الجمعة 29 مارس 2024 م
الرئيسية - الدين والحياة - الحريات في الإسلام
الحريات في الإسلام
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

إن الله تعالى قد خلق الناس أحراراٍ فالله – تعالى أراد أن يطيعه الإنسان عن حب واختيار ولذلك قال تعالى “ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين. ومن كلام الفاروق رضي الله عنه: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراٍ¿. والحرية في الإسلام أنواع متعددة يمكن تقسيمها إلى مالي: 1 – حرية العقل حيث أعطى للإنسان الحق بل أوجب عليه أن يفكر في الكون كله سماواته وما فيها. أرض وما عليها واعتبر التفكر من أعظم العبادات ومن صفات أولي الألباب حيث قال تعالى “الذين يتفكرون في خلق السماوات والأرض” ودعوة الإسلام إلى التفكر في كل ما في الكون تهدف إلى أمرين: الأول: تعميق الإيمان بالله تبارك وتعالى. الثاني: الاستفادة من نعيم الله في الكون حيث أن الجمع بين العقل والطاقة البشرية والمواد الخام المتاحة في أية بيئة الجمع بين الثلاثة في عملية استكشاف وتسخير واستفادة من نعم الله هو محصلة التقدم والنهضة في أي مجتمع. فعلى سبيل المثال: اليابان بعد حرب عالمية مدمرة أعملت عقول أبنائها مع طاقاتهم وسواعدهم في الخامات المتاحة في بيتهم تصبح دولة صايعة على أعلى مستوى. والمسلمون الأوائل فهموا الإسلام على هذا النحو لذلك أحرزوا تقدماٍ في كل مجالات الحياة وتمكنوا من الدنيا فاستطاعوا أ يْمكنوا لدين الله ولذلك قال الله تعالى: فيهم” الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور. أما المسلمون الأواخر الذين عرفوا الإسلام على أنه مجموعة العقائد والشعائر والعبادات يضاف إليها مكارم الأخلاق وفقط فهؤلاء تخلفوا عن ركب الحضارة لأنهم إن صح التعبير مسلمون يعيشون بنصف إسلام وأهملوا النصف الآخر الذي يحقق التنمية والنهضة والارتقاء بحياة الإنسان إلى المستوى اللائق به كمخلوق خلقه الله حْراٍ وكرمه وأمر الملائكة بالسجود له وبالتالي فقد أصبحوا تابعين لسادة هم الذين صنعوهم بأيديهم منذ البدء حيث كان الإعجاب بالدولة الإسلامية في كل مجالات الحياة المختلفة وليس في حال المسلمين اليوم شيء يدعو إلى الإعجاب. لذلك أطلق الإسلام حرية العقل ولم يحظر إلا التفكير في الذات الألئهية لأن الطريق مسدود والتفكير فيما يضر الآخرين كل الآخرين لأن المسلم إيجابي في تفكيره يحرص على نفع الناس جميعاٍ. 2 – حرية الشهوات: والإسلام الذي وسع في حرية العقل قيد حرية الشهوات لأن إطلاق حرية الشهوات لا يأتي بخيرلذلك فإن الإسلام لم يصادر عليها ولكن نظمها ووجهها الوجهة النافعة المفيدة بحيث لا يْمس الفرد بضرر ولا يلحق بالمجتمع أية أضرار. ومن النصوص الواردة في هذا الشأن قوله تعالى “والذين هم لفروجهم حافظون. إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين” هذا فيما يتعلق بشهوة الجنس. وفيما يتعلق بشهوة الطعام والشراب قوله صلى الله عليه وسلم: “ما أكل أحد طعاماٍ قط خير من أن يأكل من عمل يده”. ومن ثم يحدد الشرع المسار السليم للشهوات التي فطر الله الناس عليها. 3 – حرية الاعتقاد: قال تعالى: “لا إكراه في الدين” وهذا يتفق مع منطق العقل السليم لأن الإكراه على الفضيلة لا يخلق إنساناٍ فاضلاٍ. لذلك رفض الإسلام الإكراه – وجعل الدعوة إليه بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن للاقناع. ومن جهة أخرى فإن الإسلام في جميع تشريعاته يتفق مع الفطرة السليمة والعقل السوى . قال تعالى “فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون”. وقد قرر فقهاء الإسلام أنه: “إذا وْجد صبي لا يْعرف نسبه بين مسلم وكافر فقال الكافر: هو أبني وقال المسلم هو عبدي يحكم بحريته وبنوته للكافر فما أعظم تقدير الإسلام لنعمة الحرية. 4 – حرية الكلمة أو حرية التعبير: لم يمنع الإسلام النقد البناء والنصح الحقيق الهادف إلى خير المجتمع وفي ذلك يقول صلى الله عليه وسلم “الدين النصيحة “ثلاثا” قلنا لمن¿ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم”. ولأن مسئولية الكلمة مسئولية عظيمة وخطيرة فهناك أنواع من الكلام نهى عنها الإسلام وحرمها ومنها: الكذب وشهادة الزور والسب والقذف الغيبة والنميمة وترويج الشائعات والأخبار الكاذبة وما شابه ذلك من الكلام الذي يؤدي إلى انتشار روح العداوة والكراهية لذلك قال صلى الله عليه وسلم من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراٍ أو ليصمت. 5 – حرية العمل قال تعالى: “أنا لا نضيع أجر من أحسن عملاٍ” وقد قيد الإسلام العمل بأن يكون نافعاٍ وأن تكون المصلحة فيه معتبرة شرعاٍ واشترط له الصدق والأمانة واجتناب الغش والرشوة وغيرهما من الآفات الأخلاقية وهكذا فلاحظ أن كل نوع من هذه الحريات المختلفة عليه قيود وضوابط شرعية ذلك حفظاٍ لأمن المجتمع وسلامته وتماسكه ووحدته فالإسلام دين يدعو إلى الانضباط في التفكير وفي الكلام وفي السلوك بل في المشاعر والعواطف والانفعالات وبذلك يستقيم أمر المجتمع وصلى الله تعلى على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماٍ كثيراٍ والحمد لله رب العالمين.

● نائب رئيس البعثة الأزهرية