الرئيسية - الدين والحياة - خصائص خطبة الجمعة
خصائص خطبة الجمعة
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

من المهم بمكان أن يستوعب الخطيب خصائص ومقومات خطبة الجمعة حتى يدرك عظمة الرسالة التي يؤديها جاعلاٍ من التوظيف العملي للخطبة الهدف الأسمى لمخاطبة الجميع متوسعاٍ في الإطار الشمولي لمضمون رسالته المناسبة لمختلف المشارب الفقهية حيث تتجلى رسالة المنبر في تجاوزه للمسميات وغلبة خطابه العام للتقسيمات والانتماءات الدينية والاجتماعية والسياسية وبالتالي قدرة خطاب المنبر على مخاطبة الجميع وفقاٍ للأرضية المناسبة والملائمة التي أسسها الخطيب لنفسه وهو يتخاطب مع كافة هذه التوجهات المختلفة بحكم ملكته الفكرية وكفاءِته الخطابية وجوامع كلمته الإبداعية بعد أن حقق التقارب والتآلف بين مختلف الفئات الحاضرة وهذا بالضبط ما يجعل لخطبة الجمعة الدور الرئيسي في خلق ثقافة مجتمعية متفاعلة مع ما يطرحه الخطيب من مواضيع اجتماعية متعلقة بالصالح العام ولعل همسات وأسلوب الخطيب في تناوله لهذه القضايا من أهم الأمور التي تضمن التناغم والانسجام بين مختلف الفصائل . وبالنظر إلى العدد الهائل لخطب الجمعة الملقاة في مختلف مساجد الجمهورية بصورة أسبوعية سنجد أن خطبة الجمعة تمثل برنامجاٍ توعوياٍ مكثفاٍ يتميز بالتجديد في الطرح والمواكبة مع المستجدات والمتغيرات الطارئة كما أن خطبة الجمعة يتميز الحضور فيها بالاستجابة الفطرية لمضمونها بدليل حرص الناس على المبادرة إليها ولا يمكن أن نتجاهل هنا ونحن نستعرض خصائص الخطبة إنها ثابتة في كل الظروف المحيطة بالمجتمع ووقتها وزمانها لا يقبلان بأي حال من الأحوال التغيير ولا التأجيل ولا حتى التأخير مهما تدهورت الحالة الأمنية وتفاقمت الأوضاع والمناخات السياسية والاجتماعية في أي مجتمع مسلم فهي ثابتة في السلم والحرب وفي سائر الظروف ولعل من أهم النقاط التي يجب التركيز عليها بعد ذكرنا لهذه الخصائص …أن نسأل أنفسنا ألا تستحق منا خطبة الجمعة الاهتمام والرعاية والاستفادة منها بكل ما نملك من جهد وإمكانيات حتى نجعل من هذا المنبر الحر والمباشر قناة إرشادية مؤثرة نواجه من خلالها كل ما يهدد كياننا وسلمنا الاجتماعي وهلم جرا من المشاكل التي يعاني منها مجتمعنا اليمني على كافة الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وحتى الجوانب الأخلاقية والتعاملية … كل هذه القضايا وما زال الناس ينتظرون من منبر المسجد كسر جدار الصمت الذي يلازم مناقشة ما يهمهم من زاوية الحلول والمعالجات المنبثقة من رؤية الدين ومقاصد الشريعة التي تحتم علي الخطباء إرشاد الناس وتعليمهم وتذكيرهم بالكلمة الصادقة والعبارة المؤثرة والدعوة الحكيمة المحكمة لرسم سبل الرشاد وطرق النجاة … فهل يدرك أرباب المنبر ومتصدرو الدعوة أن وقع الكلمة وتأثيرها على النفوس أعظم وقعاٍ وأجدى تأثيراٍ من حد السيف وغلبة القوة خصوصاٍ إن كانت هذه الكلمة صادقة ونابعة من نية خالصة تحرص كل الحرص على حياة ومصالح العباد والبلاد من منطلق حب المتكلم لسامعيه وخوفه عليهم من تجاوز الحد والمبالغة في التقصير … ولا شك عند ذلك أننا سنصل إلى شغاف القلوب محققين التغيير الحقيقي البناء والخلاب في سلوكيات المجتمع ولعل سر النجاح يكمن في قدره الخطيب على توظيفه العملي والمنهجي لرسالة المنبر لأن الناس في وقتنا الحاضر يأخذون دينهم وينهلون علومهم الدينية التعبدية منها والتعاملية من المسجد وهذا ما يحتم رفع الهمة أمام هذه المسئولية الكبيرة . ورفع الهمة في مجال الخطابة يعتمد كلياٍ على الرؤية العميقة للخطيب للواقع الذي يعيشه فلسنا بحاجة إلى خطاب الجمعة الذي يختزل جهده ووقته في التحليلات السياسية والقضايا الهامشية وإفراطه في تناول بعض الأحداث التي يحتمل فيها الصواب والخطأ بغية أن يستعرض اجتهاداته المبطنة في مفردات كلامه وهو بذلك يعتمد التوبيخ والتجريح لأصحاب ذاك الرأي أو لدعاة تلك النظرية حاكماٍ عليهم بالمخالفة إن لم يتجاوز في كلامه إلى النبذ والتحذير منهم .. ولأن هذه الظاهرة أصبحت واقعاٍ ملموساٍ في بعض المساجد … وجد الناس أنفسهم في مواجهة احتكار الخطيب لمنبره وتسخيره لمصالحه وآرائه الضيقة وهذا مما لا يمكن للخطيب أن يتواجد فيه باعتباره مظلة واسعة تتسع لمختلف الآراء ..والأحرى أن يكون مكان الخطيب في المكان والموضوع الذي يتعلق بمصالح الناس ويجب أن تكون كلمته صادقة وواضحة تعكس رؤية الدين حول الحدث المعاش والقضية المطروحة والتوسط والاعتدال هي رسالة المنبر وأسلوب الخطيب المتزن والمسئول عن كلامه فالانتقاد المباشر للمصلين في تهاونهم مع الصلاة علي سبيل المثال قد لا يجدي نفعاٍ طالما وكان أسلوب المتكلم التنفير والتحذير والعقاب والنار والويل والهلاك وما إلى ذلك من زرع اليأس والإحباط في النفوس …بدلاٍ عن ذلك كان يمكن للخطيب أن يتناول موضوع التهاون في الصلاة بلغة التفاؤل والأمل من خلال استعراض فضائل الصلاة ومحاسنها ودرجات المصلين ومقاماتهم …والفرق بين الطرحين بسيط جداٍ لا يحتاج إلى إلا إلى حس مرهف وروح متفائلة ورؤية ثاقبة تحمل البعد الروحي لرسالة المنبر …. في الأخير أتمنى أن يسأل كل خطيب نفسه …ترى ماذا حقق من خلال الخطابة طيلة مدة اعتلائه المنبر¿ هل تصححت أخطاء تربوية ¿ هل استطعت حل مشاكل اجتماعية في إطار محيط مسجدك ¿ هذه الأسئلة لا تعني الفشل بقدر ما تعني تصحيح المسار وتلافي القصور وإعادة بلورة الأسلوب .