليمنيين خاصة من بداية القرن العشرين لكنهم كانوا محرومين من كل حقوقهم المشروعة ولم تكن قد تشكلت بعد النقابات العمالية ولم يكن هناك أي شكل من أشكال التفاهم بين العمال وأرباب العمل بل كانت سلطة رب العمل مطلقة والأجور منخفضة بشكل كبير وكان العمال محرومين من العطل الرسمية والأسبوعية والسنوية والمرضية ولا يحصلون على ضمانات اجتماعية أو نقودية أو رعاية صحية أو علاوات.. وشكل قانون تنظيم العمل الذي أصدره الاحتلال البريطاني عام 1948 أول اعتراف بحقوق العمال في إنشاء النقابات العمالية والنوادي والجمعيات الاجتماعية والثقافية لكن القانون لم يلب الحقوق الكاملة للعمال وأعطى مسجل النقابات -وهو بريطاني- صلاحيات كبيرة تتعلق في قبول تسجيل النقابات أو في حلها.. وفي نوفمبر 1955م شكل الوطنيون الجبهة الوطنية المتحدة وفي مارس 1956م عقد مؤتمر العمال الذي ساهم في تعميق الوحدة الوطنية لكون العمال المنظمين فيه ينحدرون من كل المناطق في عموم الساحة اليمنية.. بداية الفكرة وقد ولدت هذه الفكرة في أستراليا عندما قرر العمال سنة 1856م تنظيم يوم للتوقف الكامل عن العمل مصحوب باجتماعاتُ وتسلياتُ تأييداٍ ليوم عمل ذي ثماني ساعات وفي البداية كان مقرراٍ أن يكون هذا الاحتفال في الحادي والعشرين من ابريل وكان العمال الأستراليون يريدون أن يحتفلوا هذا الاحتفال للعام 1856 فقط لكن الاحتفال الأول كان له وقع شديد على جماهير البروليتاريا في أستراليا رافعاٍ معنوياتهم ودافعاٍ إياهم نحو تحريض جديد وهكذا تقرر أن يقام الاحتفال كل عام.. وكان العمال الأميركيون أول من حذا حذو العمال الأستراليين حيث نجحت مجموعة من القيادات النقابية في تكوين هيئة قومية للعمال عام 1886م وهى الاتحاد الأميركي للعمل وتبنى هذا الاتحاد الدعوة لاعتبار يوم الأول من مايو 1886م يوماٍ للإضراب العام من أجل مطلب يوم العمل ذي الثماني ساعات في جميع الصناعات.. وجاء أول مايو 1886م ليشهد أكبر عدد من الإضرابات العمالية في يوم واحد في تاريخ أمريكا حيث وصل عدد الإضرابات التي أعلنت في هذا اليوم نحو خمسة آلاف إضراب واشترك في المظاهرات 340 ألف عامل وكان الشعار المطلبي المشترك لأحداث هذا اليوم هو “من اليوم ليس على أي عامل أن يعمل أكثر من 8 ساعات… وعلى إثر نجاح الإضراب دعا عمال شيكاغو التي كانت أكثر المناطق التي شهدت تظاهرات ضخمة إلى تمديد الإضراب يومي 3 مايو و 4 مايو 1886م حيث دعا لاجتماع سلمي في هاي ماركت إلا أنه تعرض لقمع السلطات الأميركية التي فتحت النيران على العمال بحجة قيام العمال بإطلاق النار على الشرطة مما أدى إلى مقتل أكثر من 200 عامل واعتقلت الشرطة عدداٍ من القادة النقابيين حكمت على ثمانية منهم بالإعدام وسجنت البقية لسنوات تراوحت بين 3 – 15 سنة.. وبالفعل فإن أحداث ذلك العام أصبحت في كل عام بمثابة صرخة مدوية لعمال العالم تدعوهم للوحدة من أجل الدفاع عن حقوقهم وانتزاع المكاسب لهم للعيش بكرامة إنسانية.. وكان قرار قد صدر من قبل الجناح اليساري الماركسي في الأممية في باريس في يوليو 1889م بمناسبة العيد المئوي للثورة الفرنسية دعا لمظاهرات عمالية أممية في نفس اليوم وبنفس المطالب.. وقرر اتحاد العمل الأميركي أن ينظم مظاهرات مشابهة في الأول من مايو 1890م وهو نفس اليوم الذي حدد للتظاهر في أوروبا ولم تكن الدعوة لحدث سنوي بل ليوم واحد محدد بل ولم تكن الأحزاب الاشتراكية التي دعت لهذا اليوم تضع أهمية ضخمة عليه ولكن الذي حدث في مظاهرات أول مايو 1890م فاق كل التوقعات وقد كان أحد أسباب ذلك هو التوقيت من الناحية السياسية فقد تزامنت تلك اللحظة السياسية مع انتصارات هامة للحركة العمالية وتقدم كبير في وعي وثقة الطبقات العاملة الأوروبية مما اجبر مالكي الشركات والمصانع إلى الخضوع لمطالب العمال.. الجدير ذكره أن المحاولات الأولى لإنشاء أول منظمة نقابية كانت في بريطانيا عام 1831م عندما تأسست “الجمعية الوطنية لحماية العمال” وبعد ذلك وفي عام 1834م تأسست على يد روبرت أوين “النقابة الموحدة الوطنية العظمى” ومنذ ذلك الحين بدأت تنتشر في أوروبا فكرة إنشاء النقابات للدفاع عن مصالح العمال ولكنها كانت تجابه بقمع الشرطة ففي فرنسا ظل التنظيم النقابي ممنوعاٍ حتى 1884م أما في إيطاليا فإن الإضراب عن العمل ظل ممنوعاٍ حتى 1889م وفي ألمانيا سمح فقط للعاملين في مجال الصناعة بالانتماء النقابي تحت شروط كثيرة ومختلفة وفي الولايات المتحدة ورغم السماح للنقابات بالعمل فقد ظل القانون الأميركي لا يتعامل مع النقابات حتى نهاية القرن التاسع عشر..